“تأدّبوا”..أي أفق للتصعيد بين “حزب الله” و”القوات اللبنانيّة”؟

خاص “لبنان 24″

كتب المحرر السياسي:

كما كان متوقَّعًا، واصل الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله في الكلمة التي ألقاها ليلة أمس، وخصّصها لتداعيات أحداث الطيونة الدموية، سياسة “التصعيد” إزاء “القوات اللبنانيّة” التي انتهجها الحزب منذ يوم الخميس الماضي، لكنّه رفع السقف إلى الحدّ الأقصى الممكن، حين دعا “القواتيّين” إلى أن “يقعدوا عاقلين ويتأدّبوا”.
لعلّ “ذروة” التصعيد بلغها نصر الله حين اختار مخاطبة المسيحيّين “المنصفين”، وفق قوله، ليحذرهم من أنّ أكبر خطر يهدّد وجودهم يتمثّل في رئيس حزب “القوات اللبنانيّة” سمير جعجع، الذي ذهب بعيدًا في التصويب ضدّه، وصولاً إلى حدّ توصيفه بـ”السفّاح والتقسيمي”، معتبرًا أنّ برنامجه ومشروعه هو “الحرب الأهلية”، ومذكّرًا بأنّه “مجرم” بشهادة القضاء اللبناني الذي يدافع عنه، والذي لم يبرئه حتى اليوم من جرائم الحرب التي أدانه عليها.

في هذا السياق، كان لافتًا أنّ الهجوم على جعجع و”القوات” شكّل العنوان شبه الوحيد لكلمة السيد نصر الله، حيث استغرق أكثر من ساعة كاملة من وقت الكلمة، فيما جاءت الملفّات الأخرى المتفرّعة عن هذا العنوان، من باب “رفع العتب” ليس إلا، وهو ما ينطبق حتّى على حديث عن “أساس” المشكلة التي وقعت، والمرتبطة بالموقف من المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، حيث اكتفى نصر الله بتكرار مواقفه المعروفة منه.

أيّ أفق؟

الواضح من كلمة نصر الله، ومن الأجواء التي سبقتها، ولا سيما كلمتي رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد، وعضو الكتلة النائب حسن فضل الله، أنّ الحزب اتّخذ قراره “الحازم” بـ”الصدام الكامل” مع “القوات اللبنانيّة”، مهما كان الثمن، وأنّ لا “رجوع للوراء” في هذا الإطار، علمًا أنّه لم يترك “خط رجعة” ممكنًا معها، بخلاف موقفه “المَرِن” إزاء أفرقاء آخرين، ولا سيما الجيش،رغم علامات الاستفهام التي طُرِحت.

ومع أنّ نصر الله كان ثابتًا في كلمته، كما قيادات “حزب الله” التي أدلت بدلوها قبله، على أنّ الحزب يرفض “الانجرار” إلى الحرب الأهلية، إلا أنّه كان أكثر من واضح حين اتهم جعجع بالعمل على تهيئة الأرضيّة لمثل هذه الحرب، بل ذهب إلى حدّ اعتبارها “مشروعه السياسي”، الذي يحظى بـ”غطاء خارجيّ” ربما، وإن جزم سلفًا بأنها ستكون “خاسرة”، شأنها شأن كلّ الحروب التي خاضها جعجع سابقًا.

بهذا المعنى، يرى كثيرون أنّ الخطاب لم يكن “تطمينيًا”، فهو لم يُلغِ احتمال الحرب من القاموس كليًا، بل أوحى من قناة “جهوزية” الحرب لها، إن وقعت، وضمانه تحقيق “الانتصار” فيها، وهو خطاب سبق أن رُصِد في أدبيّات “حزب الله”، لكن في مواجهة العدو الإسرائيلي، ما يعني أنّ “القوات” باتت اليوم في مصاف “العدو” بالنسبة إلى “الحزب”، ومثل هذا المؤشر ينطوي بحدّ ذاته على “سلبية كبرى”.

عدو “خيالي”!

لكنّ “القوات” التي لن “تسكت” على الاتهامات التي ساقها نصر الله ضدّها وضدّ رئيسها، وفق ما تؤكد أوساطها، تنطلق من “مفارقة” تصويرها بمثابة “العدو”، لتعتبر أنّ الأمين العام لـ”حزب الله” يبحث عن “عدو خيالي ومفبرك” ليرمي كلّ الويلات والمصائب عليه، أو ربما لـ”يفشّ خلقه”، لعدم قدرته على التصويب على الحلفاء والشركاء الذين لا يزال بحاجة إليهم، ولا قدرة لديه على كسر الجرّة معهم.

بهذا المعنى، تعتبر الأوساط “القواتية” أنّ خطاب نصر الله، بكلّ ما تضمّنه من “فبركات” بحقها، و”قدح وذم” بحق رئيسها، على حد قولها، شكّل “إدانة” لـ”حزب الله” الذي بدا في “أزمة حقيقيّة” قد تكون مبرَّرة، بعدما تبيّن في الأيام الأخيرة أنّ الحزب فقد “قدرته على القيادة”، وما عاد يمتلك المهارات التي لطالما عُرِف من خلالها، من حيث “قيادة” المحور، و”فرض” رأيه على الحلفاء والأصدقاء دونما نقاش.

وخير دليل على ذلك، بحسب الأوساط “القواتية”، ما قاله حليف “الحزب” الأول، رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل، في معرض دفاعه عن “حق” حزب الله بالتعبير عن رأيه بكلّ حرية، حيث أكّد أنّه لا يملك في المقابل حقّ “فرض” هذا الرأي على الآخرين، وهو ما “استفزّ” السيد نصر الله وأخرجه عن طوره، فإذا به يردّ في المكان غير المناسب، ويتّهم حزب “القوات” المتمسّك بالدولة والمؤسسات، بما لطالما اتُهِم حزبه به.

الثابت، قبل خطاب نصر الله، لكن بعده بشكل أكثر وضوحًا، أنّ “لا أفق” للمواجهة المستجدّة بين “حزب الله” و”القوات اللبنانية”، أو بالحدّ الأدنى، أنّ الصورة ستبقى “ضبابيّة” على خطّها حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولا. لكنّ عوامل بالجملة، من “عدّة الشغل” المُستخدَمة في المواجهة، إلى اللهجة المُستخدَمة، تدفع نحو أسوأ السيناريوهات، بما فيها تلك التي يتمسّك الجميع باستبعادها في العَلَن، فماذا لو وقع “المحظور”؟!

 

Exit mobile version