الكاتب : هيام طوق
منذ فترة يتم الحديث عن تقارير أمنية تشير الى أن الوضع خطير، لكن ما جرى أول من أمس من اشتباكات مسلحة لم يكن في الحسبان في منطقة لطالما صُنّفت بموقعها الحساس أو بمنطقة التماس أيام الحرب الاهلية التي على ما يبدو انها جاهزة للاشتعال في أي لحظة وبأبسط فتيل خلافي بين الأطراف الذين لم تندمل جروحهم بعد منذ 46 عاماً.
كان من المتوقع أن تكون التظاهرة أمام قصر العدل نخبوية على حد قول وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي، والتي دعا اليها “حزب الله” وحركة “أمل” احتجاجاً على ما وصفوه بـ”تسييس التحقيق في انفجار المرفأ”، والمطالبة بتنحية قاضي التحقيق طارق البيطار، وما هي إلا دقائق حتى تحولت التظاهرة النخبوية إلى تظاهرة مسلحة. وبدأ إطلاق النار والاشتباكات في منطقة الطيونة، ووقع قتلى وجرحى إذ وجه “حزب الله” و”حركة أمل” أصابع الاتهام الى حزب “القوات اللبنانية” بإطلاق النار على المتظاهرين. وذلك، ترافق مع حملة عنيفة على “القوات” في مواقع التواصل الاجتماعي والوسائل الإعلامية المؤيدة للحزب.
لكن كيف يرد القواتيون على هذه المواقف التي تحمّلهم مسؤولية ما حصل؟ وما هي تداعيات الاشتباكات وخطورتها على الواقع الأمني والسياسي؟ وما هو موقفهم اليوم من التحقيق الذي كاد يفجر الحكومة والبلد؟ وهل ما قام به “القوات” يزيد من رصيدهم الشعبي أو على العكس هو خسارة لهم على الصعيد السياسي والشعبي؟ أسئلة توجه بها “لبنان الكبير” الى مسؤولين في “القوات” أكدوا أن شباب “حزب الله” هم من اعتدوا على الأهالي وكانوا أول من أطلق النار، ووقع جرحى، مما دفع السكان الذين في أغلبهم يؤيدون “القوات” الى الدفاع عن أنفسهم وأملاكهم. وشدّد المسؤولون على انهم مع رفع الحصانات عن الجميع بدءاً برئيس الجمهورية، وأن المعركة ليست معركة البيطار انما معركة العدالة التي باتت في خطر من طرف لا يتردد في استخدام السلاح في كل لحظة يشعر فيها بأن هدفه لا يتحقق من طريق السياسة أو القضاء.
واكيم: إنها معركة عدالة بامتياز
أكد عضو “كتلة القوات” النائب عماد واكيم ان “الحملة الاعلامية على القوات هي حملة الإعلام الأصفر. انها وقاحة في الاخبار التي تتحدث عن أمور لا تمت الى الحقيقة بصلة. رأينا مئات الفيديوات التي تظهر أن الشبان المدججين بالاسلحة أتوا الى قصر العدل، ووعدوا وزير الداخلية بأن المشاركين في التظاهرة هم نخبة، فأرسلوا بعض الاشخاص للتظاهر الا ان من ورائهم كان هناك مئات المسلحين الذين تعمّدوا سلوك طريق معينة، ولجأوا الى الشتائم، واستخدموا الألفاظ المسيئة والاستفزازية، كما كسروا السيارات وواجهات المحال واعتدوا على الناس. فتصدى الشباب كأفراد وأهل المنطقة للهجوم والتعدي عليهم وعلى أملاكهم، وهذا بدهي. والمعروف ان المنطقة طابعها قوات”.
وأشار الى ان “أول 7 جرحى سقطوا هم من أبناء عين الرمانة. كيف يمكنهم الادعاء ان الاهالي عمدوا إلى تقنيصهم أولاً؟ يحاولون تكبير القضية والتهديد بحرب أهلية مقابل قبع البيطار”.
ولفت الى انه “ليس سمير جعجع الذي قال إما يطير القاضي البيطار أو ان السلم الاهلي مهدد. ممثل “حزب الله” في الحكومة هو الذي هدد في الجلسة اما بتطيير البيطار أو الشارع. يستخدمون العهر في الاتهامات، متسائلاً: لماذا الحزب خائف الى هذا الحد من التحقيق؟ هل له علاقة بالنيترات”؟
وشدد واكيم على انها “معركة عدالة بامتياز. هم لا يريدون الحقيقة ولا العدالة، لذلك يحاولون قبع القاضي، وكل الامور مجندة لهذا الهدف، مؤكداً ان ما يحصل في لبنان من جرائم على مر السنوات سببه عدم المحاسبة. كل ما نريده عدم التدخل بالمسار القضائي. المعركة ليست معركة البيطار انما معركة العدالة التي هي في خطر”.
وأكد انه “مع رفع الحصانات عن كل الناس الا ان ذلك يتطلب تعديلاً دستورياً الذي يتطلب وقتاً. ولا يجوز ان نرضى بكل ما يريده الحزب والا التهديد بحرب أهلية. هذا المنطق أوصلنا الى ما نحن عليه. اذا كانوا يشكون بتحقيقات البيطار، فليسلكوا الطرق القانونية. وهم فعلوا كل ما بإمكانهم للعرقلة القانونية، لكن هذا حقهم، متسائلاً: بعد تطيير صوان وقبع البيطار، هل يريدون أن يعينوا وفيق صفا محققاً عدلياً؟ حينها يكون المسار القضائي بألف خير”.
جبور: الناس ردت بشكل تلقائي رفضاً للإخضاع
قال رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب “القوات” شارل جبور لـ”لبنان الكبير”: “حزب الله وضع هدفاً عنوانه اسقاط العدالة واسقاط تحقيق المرفأ. وبدأ أمينه العام بإطلالات شحن وتحريض في هذا الاتجاه. عندما رأى نصرالله ان تهديداته لا تؤخذ في الاعتبار، أرسل المسؤول الامني وفيق صفا الى قصر العدل لتهديد البيطار مباشرة. وأيضا عندما رأى ان هذا التهديد المباشر لم يفعل فعله، أعطى أوامره بتعطيل مجلس الوزراء. وعندما خيّر مجلس الوزراء بين رأس البيطار أو رأس الحكومة، لم يتحقق أي شيء، فدعا الى تظاهرة مسلحة على أرض الواقع، دخلت الى منطقة آمنة، واستفزّت الاهالي، وسقط 7 جرحى منهم أولاً. أمام مخاوف الناس والاهالي من هجمة وصلت الى منازلهم وهددت أطفالهم وعائلاتهم، حصل رد فعل، وجرى ما جرى. هذه هي الوقائع. الناس ردت بشكل تلقائي رفضا للاخضاع، وهذه البيئة مؤيدة للقوات”.
ورأى ان “هناك خطورتين أساسيتين في ما حصل. أولا: ان هناك طرف لا يتردد في استخدام السلاح في كل لحظة يشعر فيها بأن هدفه لا يتحقق من طريق السياسة أو القضاء. ثانيا: هناك طرف يريد تحقيق أهدافه انطلاقاً من رؤيته للامور، وهذا يؤدي الى تغييب الدولة ومؤسساتها واستخدام القوة والعنف، وهذا مستهجن وغير مسموح”.
وطالب جبور “بتحقيق جدي بالاحداث التي حصلت في 14 تشرين الاول، والتي وقعت نتيجة مسار تحريضي يومي وعلني وصل الى حد تهديد قاض بالقبع. الفيديوات أظهرت ان هناك بيئة أتت مدججة بالاسلحة، وعلى القضاء ايقاف كل من ظهر في الكاميرات وهو يحمل سلاحاً”.
وشدد على انه “اذا كان بالامكان اليوم رفع الحصانات عن الجميع، فلترفع بدءاً من رئيس الجمهورية. لا نضع خطوطاً حمراء أمام التحقيق، لكن الى حين الوصول الى هذا الامر ماذا نفعل؟ يجب دعم القاضي في عمله”.