الأخبار-أيهم مرعي
وعلى رغم هذا التصعيد، المترافق مع تعزيزات عسكرية على الأرض، إلا أن قيادات «قسد» لا ترى أيّ جدّية تركية في إطلاق عملية عسكرية واسعة ضدّ قواتها، مستندةً في ذلك إلى تطمينات أميركية وروسية حصلت عليها خلال زيارة وفد «مسد» إلى كلّ من موسكو وواشنطن، الشهر المنصرم. ويؤشّر إلى الاطمئنان المذكور، تصريحُ الرئيس المشترك لـ«مسد»، رياض درار، الذي قال إنه «يستبعد أن تتجرّأ تركيا على احتلال المزيد من الأراضي السورية»، مؤكداً عدم وجود «اتفاقيات أو أيّ ضوء أخضر لمثل هذه المسألة». مع ذلك، تبدو تهديدات أنقرة جدّية إلى حدّ ما، خاصة في ظلّ وجود ذريعة متمثّلة في القذائف التي استهدفت الأراضي التركية، والتي سيسعى إردوغان إلى استثمارها في لقائه مع بايدن، للاستحصال على موافقة أميركية على عملية شبيهة بـ«نبع السلام» التي شنّتها تركيا في خريف عام 2019، أو التنسيق لتوجيه ضربات جوّية ضدّ أهداف يحدّدها جيشها. كما تعمل تركيا، من خلال إلقاء الطائرات التركية منشورات فوق مدينة تل رفعت في ريف حلب الشمالي، والمتاخمة لبلدتَي نبل والزهراء، على توجيه رسائل إلى إيران وروسيا، حول جدّيتها في إطلاق عملية عسكرية ضدّ «قسد»، انتقاماً لجنودها المقتولين في مارع، ولو في مناطق حسّاسة كتل رفعت، تجنّبت القوات التركية دخولها في السابق، بسبب إمكانية التصادم مع الروس والإيرانيين. أيضاً، من شأن الإصرار السوري، المدعوم إيرانياً، وربّما روسياً بشكل جزئي، على استعادة السيطرة التامّة على طريق الـ«M4»، وربط ريف حلب بإدلب، وصولاً إلى معبر باب الهوى، أن يدفع تركيا إلى المطالبة بالحصول على ثمن ميداني للخسارة المتوقّعة في جنوب إدلب.
وفي هذا الإطار، تؤكد مصادر ميدانية مطّلعة لـ«الأخبار» أن «تركيا جادّة في استهداف قسد، واتّخاذ خطوات لإضعافها، تمهيداً لتحقيق الهدف التركي الأساسي المتمثّل في إنهاء وجودها في سوريا بشكل كامل»، متوقّعاً أن «تعمل أنقرة على الحصول على ضوء أخضر أميركي وروسي لإطلاق عملية عسكرية واسعة، لقضم المزيد من الأراضي الخاضعة لسيطرة قسد». وتستدرك المصادر بأن «لا مؤشرات واضحة إلى الآن حول قدرة تركيا على انتزاع الضوء الأخضر الأميركي أو الروسي، حالياً». وتُرّجح أن «تعمد تركيا خلال الأيام المقبلة إلى اتّباع أسلوب هجومي، أثبت فاعليته في شهر أيلول الفائت، من خلال تكثيف استخدام الطائرات المسيّرة في استهداف مقرّات وتحرّكات قسد في عموم مناطق سيطرتها من الحسكة ودير الزور وصولاً إلى منبج»، مضيفاً أن «تركيا ستعمل على شلّ حركة قسد للضغط على كلّ من موسكو وواشنطن، وإثبات جدّيتها في محاربة القوى الكردية والقضاء عليها، حتى في ظلّ وجود عسكري أميركي – روسي في مناطق سيطرتها»، معتبراً أن «تكثيف عمل الطائرات المسيّرة، هو ما كان يقصده الرئيس التركي ربّما باستخدام أساليب مختلفة في مواجهة قسد». وتَعتقد المصادر أن «هذا الأسلوب سيُحدث إرباكاً في صفوف قسد، ويهدّد بنيتها العسكرية ومقرّاتها وقدراتها التسليحية»، متابعاً أن «هذه الاستهدافات ربما ستكون مقدّمة لعملية عسكرية واسعة، تسعى تركيا لفرضها ضدّ مناطق حيويّة خاضعة لسيطرة قسد، بين ريفَي الرقّة وحلب».