اندريه قصاص Andre Kassas
الانطباع الأولي عن الزيارة الخاطفة التي قام بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي للعراق ولقائه نظيره العراقي مصطفى الكاظمي يشير إلى إرتياح لبناني إلى المواضيع التي تمّ بحثها بين الجانبين، وبالأخص ملف النفط العراقي، الذي تعثّرت المفاوضات في شأنه في السابق لأسباب لا تزال غامضة، وإن سرت شائعات بأن هناك من دخل على خطّ المفاوضات من باب “الكوميسيون”.
كان يُقال، ومنذ كان العراق مصدر رزق الكثيرين من اللبنانيين قبل إنفتاحهم على دول الخليج العربي، أن الترياق يأتي من العراق، أرض المنّ والسلوى.
وعلى رغم ما يمرّ به العراق اليوم من صعوبات جمّة فإنه لا يزال قادرًا على أن تكون لديه مساهمات إيجابية، وفق إمكاناته المتاحة، في مدّ لبنان بما يحتاج إليه من نفط، ولو غير مكرر، مع ما يشكّله من إمتداد حيوي للتجارة اللبنانية، صناعيًا وزراعيًا، مع الأخذ في الإعتبار الظروف التي يمرّ بها كل من البلدين، والتي يحلو للبعض الربط بينها، ولو من قبيل التأثيرات الخارجية على الوضعية الداخلية لكل منهما، مع العلم أن العوامل الجغرافية والنفسية تختلف إلى حدّ كبير في كلا البلدين.
المهمّ في الموضوع، وهذا ما يعني اللبنانيين أكثر مما سينتج عن زيارة العراق، أن رئيس حكومة لبنان المجمّدة أعمالها حتى إشعار آخر، لا يترك فرصة سانحة إلاّ ويحاول الإفادة منها بما يتيسّر له من إمكانات متاحة لتوفير مناخات ملائمة لإنجاح خطّة التعافي، التي تبقى الشغل الشاغل له، على رغم الظروف المعاكسة التي تواجهه من الداخل، بعد التطورات الأخيرة والإنعكاسات الخطيرة لتداعيات حوادث الطيونة، التي حاول البعض ربطها بالتحقيقات الجارية بإنفجار المرفأ، وإرتياب الثنائي الشيعي من أداء المحقق العدلي القاضي طارق البيطار.
فزيارة العراق هي محاولة من بين محاولات أخرى كثيرة لكسر حلقة الفراغ التي يعيشها لبنان على أكثر من صعيد، وهي ستؤتى ثمارًا في القريب العاجل، وفق ما تناهى من معلومات عن المحادثات الثنائية، التي توحي بقرب الإنفراج بالنسبة إلى ما يمكن أن يسدّه النفط العراقي من ثغرات على صعيد تحسين الطاقة الإنتاجية لمعامل الكهرباء، بالتزامن مع ما أعلنه وزير الطاقة والمياه وليد فياض عن حل قريب بالنسبة إلى إستجرار الغاز من مصر والطاقة الكهربائية من الأردن.
من يراقب حركة الإجتماعات المكثفة التي تعقد في السراي على أكثر من خطّ لا يسعه إلاّ أن يرفع القبعة لما يُبذل من جهود إستثنائية، على رغم توقّف جلسات مجلس الوزراء. وهذا يعني سياسيًا أن ثمة إرادة قيادية لدى من يتولى مهمة “الإنقاذ معًا” بالسير قدمًا في المعالجات الممكنة، وذلك بهدف واحد واساسي، الا وهو إخراج لبنان من قعر الهاوية، ووضعه على طريق التعافي، التي تتطلب أكثر من أي وقت تعاضد جميع اللبنانيين وتوحّد جهودهم، وترك الأمور الخلافية جانبًا، لأن الأولوية في الوقت الحاضر هي لإطفاء الحريق الذي يهدّد الجميع من دون إستثناء، وهذا ما شدّد عليه الرئيس ميقاتي في أول كلمة له بعد تكليفه تشكيل الحكومة.
المصدر: لبنان 24