ترجمة رنا قرعة -لبنان24
بدأت العلاقات المتوترة بين المملكة العربية السعودية وإيران، والتي أفسدت السلام بين البلدين وأدت أيضًا إلى استقطاب منطقة الخليج والعربية، تظهر بوادر تحسن. لكن على الرغم من الاجتماعات الأربعة الأخيرة في بغداد والاجتماع الخامس في نيويورك، فسيكون من السابق لأوانه القفز إلى استنتاج مفاده أن الخصمين اللدودين في طريقهما لإنهاء عقود من التوترات والتنافس”، بحسب صحيفة “ميدل إيست أي” البريطانية.
ووفق الصحيفة فان”النتيجة الأفضل ستكون بوقف الخطاب العدائي، واستئناف الدبلوماسية الرسمية، وإطلاق اتفاقيات تجارية جديدة يمكن أن تساعد كلا الاقتصادين في الأوقات الصعبة للغاية”.
تجري المملكة العربية السعودية وإيران محادثات منذ شهور، بهدف عكس العداء والعداء المتبادلين. وبحسب وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، كانت الجولة الأخيرة من المحادثات “ودية”.
لكن المحادثات لا تزال محاطة بالسرية، مما يشير على الأرجح إلى بطء التقدم، إن وجد. بالإضافة إلى الأخبار الأخيرة حول استئناف العلاقات التجارية والعلامات الإيجابية في ما يتعلق بالبعثات الدبلوماسية في طهران والرياض التي تم إغلاقها منذ عام 2016، هناك عدة ملفات بحاجة إلى اتفاق تتعلق بشؤون المنطقة التي استخدمها كلا البلدين من أجل قضاياهم المحلية الخاصة.
“انخرطت كل من المملكة العربية السعودية وإيران في منافسة إقليمية لتهدئة واحتواء وإثارة إعجاب جماهيرهما المحلية. وسعى هذا الصراع إلى إبراز القوة إقليمياً مع إسكات المعارضة في الداخل”، بحسب الصحيفة.
قبل عامين، هدد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان (MBS) بخوض المعركة في عمق إيران، التي طالما اتهمت بتسليح الحوثيين اليمنيين على الحدود الجنوبية للسعودية.
أراد محمد بن سلمان تحقيق نصر على إيران في اليمن والظهور كمحارب عمل على إنهاء التوسع الإيراني في العالم العربي.لكن هذه التعهدات لم تترجم إلى واقع، ويضطر ولي العهد الآن للجلوس إلى طاولة المفاوضات لإنهاء حرب دمرت اليمن، واستنزفت الموارد السعودية.
إذا كان ولي العهد في حرب دائمة مع “جمهورية إسلامية توسعية” و”خصم شيعي” يدعم المجموعات المصممة على تقويض الأمن السعودي القريب جدًا من حدودها، فيمكنه إقناع السعوديين بأنهم يخوضون حربًا أبدية ويواجهون تهديدا وجوديا، وهذا ما يبرر إنفاق مليارات الدولارات على التسلح في وقت تتناقص فيه أسعار النفط وتزداد الضرائب وتطوير صواريخ الحوثيين وطائراتهم المسيرة التي باتت قادرة على الوصول إلى أهم المنشآت النفطية السعودية.
من ناحية إيران، من المناسب للقيادة إقناع الإيرانيين بأنهم محاصرون بدول معادية وتمتلك ثروة نفطية هائلة، ويمكنها، بمساعدة من الولايات المتحدة، شن حرب على الأراضي الإيرانية.
استخدمت إيران التهديد المزعوم الذي تشكله المملكة العربية السعودية لاسترضاء السكان المضطربين، الذين عانوا من صعوبات ونقص اقتصادي في ظل أحد أنظمة العقوبات الأكثر قسوة التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها. في حين أن المملكة العربية السعودية لا تستطيع أبدًا محاربة إيران بمفردها، كما ان علاقاتها العسكرية الوثيقة مع الولايات المتحدة تجعلها عدوًا سهلاً يمكن توجيه أصابع الاتهام إليه.
وبحسب الصحيفة، يجب أن تبدأ المحادثات الناجحة بين المملكة العربية السعودية وإيران من خلال حل قضية أساسية: يجب على كلا البلدين التوقف عن استخدام التنافس لإرضاء الجماهير المحلية، وتحويل انتباههما إلى إصلاحات سياسية حقيقية. هذا وحده سينجح في تطبيع العلاقات بين البلدين، على الرغم من طموحاتهما واختلافاتهما الإقليمية. لا يزال بإمكان المملكة العربية السعودية وإيران السعي وراء مصالحهما الوطنية الخاصة من دون أن يضطر الفريق الفائز إلى إبادة الآخر.
يمكن للدول المتنافسة أن تتعايش بسلام إذا عززت جبهاتها المحلية. يجب أن تفهم المملكة العربية السعودية وإيران ان التهديدات الأمنية الرئيسية داخلية، وهذا الإدراك يمكن أن ينقذهم وبقية العالم العربي من عقد آخر من التوترات والمكائد السرية والأعمال العدائية أو حتى الحروب بالوكالة.