هل تستطيع السعودية فعلاً احتلال اليمن ؟!

الكاتب : الشيخ عبدالمنان السنبلي

“إنك لم تصل بعد إلى الرجال المقاتلة”

بهذه العبارة ألجم الملك عبد العزيز آل سعود طيش وحماقة ابنه فيصل حين استئذنه بالتحرك بجيشه من الحديدة صوب صنعاء

لقد كان الملك عبد العزيز في الحقيقة يعرف أن ابنه فيصل قد انطلق بقواته صوب الحديدة بمحاذاة الساحل حيث لم يكن هنالك قواتٌ يمنية أو قبيلة أو نصف أو حتى ربع قبيلة تواجههم وتصدهم عن التقدم وأنه لولا تدخل البوارج البريطانية لما تمكن أصلاً من دخول مدينة الحديدة والتي لم يكن فيها أيضاً هي الأخرى حامية أو حتى كتيبة عسكرية مجهزةٍ لصد الغزاة القادمين إليها على حين غرة من جهة الشمال .

في هذه الأثناء وعلى جبهة أخرى كانت تدور هناك رحى أول مواجهة عسكرية حقيقية مباشرة بين اليمنيين بقيادة الأمير أحمد بن يحيى حميد الدين وبين الجيش السعودي والتي انتهت بهزيمة الجيش السعودي واجتياح الأمير أحمد بن يحيى حميد الدين لنجران وما حولها بالكامل .

في الحقيقة لم يستطع الشاعر العملاق عبد الله البردُّوني لاحقاً في قصيدته (فتوى إلى غير مالك) والتي هاجم فيها الإمام أحمد بن يحيى حميد الدين هجوماً عنيفاً أن يبخس حقه في ذلك الانتصار أو أن يقلل من شأنه حين تعرض لتلك المعركة حيث قال مخاطباً الإمام أحمد :

بلظى الجرامل والسريع أحلت في

بيت الفقيه وجوههم أظلافا

ورؤوس نجران العواصي أينعت

لما رأتك القاطف الخطَّافا

على أية حال،

وقعت عيناي قبل أيام على أحد الفيديوهات على اليوتيوب والذي ظهر فيه أحد المحللين السياسيين السعوديين والمقرب كثيراً من دوائر صنع القرار هناك في السعودية وهو يتحدث عن المبادرة السعودية وعواقب عدم تعاطي الجانب اليمني معها وو ..، إلا أن أبرز ما لفت انتباهي في سياق حديثه ذلك هو ما أورده قائلاً بأن السعودية قادرة -لوشآءت-على احتلال اليمن في أيام ..

طبعاً تذكرت حينها تصريحين مماثلين أدلى بهما كل من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وكذلك اللواء أحمد عسيري الناطق السابق باسم العدوان في الأشهر الأولى من إنطلاق العاصفة، فضحكت قليلاً ثم تسائلت في نفسي مستغرباً :

تُرى ما الذي يمنع الجيش السعودي طول هذه المدة (ست سنواتٍ ونيف) من اجتياح واحتلال اليمن ؟!

لماذا تلجأ السعودية دائماً وعلى مدى عداءها التاريخي الطويل لليمن إلى عدم الدفع بجيشها إلى المواجهة المباشرة مع اليمنيين ؟!

أيعقل أن تلك المواجهة لاتزال عالقة في أذهانهم وأن شبح الإمام أحمد بن يحيى حميد الدين لازال يطاردهم الأمر الذي جعلهم يتحاشون أي مواجهة مباشرة مع اليمنيين ؟!

ربما هو ذلك ! فكأنهم قد وعوا واستوعبوا إلى حدٍ ما مدلول ومضمون ما جاء في رسالة أبيهم الملك المؤسس تلك إلى ولده فيصل !

أي (فوبيا) هذه التي شكلتها لهم اليمن ؟!

حتى حين ظنوا أنهم قادرون على سحق ما قالوا أنها (عصابة) متمردةٍ يمنية تتخذ من كهوف وجبال صعدة مقراً لها في 2009 جاءهم النبأ اليقين، فإذا بإولئك (المتمردين) يلقنون الجيش السعودي درساً لن ينسوه ويسيطرون على جبل الدخان وينتزعون موقع الجابري من أيدي السعوديين ولولا الإتفاق على وقف إطلاق النار على ما يبدو لربما توغلوا أكثر وأكثر في داخل الأراضي السعودية !

عموماً،

اليوم وبعد أكثر من ست سنواتٍ من القصف والتدمير والتشهير والوعد والوعيد بدخول صنعاء واجتياح اليمن، لا غرابة إذا ما وجدنا محمد بن سلمان قد عاد من جديد وفي تصريحٍ لقناة العربية قبل أشهر بدد فيه كل تلكم الأحلام والأماني ويعترف بالحقيقة !

الحقيقة التي ظن ذات يوم أنه بتزييفها وتشويهها سيتمكن من كسر قواعد التاريخ التي كان يعقلها جده المؤسس جيداً ويحتل اليمن في أيام أو هكذا اعتقد ذلك (المهفوف) !

ها هو يقر بهزيمته ويعود إلى توصيف الأشياء والمسميات بأسماءها الحقيقية لعله بذلك يلوذ بنفسه ويخرج بماء وجهه من هذا المستنقع الذي أوقع نفسه غروراً فيه، فلا جيشه ولا تحالفاته بمقدورها على احتلال أو اجتياح اليمن ولا هم يحزنون !

وما تنفع الخيلُ الكرام ولا القنا

إذا لم يكن فوق الكرامِ .. كرامُ .

قللك يحتل اليمن في أيام .. قال !

Exit mobile version