الكاتب : عدنان علامه
نفذ جعجع مجزرة الطيونة أمس متحديًا الدولة، ومتخطيًا كل الخطوط الحمر، ومرسلًا رسائل للخارج بقدرته على مواجهة الثنائي الشيعي لرفع حظوظه الإنتخابية التي تراجعت كثيرًا، ولينال الرضى الأمريكي والسعودي والإماراتي.
والأخطر من ذلك سماعنا مفردات لغة زمن أحداث 75 مجددًا ك “المنطقة الشرقية” و”المقاومة المسيحية”. فما حدث بالأمس كان مخططًا له بعناية فائقة لإستدراج ردة فعل من حزب الله وأمل لتعيد الحرب الأهلية. وقد حاولت أمريكا جره إليها منذ 17 تشرين 2019 من خلال قطّاع الطرق الذين أذلّوا مختلف طوائف الشعب اللبناني على اوتستراد الجنوب والبقاع.
والأخطر من ذلك كله هو عدم تحرك الأجهزة القضائية والأمنية لإلقاء القبض على سمير جعجع بتهديده السلم الأهلي لإعطائه الأوامر المباشرة بتوزيع القنّاصين بإستهداف المدنيين. وللأسف فقد عادت مفردات “خطوط التماس” من الحرب الأهلية بإعتبار “المنطقة الشرقية” كانتون يمنع دخول المتظاهرين إليه.
لقد إستغل جعجع ثغرات إنتشار القوى الأمنية لحماية خط المسيرة ولا سيما مع وجود أصوات عالية جدًا بشد العصب المسيحي لمنع وصول المسيرة إلى “المنطقة الشرقية” مهما كلف الأمر. فنشر القناصين على أسطح البنايات المرتفعة في عين الرمانة وبدارو أدى إلى مجزرة حصيلتها 6 شهداء و37 جريحًا. وكانت الرصاصات تستهدف الرأس والقلب والجزء العلوي بقصد القتل وليس الترهيب بهدف منع الوصول إلى قصر العدل.
هذا من جانب ومن جانب آخر لم تكن حرارة المواقف الرسمية والتحركات الميدانية متناسبة مع خطورة وفظاعة المجزرة التي ترقى إلى جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية ؛ وهذه من أهم المواقف:-
1- موقف رئيس الجمهورية: غمز رئيس الجمهورية بعدم موافقته على اللجوء إلى الشارع للتعبير عن المواقف وحصر حرية التعبير عن المواقف في القنوات والأجهزة الرسمية؟؟؟!!!ولم يتخذ الرئيس موقفًا حاسمًا بصفته قائدًا أعلى للقوات المسلحة كإعطاء الأمر لتوقيف جعجع وتحويله إلى القضاء المختص بتهمة القتل عن سابق إصرار وترصد وتهمة تهديد السلم الأهلي.
2- موقف الجيش: حسب ما نقل البث المباشر لمختلف وسائل الإعلام، فقد وصلت تعزيزات كبيرة جدًا لتعزيز التواجد على المداخل المؤدية إلى عين الرمانة ولم يسجل أي تعامل مع القناصين من حيث تحديد مواقعهم والتعامل معهم بالأسلحة المناسبة. وقد حدد المواطنون مواقعهم بواسطة هواتفهم ووزعوها. وقد غيّرت قيادة الجيش البيان الصادر عنها حيث ساوت بين المجرم والضحية حين وصفت ببيانها المعدًل بأن ما حصل هو إشكال بين طرفين. وللتوضيح لا بد من التذكير بأن الشباب المسلحين الذي تواجدوا في منطقة الطيونة كانت للتعامل مع القناصين حيث لم يتدخل الجيش نهائيًا لتحديد مواقعهم والتعامل معهم. وقد إرتفع أحدهم شهيدًا حين حاول إستهداف مكان القنّاص بقذيفة B7 وقد نقلت معظم وسائل الإعلام لحظة إستشهاده. ولم يكن ما حصل إشكالًا وإشتباكًا بين طرفين لأن كافة الشهداء والجرحى كانوا من طرف واحد. وما شهدناه أمس على الشاشات من إطلاق نار من منطقة الشياح بإتجاه عين الرمانة كان بهدف إعاقة القناصين المحترفين من تنفيذ جرائمهم ولم ينجم عن ذلك سقوط أي جريح .
3- موقف وزير الداخلية : شخًص وزير الداخلية الموقف بدقة ولكن يؤخذ عليه حين قال: “لم نكن نتوقع ذلك” . فأين فرع المعلومات الذين يعرف كل شاردة وواردة ولهم مخبرين في كل شارع وحي؟ وأين هو تقدير الموقف الذي يرفعه إليكم كبار الضباط في ظل الإحتقان السياسي؟
فما حصل بالأمس هو مجزرة بكل ما للكلمة من معنى وترقى إلى جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية. ويجب توقيف كل المتورطين تحريضًا، تخطيطًا وتنفيذًا وتقديمهم للمحاكمة في أقرب فرصة للحفاظ على السلم الأهلي والعيش المشترك حتى لا نندم ساعة لا ينفع الندم.
وإن غدًا لناظره قريب