قوات دولية لكانتون مسيحي
نبيه البرجي- الديار
للروائي النيجيري وول سوينكا رواية لم تكتمل، بعنوان «خيال بأحذية الدم»، عن البعد الدموي في شخصية بعض القادة الأفارقة «الذي يرتدون جثة أدولف هتلر». كم هو عدد الساسة اللبنانيين الذين يرتدون جثة الفوهرر؟
حكماء المسيحيين في هذه الجمهورية البائسة، وهم على الرف، كما هي حال حكماء طوائف أخرى، يسألون «الى أين نحن ذاهبون»؟ يشيرون بالأصابع الى التواصل بين قادة مسيحيين وبعض «الطناجر الفارغة» على ضفتي الأطلسي الذين أوحوا لهؤلاء القادة بأن المنطقة على أبواب تحولات سياسية، واستراتيجية، مثيرة.
وحتى لا يكون المسيحيون ضحايا هذه التحولات، عليهم أن يثبتوا أنهم الرقم الصعب، ولو اقتضى ذلك الدخول في لعبة الدم. في هذه الحال، يصبح من الطبيعي أن تصغي القوى العظمى الى دعوتهم نشر قوات دولية في مناطقهم لحمايتهم من «الغول الايراني»، أو من «الغول السوري» الذي ما زال يتوق للعودة الى «الفردوس اللبناني» !
ما حدث يوم الخميس لا يمكن أن يكون عشوائياً، أو كان ردة فعل على «تجاوزات الغوغاء». كل شيء كان مبرمجاً ليكون المدخل الى ما هو أكثر فظاعة. ثمة من لاحظ ذلك، من الرصاصة الأولى، وبادر الى اخماد الحريق.
قوة رئيسية هي من أعدّ للمجزرة. لكن الثابت، من مصادر موثوقة، أن ثمة أطرافاً أخرى، بينها أطراف رسمية، دخلت على الخط وشاركت، بطريقة أو بأخرى، في صناعة الحدث، والى حد التساؤل ما اذا كانت الصدفة وراء وجود فيكتوريا نولاند في بيروت، وهي التي يقول فيها معلقون أميركيون أنها أينما ذهبت تحمل معها… حقيبة الشيطان!
لا شك أن عين نائبة وزير الخارجية الأميركية كانت على ما حدث في الطيونة، وهذا ما توخاه من صاغوا السيناريو، دون أن يكون هناك من مجال للشك بوجود أصابع خارجية أعطت الضوء الأخضر، أو أمّنت التغطية، في اطار السيناريو الخاص بتدمير «ظاهرة حزب الله» ليس في لبنان فحسب، بل وعلى امتداد المنطقة.
وراء الستار التداول في مسألة الدعوة الى احالة الحادثة على المجلس العدلي وصولاً الى المايسترو الذي أعدّ للعملية وأمر بالتنفيذ. هذا يعني أن القضاء سيكون أمام قضية لا تقل حساسية عن قضية تفجير المرفأ، مع اعتبار التداعيات السياسية المعقدة لذلك.
لا نتصور أن المشهد الاقليمي، والدولي، بالضبابية الراهنة، يتيح الأخذ بالرهان العبثي لبعض القادة المسيحيين ارسال قوات دولية لحماية المناطق المسيحية، على أن يفضي ذلك الى التكريس الميكانيكي للكانتون، وحتى للدولة المسيحية، ما دام القادة اياهم يعتبرون أن الفديرالية لم تعد بالنموذج المثالي لحماية الدور، كما الوجود، المسيحي في لبنان.
هذا لا يجعلنا نغفل مدى النرجسية التي تحكم أولئك القادة الذين طالما وصفوا بـ «الاخوة الأعداء»، بسبب صراعهم على الكرسي الرئاسي، ولأن لهم تجارب عاصفة في أن يأكلوا لحوم (وعظام) بعضهم البعض.
لا أحد باستطاعته أن يتكهن بطبيعة (وبمسار) التحولات المنتظرة. التفاعلات الاستراتيجية في ذروة احتدامها، ودون أن تظهر أي من القوى الدولية أنها تمتلك رؤية مجددة حول المعادلات، أو حول الخرائط، التي يفترض أن تتغير أو أن يتم العبث بها.
البرنامج النووي الايراني يشكل أحد المحاور الأساسية.