أزمة البيطار عالقة في مجلس القضاء… وميقاتي يفضل حكومة أصيلة على تصريف الأعمال قانون الانتخاب لمنازلة جديدة في المجلس الخميس والـ «كابيتال كونترول» على الجدول الوطني الحر اتهمها بالتناغم مع «القوات»… وأمل تردّ : يستغل توقيع الرئيس لتطيير الانتخابات

محمد بلوط-الديار

 

كل المؤشرات والتطورات اليوم تدل على ان البلاد تتجه الى مزيد من التصعيد والتأزم على وقع الخلافات والسجالات النارية حول العديد من الملفات والقضايا، اكان على صعيد مسار التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، أو على صعيد تداعيات ما حصل في الطيونة ومجريات التحقيق في شأنها، ام على وقع الدخول في اجواء الاستحقاق الانتخابي.

ولا يقتصر الخلاف على هذه الملفات بل يطاول ايضا قضايا تتصل بكيفية التعاطي مع القضايا المتعلقة بالازمة الاقتصادية والمعيشية وسبل مواجهتها، خصوصا مع الدخول في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي الذي لن تظهر «خيراته» قبل الانتخابات النيابية كما اشار وزير الاقتصاد مؤخراً.

وفي ظل هذا التأزم السياسي وانسداد الافاق امام الحلول والمعالجات الفورية والآنية يتفاقم الوضع الاجتماعي والمعيشي بشكل مضطرد مع استمرار ازمة الكهرباء، وارتفاع اسعار المحروقات والغاز وجنون اسعار السلع والمواد الغذائية، وتآكل القدرة الشرائية للمواطن والرواتب والمعاشات التي لم تعد تكفي لتأمين النقل والجزء القليل من الحاجات اليومية.

مراوحة قضائية في قضية البيطار
وفي المعلومات المتوافرة لـ «الديار» ان ازمة المحقق طارق البيطار لم تجد حتى الآن اي مخرج، حيث ان مجلس القضاء الاعلى، الذي شجعه الرئيس ميقاتي على اجتراح الحل، لم يزل في دائرة الدرس والتشاور في ظل الحديث عن تباين في الرأي بين اعضائه.

وتضيف المعلومات ان المجلس يتريث في الاجتماع مع القاضي البيطار لاسباب عديدة غير معلنة، ويتفادى حتى الآن الاقدام على اية مبادرة بسبب التجاذبات والضغوط التي تشهدها هذه القضية، عدا عن موقف بعض اعضائه المتشدد لصالح استمرار القاضي البيطار بمسك هذا الملف او ترك المبادرة له لاتخاذ الموقف المناسب.

ووفقا لواقع الامر فان القاضي البيطار مستمر في ادائه الذي بدأه من دون اعطاء اية اشارة على تعديله بدليل طلبه الاستماع الى النائبين غازي زعيتر ونهاد المشنوق الاسبوع المقبل.

وفي ظل المراوحة السائدة لدى مجلس القضاء الاعلى تبقى الحكومة بانتظار الحل حيث ان الرئيسين عون وميقاتي في اجتماعهما الأخير ابديا موقفا واحداً يتمثل بعدم الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء في ظل الوضع القائم وموقف الثنائي امل وحزب الله من القاضي البيطار وادائه.

مجلس الوزراء بالانتظار
وقالت مصادر وزارية لـ «الديار» امس ان شيئاً جديداً لم يطرأ على الوضع الحكومي، معربة عن أملها في ان يحمل الاسبوع المقبل تطورات ايجابية تؤدي الى الدعوة لانعقاد مجلس الوزراء.

واضافت المصادر ان الاتصالات والمحاولات مستمرة لايجاد مخرج للوضع المتأتي عن قضية القاضي البيطار واعتراض الثنائي الشيعي عليه والمطالبة بكف يده. لكنها لفتت الى ان هذه المحاولات لم تتوصل الى نتائج ملموسة، معربة عن خشيتها من ان تطول فترة الانتظار وغياب جلسات مجلس الوزراء.

واستدركت المصادر لتقول ان الحكومة ليست مشلولة وان الرئيس ميقاتي يعقد اجتماعات وزارية مهمة لبحث ومعالجة القضايا والمشاكل الانية، ان على صعيد الوضع المالي ام على صعيد اجواء التفاوض مع صندوق النقد الدولي وخطة التعافي الاقتصادي، او على صعيد الاسراع في خطوات عملية لمعالجة ازمة الكهرباء.

اجواء ميقاتي
وقالت مصادر مطلعة لـ «الديار» امس ان الرئيس ميقاتي في ضوء التطورات الاخيرة الضاغطة اختار خيار استمرار الحكومة وعدم الجنوح الى الاستقالة او التفكير بذلك.

واوضحت ان استقالة الحكومة تعني تحوّلها الى تصريف اعمال في ظرف ان البلاد بحاجة الى «سوبر حكومة» لمواجهة التحــديات على كل الصــعد. ولذلك فان الرئيــس ميقاتي رغم الاهتزاز الاخير في الحكومة فضل استمرار تحمل المسؤولية وان يكون رئيس حكومة اصيلة بدلا من حكومة تصريف اعمال، باعتبار انه في هذه الحال يستطيع ان يتحرك ويقوم بنشاط افضل على الصعيد الداخلي والخارجي.

ورداً على سؤال قالت المصادر التي هي على دراية بموقف واجواء الرئيس ميقاتي انه في شأن موضوع التحقيق بانفجار المرفأ اوضح موقفه من البداية وهو ترك الامر للجهات القضائية المختصة اكان على صعيد معالجة الازمة الناشئة عن اعتراضات الثنائي الشيعي والمردة على القاضي طارق البيطار ومسار التحقيق الذي يجريه ام على صعيد التعاطي مع ما اورده الوزير مرتضى في جلسة مجلس الوزراء الاخيرة باسم الثنائي الشيعي من ملاحظات ومآخذ قانونية على اداء القاضي البيطار ومسار التحقيق في انفجار المرفأ.

وكشفت المصادر انه في الاجتماع الاخير في بعبدا ابدى كل الرئيسين عون وميقاتي رغبة وحماسة لعودة انعقاد مجلس الوزراء، لكنهما اتفاقا ايضا على ان هذا الامر لا يمكن ان يحصل من دون الاخذ بعين الاعتبار موقف الثنائي الشيعي من هذا الموضوع.

واشارت المصادر الى ان عودة جلسات مجلس الوزراء مرهونة بموقف امل وحزب الله في هذا الشأن، وانهما ما يزالان عند رأيهما في شأن البت بموضوع القاضي البيطار على ضوء الاتهامات الموجهة اليه من قبل الثنائي الشيعي والمردة والانتقادات له ايضاً من قبل المراجع السياسية السنية وفي مقدمها رؤساء الحكومة السابقين الذين انتقدوا صراحة غير مرة اداء قاضي التحقيق مطالبين بتطبيق الدستور والقانون ورفع الغطاء عن الجميع دون استثناء.

قاسم: البيطار مشكلة والافضل ان يرحل
وامس اكد نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم «ان كل محاولات كسر حزب الله سقطت، وكل المحاولات التي ستأتي ستسقط ايضاً، مجددا اتهام «القوات اللبنانية» بمحاولة اشعال فتنة من خلال ما جرى في الطيونة.

وقال «اننا وأدنا الفتنة في مهدها بالصبر والحكمة، مع العلم اننا سنتابع التحقيق ونتائجه والاقتصاص من المرتكبين بحسب النظام اللبناني المعتمد لتصل في نهاية المطاف لنضع حدا لاولئك الذين يعبثون بحياة الناس».

ورأى «أن المحقق العدلي البيطار تحول اليوم الى مشكلة حقيقية في لبنان، ولم يعد مأمونا على العدالة، وهو يستنسب ويسيّس التحقيقات بطريقة مكشوفة ومفضوحة، وانه بسببه كادت تحصل فتنة كبيرة في الطيونة وفي المنطقة. اذا، ما هذا المحقق الذي جاءنا بالمشاكل والمصائب، ولا امل منه بأن يحقق العدالة، الافضل ان يرحل من اجل ان يستقر الوضع ومن اجل ان يحصل الناس على عدالة موصوفة لمعرفة الحقائق».

وفي احتفال تكريمي طلابي اكد رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله السيد هاشم صفي الدين «ان القوات اللبنانية وضعت نفسها في خدمة مشاريع الاعداء وتحقيق اهداف الفتنة وتمزيق البلد».

وقال «ان الاميركي والاسرائيلي يريدان الفتنة وهما خائفان من مواجهة عسكرية مباشرة، وكل من يعمل في خدمة المشاريع الاميركية واهداف السفارة الاميركية، انما يعمل على تخريب البلد ومستقبله».

جلسة تشريعية الخميس
على صعيد آخر تتجه الانظار مجددا الاسبوع المقبل الى الاونيسكو حيث ينتظر ان يعقد مجلس النواب جلسة تشريعية يوم الخميس المقبل لدرس واقرار عدد من مشاريع واقتراحات القوانين ابرزها: قانون الانتخاب وتعديلاته الذي رده رئيس الجمهورية، وتعديلات قانون البطاقة التمويلية، وقانون الكابيتال كونترول الذي انجزته اللجان النيابية المختصة والذي يركز عليه ايضا صندوق النقد الدولي.

ومن المقرر ان تعقد هيئة مكتب المجلس غدا برئاسة الرئيس بري اجتماعا لاقرار جدول اعمال الجلسة، كما تعقد اللجان النيابية المشتركة بعد غد الثلاثاء جلسة لها لمناقشة رد رئيس الجمهورية لقانون الانتخاب حيث يتوقع ان تبقي على موقفها السابق.

ووفقا لمصادر نيابية فان الاكثرية النيابية التي اقرت القانون وتعديلاته ستؤكد مرة أخرى موقفها، مع العلم ان المجلس بحاجة الى الاكثرية المطلقة لاقرار القانون.

وتتوقع ان تؤمن هذه الاكثرية من خلال كتل كبيرة هي: المستقبل، التنمية والتحرير، اللقاء الديموقراطي، الجمهورية القوية، المردة، ونواب آخرين.

وقد لوح التيار على لسان اكثر من نائب بعد الموقف الذي اعلنه رئيسه جبران باسيل في الجلسة الماضية باللجوء الى الطعن امام المجلس الدستوري اعتراضا على التعديلين البارزين المتعلقين باجراء الانتخابات في 27 آذار، وتصويت المغتربين لـ128 نائباً.

ويسعى التيار وفق ما اعلنه الى اجراء الانتخابات في 8 أيار، والى تصويت المغتربين لستة نواب اضافيين في دائرة مستحدثة لهم في الاغتراب.

وقد ساهم هذا التجاذب بشأن قانون الانتخاب في تسخين الاجواء والسجالات السياسية خصوصا بعد رد الرئيس عون للقانون والمواقف التي اطلقها عدد من النواب السياسيين في هذا الشأن.

وعلى وقع هذا التجاذب الحاد اندلع سجال ناري عنيف امس بين حركة «امل» والتيار الوطني الحر طاول ايضا مواقف اخرى، خصوصاً بعد بيان الهيئة السياسية للتيار الذي غمز من قناة «امل» واتهمها بالتناغم والتواطؤ مع القوات اللبنانية.

أمل
واصدرت «امل» بيانا عنيفاً ضد «الوطني الحر» استهلّته بالقول «فعلا ان لم تستح فافعل ما شئت، لم يعد التيار الوطني الحر يخجل في بياناته من العيوب والمصائب التي ادخل فيها البلاد وصولا الى قعر جهنم وفق ما بشر رئيس الجمهورية اللبنانيين في خطابه الشهير».

واتهمت التيار بانه «يحاول استغلال تفاهم سياسي في مارمخايل لنزع الفتن والمسّ بالتحالف المتمثل بالثنائية الحقيقية بين حركة «امل» وحزب الله والذي تعمد بدماء الشهداء الذين سقطوا في الطيونة جنبا الى جنب ليجسدوا عمقه في مواجهة تسييس القضاء عبر الغرفة السوداء برئاسة سليم جريصاتي والتي تحرك وتدير عمل القاضي طارق البيطار، وفي مواجهة منطق التعصب والانعزال الطائفي الذي يعيشه التيار وجمهوره، وهو الذي يعرف اننا لم نتحالف يوما مع حزب القوات اللبنانية فيما سارع لاهثا التيار ورئيسه لتوقيع اتفاق معه لتقاسم الحصص والمناصب والوصول الى الرئاسة»…

واعتبرت «ان كل ما ورد في بيان التيار وردّ الرئيس ما هو الاّ تغطية وهروب، فالحريص على الحقوق الدستورية للاجيال اللبنانية لا يحرم الشباب من سن 18 من المشاركة في الانتخابات ولا يهرب من التصويت على صفة المعجل على الكوتا النسائية».

واتهمت التيار باستغلال توقيع رئيس الجمهورية من اجل الهروب من الانتخابات وتطييرها قائلة: «ان التيار يعمل بشكل حثيث على استغلال توقيع رئيس الجمهورية وحقه الدستوري من اجل الهروب وتطيير الانتخابات النيابية اساسا لحذفه من التحولات الحاصلة في بيئته».

وختمت «الاجدى بمن يدعي الحرص على التمثيل ان يسأل رئيس الجمهورية على اخلاله بموجباته الدستورية بالتقاعس عن توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة لانتخاب احد عشر نائبا محل النواب الذين استقالوا».

«الوطني الحر»
وسبق ان اعربت الهيئة السياسية للتيار الوطني الحر بعد اجتماعها امس عن تقديرها «مبادرة رئيس الجمهورية الى ممارسة حقه الدستوري في رد التعديلات التي ادخلتها الاكثرية النيابية على قانون الانتخاب فاسقطت منه البنود الاصلاحية الاساسية»، موضحة «ان الغاء الكوتا الاغترابية اي المقاعد الست المخصصة للمنتشرين في الدائرة 16، ادى الى حرمانهم من مكسب استراتيجي ومن حق منحهم اياه القانون بان يتمثلوا في الانتشار وينقلون مطالبهم ويشرعون حاجاتهم».

واكدت «ان الصيغة التي اقرتها الاكثرية النيابية لالغاء هذا الحق وفق عبارة «استثنائياً لمرة واحدة» هي فضيحة قائمة بذاتها تناقض مع ما تم الترويج له زوراً في الداخل والخارج عن منح المغتربين حق الاقتراع الـ 128 نائباً.

ولفتت الهيئة الى «ان التيار الوطني الحر يجدد ادانته مشهدية الفتنة الميليشياوية التي ظهرت في الطيونة بوجهها الاستفزازي والاجرامي، والتي شهد اللبنانيون على تواطؤ وتناغم كتلتيها في مجلس النواب ويؤكد التيار في المقابل تمسكه بمشهدية تفاقم مارمخايل النقيض لثنائية تواطؤ الطيونة، هذا التفاهم الضامن لمنع العودة الى خطوط التماس ومتاريس النار والدم».

وكان النائب في التيار سيزار ابي خليل قال في حديث اذاعي امس «ان هدف الاكثرية الحقيقية المتمثلة بالفريق الآخر ولا سيما القوات والمستقبل اللذين يعملان عند الرئيس بري من تقريب موعد الانتخابات هو الحدّ من مشاركة الناس في العملية الانتخابية».

ولفت الى ان التيار سيتحدث مع كل من امتنع عن التصويت في جلسة مجلس النواب الاخيرة ومن وقف ضده تحضيراً للجلسة المقبلة. واذا عادت مواد الاصلاحات واقرت كما حصل سابقاً فسنطعن امام المجلس الدستوري.

الراعي
على صعيد آخر، اكد البطريرك الماروني بشار الراعي «ان القضاء هو علاج الاحداث لا المسبب لها»، مضيفاً «لا نقبل، ونحن المؤمنون بالعدالة ان يتحول من دافع عن كرامته وامن بيئته لقمة سائغة ومكسر عصا. هؤلاء، مع غيرهم، حافظوا على لبنان وقدموا في سبيل وحدته وسيادته الاف الشهداء. نريد عدلا في السوية والرعية ولا ظلما في اي مكان».

وقال في عظة القاها في افتتاح مسيرة سينودوس الاساقفة على مستوى الكنيسة المارونية «السير معا هو تعبير آخر لمعنى لبنان الذي هو العيش معا الذي يقتضي ان يسير جميع اللبنانيين الى هدف مشترك ومصير مشترك على مبدأ القانون والاخوة، لا على مبدأ الفوضى والثأر والعداء».

وحذر من المقايضة بين تفجير المرفأ واحداث الطيونة، وقال نحرص على ان تشمل التحقيقات جميع الجهات».

الكابيتال كونترول
وفي شأن قانون الكابيتال كونترول لم تستبعد المصادر النيابية ان يؤخذ بعين الاعتبار بعض ملاحظات صندوق النقد على ضوء ابلاغها لوزير المال، مشيرة الى ان تعديلات كانت ادخلت عليه في لجنتي المال والادارة والعدل.

وقالت المصادر ان هذا القانون كان ضروريا في بداية الازمة، وهو اليوم مطلوب ايضا، مشيرة الى انه ينظم العلاقة بين المودعين والمصارف بشكل واضح، وكذلك ينظم عملية السحوبات ويعدل سعر الدولار المسحوب بـ3900 ليرة للدولار الواحد، كما انه ينظم عملية التحويلات ولا يلغيها كليا بل يضعها في اطار منظم مثل المحافظة على الدولار الطالبي وامور اخرى محددة ومعروفة وشفافة.

Exit mobile version