توقعت حرباً أهلية بعد احداث الطيونة (غيتي)
أدهم مناصرة|المدن
حرب أهلية، اغتيالات، دمار.. تعبيرات واظبت وسائل إعلام إسرائيلية على استخدامها، مُنذ أن اندلعت اشتباكات الطيونة يووم الخميس الماضي، وذلك في سياق تنبؤها المزعوم بمآلات المشهد اللبناني.
السؤالان البارزان، اللذان شغلا نشرات الأخبار في تلفزيون “مكان” الرسمي، طرحتهما المذيعة على المراسل المُتابع للملف، ومفاده: “هل بلاد الأرز، بالفعل، على شفا حرب أهلية جديدة، في أعقاب اشتباكات بيروت الدموية، ومَن المعنيّ بها في هذه المرحلة؟.
فما كان من المراسل، إلا أن ردّ، باستعراض مواقف تدفع نحو تسخين الحالة اللبنانية المحتقنة أساساً، مروراً بدق إسفين بين الفرقاء في لبنان، قائلاً: “الحقيقة، أن رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله هاشم صفي الدين، قد أدلى بتصريح مهم جداً، إذ أكد أن ما حدث عبارة عن كمين لحزب الله؛ ما أحدث مجرزة”.
وتابع المراسل الإسرائيلي: “هذا يعني أنه تخطيط مِن قبل حزب القوات اللبنانية.. وكان هناك إصرار على إيقاع المجزرة، خصوصاً وأن الرصاص كان يتجه مباشرة الى الرؤوس”.
ثم، تُكرّس نشرة تلفزيون “مكان” الرئيسية، استنتاجها الهادف إلى تغذية الفتنة الطائفية في لبنان، عبر الإدعاء أنه “ليس من المعقول، أن يطلق المسلحون النار، طوال الوقت، على متظاهري حزب الله.. لولا سماح الأحزاب الموالية بذلك”. وبعدها، ينتقل التلفزيون الإسرائيلي إلى التشكيك بدور وزير الداخلية اللبناني، عبر اقتناص جملة نطق بها، وهي: “لم يتوقع المجزرة”. فيتدخل المراسل الاسرائيلي ويعلق على المقولة: “إنه فشل ذريع، وزارة الداخلية يجب أن تتوقع، وتتفادى ما جرى”.
لم ينسَ تلفزيون “مكان” أن يبثّ مقطعاً صوتياً لرئيس حزب “القوات” سمير جعجع، وطرحه بطريقة تظهره وكأنه يريد المواجهة، بل ويؤكد المتحدث الإسرائيلي في نشرة الأخبار على ذلك بالقول: “جعجع أراد رسالة مضادة لحزب الله، ولكن بالدم!”.
وراح التلفزيون العبري إلى التنبؤ بما سيفعله حزب الله، بعد موقعة الخميس، مدعياً أن الحزب سيرد لأمرين؛ “أولهما الضغط الشعبي مِن أنصاره للقصاص.. وأيضا للمحافظة على هيبة حزب الله الدولية”.
وشغل التطور الامني في لبنان خلال اليومين الماضيين، وسائل الاعلام الاسرائيلية التي حللت وتابعت وناقشت التطورات. فالصحافة الإسرائيلية المكتوبة، لم تختلف معالجتها جوهرياً، عن تلك المرئية والمسموعة بشأن تطورات المشهد اللبناني.. فقد ذكرت صحيفة “هآرتس” في عددها الصادر، الأحد، أن أصداء انفجار مرفأ بيروت تهدد بتدمير لبنان.
وارتأت الصحيفة العبرية، أن تستحضر الذكريات الجماعية للحرب الأهلية، مضيفة أنه “في كل مرة، يحدث فيها صدام عنيف بين الميليشيات والمدنيين في لبنان، يظهر شعور فوري بالقلق من تجدد الحرب الأهلية”. غير أنها عادت وأظهرت أن التنبؤ باندلاع حرب أهلية ليس حاسماً؛ لأن مثل هذه الإشتباكات قد وقعت منذ انتهاء تلك الحرب عام 1990. واعتبرت أن الطبيعة المُرعبة لتلك الحرب، التي استمرت 15 عاماً ومزقت البلاد أشلاء، نجحت دائماً في عرقلة أي تفكك.
وفي سياق التحضير الإعلامي الإسرائيلي لإشتعال الوضع اللبناني بشكل أكبر، فقد توقعت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، “أن لبنان في الطريق لأسبوع متفجر”.
ولأنّ “السوشال ميديا” مساحة لاستسهال بث الدعاية، مِن دون تحقق أو دليل، قرر الصحافي الإسرائيلي من أصل لبناني، إيدي كوهين، أن يُثبّت سيناريو الحرب الأهلية أو “تصفيات الخصوم في لبنان”، من خلال تغريدة له، على موقعه في “تويتر”، علّه يوصل الرسالة الضمنية، التي تدعي أن السيناريو ليس مجرد تحليلات سياسية، أو قراءات إعلامية، بل قولٌ أمني.. حيث كتب: “مصادر استخباراتية: اغتيالات قادمة إلى لبنان، بهدف تصفية حسابات وإشعال مواجهات. مِن أولها، أقول لكم أن إسرائيل لا دخل لها!. حيلكم بينكم، ومشاكلكم لا ترموها عليها. الله يعين الشعب اللبناني”.
ورغم الحديث عن صلة كوهين بالمخابرات الإسرائيلية، إلا أنه يتولى دائماً دور بث الدعاية الموجهة ضد الدول العربية، أكثر من نشر معلومات مُحققة، وذلك بالنظر إلى طبيعة تغريداته ومداخلاته بشأن مواضيع مختلفة، التي طالما وصفها بـ”معلومات خاصة وحصرية”. ولذلك، لم يتم تأكيد تغريدة كوهين، حتى اللحظة، من قبل وسائل إعلام عبرية، من خلال أي نشر منسوب للأمن الإسرائيلي، كمصدر. ويبرز هنا، تساؤلٌ مُلحّ: ما الذي يدفع الأمن الإسرائيلي إلى نشر معلومة أمنية مؤكدة، الآن، عن اغتيالات وشيكة في لبنان، حتى لو امتلكها فعلاً؟!
اللافت، أن المستوى السياسي في إسرائيل، وليس الأمني فقط، يتابع عن كثب التطورات الحاصلة في كل من لبنان والعراق، كما أكد رئيس الوزراء نفتالي بينيت في مستهل جلسة حكومته الأسبوعية، الاحد، معتبراً أنه “أينما دخلت القوات الإيرانية، حلّ العنف والفقر والخذلان وعدم الإستقرار”، على حد قوله.