الكاتب :
موقع الناشر
بخطابين مختلفين تماماً، خرج زعيما أكبر حزبين مسيحيين الاسبوع الفائت. الاول، خرج ملطخًا بدماء ٧ شهداء وعشرات الجرحى الذين سقطوا برصاص قناصيه، فيما الثاني خرج بخطاب من روحية “مار مخايل”. الاول، خرج مستحدثًا حواجز وخطوط تماس أعادت اللبنانيين بالذاكرة الى الحرب الاهلية، والثاني خرج بخطاب حوّل فيه خطوط التماس الى خطوط التقاء بين اللبنانيين. الاول، لطالما رهن المجتمع المسيحي للخارج وأجنداته المثقلة بالتلاعب بالسلم الاهلي، والثاني لطالما دفع ثمن خياراته الوطنية للحفاظ على المجتمع اللبناني. الاول خرج بما يشبه احداثه المفتعلة في كل مرة بنهر الموت، والثاني خرج الى الحياة امام بحرٍ من الحياة.
الكل بات يعرف من هو الاول، دون أن نسميه، الكل يعرف من فجر كنائس المسيحيين قبل أكثر من ثلاثة عقود، الكل يعرف من قتل من المسيحيين كما قتل من المسلمين، الكل يعرف من سعى للقضاء على ابرز البيوتات المسيحية عبر مجازره التي قام بها بحق ال فرنجية وال شمعون، الكل لا ينسى حاجز البربارة والذبح على الهوية، الكل يعرف من غدر بمجتمعه المسيحي عند اول صفقة دولية، الكل يعرف كل ذلك لكن لا يريد الاعتراف به.
وفي المقابل، الكل يعرف الثاني وما دفعه ويدفعه حتى اللحظة بسبب قراراته الوطنية، الكل يعرف أن العقوبات أنزلت به بسبب رفضه مشروع الانقسام في لبنان، الكل يعرف أنه شُتم في الشارع قبل عامين وحُمّل مسؤولية ٣٠ عاماً من الفساد لاجل تلك الخيارات الوطنية. الكل يعرف انه دفع ولا زال يدفع ثمن رفضه العودة لخطوط التماس وتمسكه بخطوط الالتقاء. لكنهم ايضًا لا يريدون الاعتراف بذلك.
الكل يعرف أن الاول اعتاش على الـ fundraising والدفع المسبق للاجندات الدولية، والكل يعرف أن تمويل الثاني قائمٌ على ما يدفعه محازبوه من مساعدات وتقديمات.
الكل يعرف أن الاول قراره يأتي من سفارة عوكر وبيت المال في الرياض، والكل يعرف أن الثاني قراره من ميرنا الشالوحي حصرًا.
الكل يعرف الأول الذي تواطأ في الحرب على سوريا، وشجّع على النزوح منها نحو لبنان، والكل يعرف الثاني الذي تجرأ على إعلان عزمه الذهاب الى سوريا في عزّ القطيعة الدولية لأجل عودة آمنة للنازحين السوريين.
الكل يعرف الاول الذي يريد التوطين لاتمام مهمته المنوطة به في مشروع الشرق الاوسط الجديد، والكل يعرف الثاني الذي حارب التوطين منذ توليه وزارة الخارجية في عقر دار المؤامرة في الجامعة العربية، وقاد الاول الحملة التي وصفته بالعنصري، والكل يذكر حينها شعار “اللاجئين جوا جوا وباسيل برا برا”.
الكل يعرف الأول الذي رعى وحمى ابو طاقية وابو عجينة وجنود داعش والنصرة في جرود عرسال ورأس بعلبك والكل يعرف الثاني الذي أصرّ على خوض الجيش اللبناني الى جانب المقاومة معركة تحرير جرود عرسال ورأس بعلبك.
الكل يعرف جيدًا الاول، الذي لم يخرج يومًا من عقليته الميلشياوية والسلاح الذي لا يزال بحوزته، والكل يعرف جيّدًا أن الثاني يؤمن بسلاح الجيش وقوة المقاومة دون أن يحتاج أن يملك سلاحًا فرديًا حتى.
الكل يعرف أن اصدقاء الاول هم من الفاسدين الذين اسسوا لنظام الانهيار، والكل يعرف ان الثاني يتعرض لأكبر بروباغندا من الاول وأصدقائه لتحميله فساد الاول وأصدقائه.
الكل يعرف أن الاول شارك وحرّض على خطف السعودية لرئيس الحكومة الاسبق سعد الحريري في عزّ الصداقة معه، والكل يعرف أنّ الثاني عمل ليلًا نهارًا لاستعادة الحريري من الاحتجاز في عزّ الخصومة معه.
الكل يعرف الاول جيدًا وتاريخه الطويل من التآمر على المسيحيين واللبنانيين، والكل يعرف الثاني جيدًا وتاريخه في دفع أثمان مواجهة المؤامرات التي ارادت ضرب المسيحيين واللبنانين.
الكل يعرفهما جيدًا لكن لا يريد الاعتراف بما يعرف. وفي المحصلة، الكل يعرف أن الاول هو ابن ثقافة نهر الموت والكل يعرف أن الثاني هو ابن ثقافة نهر الحياة، ولمن يسأل ماذا يختار المسيحيون بين نهر الموت ونهر الحياة؟ فالجواب أصبح واضحاً: المسيحيون في لبنان هم أبناء نهر الحياة.