اسئلة عديدة مطروحة مرهونة اجوبتها بتطورات الايام القليلة المقبلة في ظل الاحتقان الكبير الذي يسود البلاد في اعقاب ما حصل في الطيونة يوم الخميس الماضي.

واذا كان فتيل التفجير والفتنة لم يشتعل على امل توصل التحقيقات الى كشف الجناة والمدبرين والمحرضين للجريمة التي اودت بحياة 7 مواطنين ابرياء وسقوط اكثر من 35 جريحا والاقتصاص منهم، فان ما حصل في الطيونة اضاف الى الهاجس الاقتصادي والمعيشي هاجسا ثانيا كبيرا هو الهاجس الامني بعد ان كادت شرارة الطيونة تأخذ البلاد الى فتنة وحرب اهلية.

ووفقاً للمعلومات التي توافرت لـ «الديار» امس فان الايام المقبلة كفيلة بتوضيح الصورة وبلورة مسار الازمة التي تفاقمت على خلفية ملف التحقيق الذي يجريه المحقق العدلي القاضي طارق بيطار في انفجار المرفأ واتهامه من قبل حركة «امل» وحزب الله والمردة بالتسييس والاستنسابية وتجاوز الدستور والقانون. وما زاد الطين بلّة الذي جرى في الطيونة وسقوط الضحايا والجرحى خلال المسيرة التي دعت اليها امل وحزب الله يوم الخميس باتجاه العدلية تنديدا بتعاطي القاضي بيطار في هذا الملف.

ميقاتي يدفع لحلول قانونية

وكشفت المعلومات ان الرئيس نجيب ميقاتي يقوم بسعي استثنائي على محورين: الاول ايجاد حل لقضية القاضي بيطار في الاطار الدستوري والقانوني، والثاني متابعة التحقيقات في ما جرى في الطيونة وتوفير كل الامكانات للتوصل الى النتائج في اقرب وقت ممكن.

وقد ترأس اجتماعا امس حضره وزير العدل القاضي هنري خوري، ورئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود، والنائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، وجرى البحث في ملف ما حصل في الطيونة وضرورة الاسراع في التحقيقات الجارية لكشف الملابسات الكاملة لما جرى واحالة المتسببين بهذه الجريمة والاحداث على القضاء المختص.

وشدد رئيس الحكومة خلال الاجتماع على «ان الملف الكامل لما حصل هو في عهدة الاجهزة الامنية باشراف القضاء المختص». كما اكد ان الحكومة «حريصة على عدم التدخل في اي ملف يخص القضاء، وان على السلطة القضائية ان تتخذ ما تراه مناسبا من اجراءات».

وذكرت مصادر مطلعة ان البحث في الاجتماع تناول ملف تحقيقات القاضي طارق البيطار في شأن انفجار المرفأ في ضوء ما جرى في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء ومطالبة الثنائي الشيعي بكف يده لاتهامه بالاستنسابية والتسييس.

وقالت المصادر ان ميقاتي اطلع من وزير العدل والقاضي عبود وعويدات على وجهات نظرهم في هذا الشأن، مشيرة الى ان رئيس مجلس القضاء الاعلى والنائب العام التمييزي ركزا على التعاون مع وزير العدل في التعاطي مع هذا الملف في اطار القانون من دن ان يتبلور حل ناجز ومعالجة لهذه القضية.

اجتماع لمجلس القضاء الاعلى الثلاثاء

وعلم من مصادر مطلعة ان مجلس القضاء الاعلى سيجتمع الثلاثاء المقبل حيث تمت دعوة القاضي بيطار لحضور الاجتماع، والاستماع منه الى رأيه حول مسار التحقيق في قضية انفجار المرفأ.

ووفقا لمصدر مطلع لـ «الديار» مساء امس ان هناك عددا من الصيغ والاقتراحات المطروحة في شأن ملف التحقيق في انفجار المرفأ ومصير تحقيقات القاضي بيطار ومنها تحويل ملف الوزراء والنواب الى مجلس محاكمة الرؤساء والوزراء، وفي حال تعذر او لم يتم السير في هذا المسار ترك لمجلس القضاء الاعلى اجتراح الحل المناسب في الاطار القضائي والقانوني.

وعن ماهية مثل هذا الحل قال المصدر لا نريد ان نستبق الامور فالموضوع متروك لمجلس القضاء الاعلى في مثل هذا الخيار، وهناك اكثر من صيغة يمكن اعتمادها، واتوقع انها ستتبلور في الاسبوع المقبل.

واشار المصدر الى ان هناك سعيا ناشطا و عملا دؤوبا لمعالجة هذا الموضوع باسرع وقت لا سيما في ظل التداعيات الخطيرة التي خلفتها احداث الطيونة، وان المسؤولين يأخذون بعين الاعتبار خطورة عامل الوقت والتراكمات الحاصلة والنتائج المترتبة او التي يمكن ان تترتب عن هذه الازمة على الصعد كافة بما في ذلك على الحكومة من حيث ديمومة عملها وادائها.

امل وحزب الله

وفي هذا الصدد علمت «الديار» ان حركة «امل» وحزب الله باتا بعد جريمة الطيونة اكثر اصرارا على موقفهما لجهة كف يد القاضي بيطار، يضاف الى ذلك التشديد على تسريع التحقيقات في ما جرى يوم الخميس الماضي للاقتصاص من الجناة والمدبرين والمحرضين على هذه الجريمة.

ونقل مصدر مطلع عن اجواء حزب الله «ان الموقف واضح وصريح، لا عودة الى مجلس الوزراء قبل تنحية القاضي بيطار وكشف حقيقة ما جرى في الطيونة ومحاسبة الذين اعتدوا على المواطنين خلال مسيرة امل وحزب الله وقتلو 7 مواطنين ابرياء وجرحوا العشرات».

واضاف المصدر ان هذا الموقف بات يعرفه الجميع، وان اي كلام او طريقة اخرى غير مقبولة. وهذا الامر لا يخضع للمناورة والمساومة.

وتتجه الانطار يوم غد الى ما سيقوله الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في اطلالته حيث سيتناول ما جرى في الطيونة وما سبق ذلك وتلاه.

وتوقعت مصادر مطلعة ان تكون كلمته شاملة ومفصلة في هذا الشأن والوضع بشكل عام، مشيرا الى ان الاجواء والمواقف الاخيرة من بعض الافرقاء الاخرين تدل على ان الكلمة ستكون شديدة اللهجة مع التأكيد على عدم الانجرار الى الفتنة والحرب الاهلية.

وفي هذا الاطار نفسه نفى وزير العدل هنري خوري امس ما نقلته محطة الجديد عن مصادر قصر العدل بان الرئيس بري ابلغه انه يريد حلا سريعا لتنحية القاضي بيطار.

وقال امام وفد نسائي من المجتمع المدني اعتصمن امام منزله مطالبين بوقف الضغوط على التحقيق العدلي «انه لا يوجد اي تهديد متعلق بالموضوع، والقضاء سلطة مستقلة والقاضي البيطار هو سيد ملف مرفأ بيروت ويحق له استدعاء من يريد».

ونفى ان يكون الرئيس بري قد طلب منه اي شيء يتعلق بالبيطار، لافتا الى ان رئيس المجلس «يعتبر ان محاكمة الرؤساء الوزراء هو من صلاحية المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء».

وقال عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي بزّي في هذا الصدد «ان العودة الى الحكومة مرتبطة بالبت بموضوع التحقيقات باحداث الخميس والعدالة في التحقيق بملف انفجار المرفأ».

ولفت الى «ضرورة احترام الاصول الدستورية والقانونية بموضوع التحقيق بجريمة انفجار المرفأ، وهناك انتهاك للدستور وانتظام عمل المؤسسات، والحقيقة والعدالة بهذه الطريقة لن توصل الى شيء». مؤكدا «ان المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء هو دستوريا الجهة المخولة بمحاسبة الرؤساء والوزراء ولا يمكن ضرب المسار الدستوري بعرض الحائط».

حل قضية بيطار الممر لمجلس الوزراء

وفي ظل هذا الوضع المتأزم والساخن لخص مصدر سياسي بارز الموقف بالقول ان التطورات الاخيرة المتعلقة بملف التحقيق في انفجار المرفأ منذ جلسة مجلس الوزراء الاخيرة وما تلاها من احداث في الطيونة ومواقف تصعيدية فان الحكومة مهددة بالشلل ما لم تنجح المساعي لايجاد المخارج والحلول لهذه الازمة.

واستنادا الى موقف الثنائي الشيعي والمردة فان الممر الى عودة انعقاد مجلس الوزراء يتلخص بايجاد صيغة الحل المخرج لقضية القاضي بيطار، والدفع بقوة لتسريع التحقيقات بما جرى في الطيونة.

ولم يستبعد المصدر ان يحضر الحل القانوني في الايام القليلة المقبلة، مشيرا الى انه يجب ان نتابع ونراقب ما سيحصل في الايام القليلة المقبلة وما سيترافق او يلي جلسة مجلس النواب بعد غد الثلاثاء المخصصة لمناقشة قانون الانتخابات بعد جلسة انتخاب اللجان.

والمعلوم ان المجلس النيابي دخل في العقد العادي، وبالتالي فان القاضي بيطار لا يستطيع توقيف احد من النواب او تنفيذ قرار توقيف النائب علي حسن خليل بينما تتعدد الاجتهادات حول استمرار مسار التحقيقات التي تتعلق بالنواب.

وفي شأن الوضع الحكومي شدد عضو كتلة الرئيس ميقاتي النائب نقولا نحاس على «ان هذه الحكومة هي الامل الوحيد والازمة حادة جدا، ومجلس القضاء الاعلى مضطر لتنقية الاجواء والدستور ليس وجهة نظر».

واكد زميله النائب علي درويش «ان الحكومة حاجة للجمع دون استثناء، ولا يمكن تصور وجود حكومة تصريف اعمال في هذه المرحلة، وهناك مصلحة لبنانية عليا لاستمرار الحكومة وعملها».

بيان حطيط ورد الاهالي

وفي موضوع ملف التحقيقات في مرفأ بيروت برز امس بيان المتحدث باسم اهالي ضحايا الانفجار ابراهيم حطيط من خلال فيديو بثته وسائل الاعلام قال فيه للمحقق البيطار «نحن وضعنا دمنا عندك ولكن ما حصل ويحصل يشير الى تسييس واستنسابية فاضحة».

وطالبه بالتنحي لافساح المجال امام محقق عدلي آخر «يكون امينا على دمائنا»، ودان التدخل الاميركي في التحقيق رافضا تدويل القضية.

لكن عددا من اهالي وذوي ضحايا الانفجار شككوا في موقف حطيط وان يكون تعرض الى ضغوط، فسارع الى نفي ذلك مؤكدا على موقفه.

واصدر اهالي عدد من ضحايا ومتضرري الانفجار بيانا لاحقا اكدوا فيه دعمهم وثقتهم بالقاضي بيطار، واعتبروا ان موقف حطيط هو موقف شخصي ولا يمثلهم او يمثل اهالي وذوي الضحايا.

جلسة الثلاثاء وقانون الانتخاب

على صعيد آخر يعقد مجلس النواب بعد غد الثلاثاء جلستين متتاليتين الاولى لانتخاب اللجان النيابية واعضاء في هيئة مكتب المجلس، والثانية لمناقشة قانون الانتخابات وعدد من التعديلات المطروحة عليه، وقانون الكوتا النسائية.

ووفقا لمصادر نيابية مطلعة فان نقاشا مطولا يتوقع ان يجري حول ثلاثة نقاط:

1- قضية مشاركة المغتربين في العملية الانتخابية.

2- موعد اجراء الانتخابات.

3- الكوتا النسائية.

وفي شأن قضية تصويت المغتربين يتوقع ان يدور النقاش حول الصيغة الموجودة في القانون اي انتخاب المغتربين لستة نواب اضافيين على الندوة النيابية، او انتخاب المغتربين لـ 128نائبا وفق ما جرى في انتخابات العام 2018.

ويبدو ان هناك انقساما في الرأي غير محسوم بعد، ويرفض حزب «القوات اللبنانية» والحزب التقدمي الاشتراكي صيغة الستة نواب، بينما تبدي كتلة التنمية والتحرير وحزب الله انفتاحها على اي صيغة في اطار اشراك المغتربين في العملية الانتخابية.

اما كتلة تيار المستقبل فهي مع الصيغة التي ينص عليها القانون، مع التأكيد والحرص الكاملين على مشاركة المغتربين في التصويت والانتخاب

ويؤيد تكتل لبنان القوي انتخاب النواب الستة الاضافيين وفق القانون، مشددا على انه كان من اوائل الساعين الذين اشركوا المغتربين في العملية الانتخابية في الانتخابات الماضية.

اما في شأن موعد الانتخابات فان اللجان النيابية المشتركة خرجت بتوصية باكثرية كبيرة لاجراء العملية في 27 آذار المقبل، لكن التيار الوطني الحر وكتلته «يعارضان هذا الموعد ويشددا على اجرائها في 8 ايار كما عبروا في جلسة اللجان وكما عبر رئيس التيار جبران باسيل غير مرة.

ومع ان الكوتا النسائية تحظى بتأييد علني من معظم الكتل فان هذا الامر مستبعد اقراره بعد غد وربما اقرت صيغة لتأكيد تطبيق الكوتا في الانتخابات المقبلة.

وتؤكد مصادر كتلة التنمية والتحرير ان الرئيس بري حرص على وضع هذا القانون على جدول الاعمال انطلاقا من موقفه والتزامه الذي اكده اكان من خلال سعيه ومواقفه الداعمة للكوتا النسائية، او من خلال اقتراحات ومشروع كتلة التنمية والتحرير.

وتضيف المصادر ان التزام الرئيس بري والكتلة هو «التزام اخلاقي وعملي ينطلق من الحرص على اشراك المرأة الفاعل في الندوة البرلمانية ودورها بصورة عامة في الحياة السياسية وسائر المجالات».

وفي هذا المجال ايضا قالت عضو كتلة المستقبل النائب رولا الطبش لـ «الديار» ان موقفنا واضح من قانون الانتخاب فنحن مع القانون الحالي وما ينص عليه بالنسبة للمغتربين ونؤكد على مشاركتهم في العملية الانتخابية.

كذلك نحن مع اجراء الانتخابات في 27 آذار المقبل كما جاء في توصية اللجان المشتركة، وفي هذه الحال مع التعديلات في المهل على ضوء اقرار هذا الموعد.

اما بالنسبة للكوتا النسائية فان موقفنا معروف لجهة تأييد ودعم هذا القانون مع الاشارة الى ان الرئيس سعد الحريري كان السباق لاشراك المرأة في هذا الحق بغض النظر وقبل اقرار مثل هذا القانون.

باسيل يشن هجوما عنيفا على جعجع

على صعيد آخر شن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في احتفال حاشد للتيار بمناسبة ذكرى 13 تشرين هجوما عنيفا على رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وقال «هناك احد منكم كلما حاول تنظيف نفسه يعود و»ينجوي» بسفك الدم، وهو كل ما يريد ان يحرك الشارع المسيحي يذهب الى الدم وتاريخه يشهد، لكن حقوق المسيحيين لا يمكن الاتيان بها بالدم بل بالقانون الارثوذكسي الذي طلع منه وروحوا».

وتابع «في الحرب هناك شخص اختصاصه ضرب المسيحيين في الجبل وشرق صيدا وفي اهدن وبعبدا، وبالانقلابات والانتفاضات وبـ 13 تشرين وبمطرانية زحلة وبسيدة النجاة، وبالسلم هو نفسه اختصاصه ضرب المسيحيين بالدستور وبالقانون وبالصلاحيات»…

وقال باسيل «ان العدالة تتحقق بالقضاء وليس بالتحريض الطائفي فمن تاريخه اسود لا يستطيع ان يدعي الغرام بالعدالة ويقتل شعبا متظاهرا ويحاول ان يتسبب بفتنة في البلد على خطوط تماس سابقة ليربح شعبية، ولو ان هذا الشيء ممكن ان يردنا الى الحرب، فنحن ضمانة السلم الاهلي وسنمنع الفتنة… نقدر الذين ضبطوا انفسهم ونعزي بالضحايا ونطالب الاجهزة الامنية والقضائية بتحقيق صارم ومحاكمة سريعة حتى لا احد يأخذ ثأره بيده».

واكد «ان بناء الدولة وحده يحمي السلم الاهلي وان السلاح لا يمنع الفتنة وحدها الدولة هي التي تمنعها و»السلبطة» مرفوضة سواء كانت من الذين هجموا بل تفكير او من الذين ادعوا الدفاع وقتلوا عن سابق تصور وتصميم ويقنص الناس من اسطح المباني وليس من يدعي حماية منطقة باطلاق النار من بين اهلها».

واعلن ان تفاهم مار مخايل في6 شباط اقيم لتكون خطوط التماس جمع بين اللبنانيين المختلفين وليست خطوط فصل… وبالحسبة الانتخابية نحن خسرنا من هذا التفاهم لكن حافظنا عليه ولا زلنا بالرغم من العقوبات لاننا رأينا ان هناك مصلحة استراتيجية لشعبنا. نحن اقمنا تفاهما مع طرد داعش بعد ان قال ذاك الشخص «فليحكم الاخوان»، نحن قمنا بتفاهم مع من حموا لبنان من العدو الذي تعامل معه هذا الشخص».

وعن التحقيق القضائي قال باسيل: «بالمثول امام القضاء لا يوجد درجات بين المواطنين فئة اولى وفئة ثانية وكلامي يطال كل الطوائف والاحزاب فمقولة: «انو الضعيف هوّي يلّلي بيروح عالقضاء» هي معاكسة لمنطق الدولة والعدالة. فاما ان يذهب الجميع الى القضاء او لا احد».