كتبت “الحرة”: تتراوح ردود فعل الدول العربية تجاه استيلاء الجيش السوداني على السلطة بين الصمت أو الدعوة إلى ضبط النفس، باستثناء توافق وزير خارجية السعودية، فيصل بن فرحان، مع نظيره الأميركي، أنتوني بلينكن، على “إدانة استيلاء الجيش السوداني على السلطة”، وفق بيان أميركي .
وتأتي هذه الاضطرابات في وقت يحتاج فيه جيران السودان لدوره في ملفات بعينها، مثل ملف سد النهضة، بينما قد تختلف خطط العواصم العربية الكبرى للتعامل مع ما حدث.
ولم تدن بيانات رسمية أصدرتها دول عربية قرارات قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، التي أطاحت، الاثنين الماضي، الشركاء المدنيين من الحكم خلال المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد، وجاءت معظمها فضفاضة تعبر عن القلق من الأوضاع، ولم تصف ما حدث بـ”انقلاب”.
وقالت وزارة الخارجية السعودية، في بيان، إن المملكة “تتابع بقلق واهتمام بالغ الأحداث الجارية في جمهورية السودان الشقيقة، وتدعو إلى أهمية ضبط النفس والتهدئة وعدم التصعيد، والحفاظ على كل ما تحقق من مكتسبات سياسية واقتصادية وكل ما يهدف إلى حماية وحدة الصف بين جميع المكونات السياسية في السودان الشقيق”.
لكن بيانا لوزارة الخارجية الأميركية ذكر، الأربعاء، إن الوزير، أنتوني بلينكن، ونظيره السعودي، فيصل بن فرحان، “أدانا استيلاء الجيش السوداني على السلطة وتأثيره على استقرار السودان والمنطقة “.
وأوضح البيان، الذي صدر عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، أن بلينكن أجرى اتصالا هاتفيا مع بن فرحان، حيث “ناقشا أهمية التزام كافة الأطراف بالإطار المحدد في الإعلان الدستوري، واتفاق جوبا للسلام”، وشددا على أن “عدم الالتزام بذلك سيعرض الدعم الدولي للسودان للخطر”.
ويقول الخبير العسكري والباحث الاستراتيجي، سمير راغب، لموقع “الحرة”، إن عددا كبيرا من الشركاء المدنيين (قوى الحرية والتغيير) كانوا يميلون إلى الحاضنة الأفريقية بدلا من العربية “وبالتالي كان من غير الطبيعي أن تدافع مراكز تأثير في دول الاعتدال العربي عنهم”.
وفي المقابل، يصف الكاتب والمحلل السياسي السعودي، عبد الرحمن الملحم، حكومة رئيس الوزراء السوداني المقال عبد الله حمدوك بـ”الأفضل” مقارنة بالحكومات السودانية السابقة، وذلك بالنظر إلى قرارتها الاقتصادية.
وفي بيان مصر، قالت الجارة العربية الأقرب جغرافيا للسودان إنها “تدعو كل الأطراف السودانية الشقيقة، في إطار المسؤولية وضبط النفس، لتغليب المصلحة العليا للوطن والتوافق الوطني”.
ولم تختلف بيانات الإمارات وقطر وليبيا كثيرا عن بياني مصر والسعودية.
ورغم إطاحة “الحكومة الأفضل” كما يقول الملحم، فهو يشدد في نفس الوقت على أن دول مجلس التعاون الخليجي اعتادت على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. وهو نفس المبدأ الذي تعتمد عليه أيضا السياسة الخارجية المصرية.
وأضاف “أعتقد أن الدول العربية لن تألو جهدا في مساعدة السودان، وربما تنعقد مشاورات لإنقاذ الوضع”، مشيرا إلى ما وصفها بـ”الصداقة القوية” بين الرياض والخرطوم، بالنظر إلى علاقاتهما الاقتصادية والاستثمارات الكبيرة بينهما.
ويقول راغب إن المكون العسكري في السلطة الانتقالية لم يكن على خلاف مع مصر الذي أجرى جيشها تدريبات عسكرية مشتركة مع السودان أكثر من مرة. فيما بدا الوضع مختلفا مع المكون المدني، خاصة فيما يتعلق بأزمة سد النهضة.
ويسعى السودان، مع مصر، للتوصل إلى اتفاق ملزم حول تشغيل سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا بالقرب من الحدود السودانية.
ورغم تعثر المحادثات، بدأت إثيوبيا ملء الخزان خلف السد، فيما يقول السودان إنه قد يعرض مواطنيه والسدود ومنشآت المياه للخطر.
يقول راغب إن رؤية حمدوك كانت متقاربة مع المكون العسكري فيما يتعلق بمصر، “وإن كانت مواقف وزير الري ياسر عباس في أزمة السد لم تتفق في كثير من الأحيان مع الرؤية المصرية، حتى بدت مخالفة للاتجاه العام للسودان”، على حد قوله.
ويلقي راغب الضوء على تعال بعض الأصوات داخل المكون المدني اعتراضا على ما وصف بالانحياز السوداني لمصر في أزمة سد النهضة “رغم أن هذا الانحياز كان لصالح السودان وليس مجاملة للقاهرة، فالخرطوم كانت أكثر المتضررين من انهيار السد”.