الكاتب : ميساء مقدم
“الاعلامية العالمية”، هكذا وصفها مقدم البرامج الاعلامي نيشان ديرهاروتيونيان ذات مقابلة عام 2020. راغدة درغام المعجبة بنفسها والتي تصف ذاتها بـ”الذكية” دومًا، لفتت الأنظار أثناء أسئلة الصحفيين للرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته في أعمال منتدى “فالداي” الدولي.
حتى بوتين، ضاق ذرعًا بالأسلوب “الفاقع” لأسئلة درغام. أمام حشد من الاعلام الدولي والأجنبي، ارتأت درغام القفز عن كل ملفات المنطقة، لتختار “سحب” موقف من بوتين ضد حزب الله بطريقة أو بأخرى. سردية “تهويلية” جديدة للأحداث قدمتها درغام في تمهيدها لسؤالها الأول. يكاد يُصعق اللبناني المستمع للأسئلة من هول ما قالته “ستسقط الحكومة اللبنانية”، “لبنان على شفا الحرب الأهلية وهناك مئة ألف جندي في حالة تأهب والحرب قد تبدأ في أي وقت”. لعل بوتين أيضًا صعق مما يسمع واعتقد لوهلة أن مستشاريه قد قصّروا في اخباره بمجريات الأحداث في الشرق الأوسط. ها هو يطلب من درغام أن لا تترك “الميكروفون”: اشرحي لي.. عن بدء أية حرب تتحدثين؟!”.
طبعًا استأنفت درغام روايتها الخاصة للأحداث في لبنان حول التحقيق بانفجار مرفأ بيروت وقضية الاختلاف حول القاضي طارق بيطار وجريمة كمين الطيونة. قدّم بوتين بطبيعة الحال اجابته ورؤية روسيا العامة المعروفة للبنان وانفجار المرفأ: “حزب الله قوة سياسية هامة في لبنان ونحن مع حل الأزمات عبر الحوار وعلى تواصل مع جميع القوى السياسية في لبنان”. لكن ذلك لا يشفي غليل “الاعلامية العالمية”، فهي أرادت أن تحصل وفق المعلومات التضليلية التي أدلت بها على جواب ينتقد حزب الله، وهذا لم يحصل. عادت لترفع يدها من جديد، وكل ذلك على مرأى من الحشد الصحفي الحاضر: هل تدعم الانذار الذي أصدره حزب الله للقاضي بيطار؟ هو يقول اما سقوط القاضي واما سقوط الحكومة، هل تقبل بهذا الانذار؟”.
استياء بوتين بدا واضحًا من “الصحافية” التي تستجدي بأي طريقة الحصول على موقف من قضية داخلية تمس جهة لبنانية هامة. مجددًا أجاب: “اسمعيني.. نحن لا يمكن أن نعلق على الأحداث السياسية الداخلية..”.
لعلّ وعسى أن تكون “الاعلامية العالمية” راغدة درغام قد اتّعظت من الموقف الذي وضعت نفسها فيه، ومن الدرس الذي لقنها اياه واحد من رؤساء الدول الكبرى في أن التدخل بهذه القضايا الداخلية يعد مسًّا بالسيادة، وأنه لا يصح لاعلامي أن يستجدي موقفًا معاديًا لفئة أساسية في بلده، وبأسلوب غير مهني يعتمد على التهويل واختلاق الأحداث أو تكبيرها وتزويرها.. والى لقاء في “سقطة” أخرى.