منذ خروجه من السجن عام ٢٠٠٥ دخل سمير جعجع تحالف ١٤ اذار الذي كان يقوده وليد جنبلاط ويشكل سعد الحريري الرافعة الاكبر شعبياً لهذا التحالف ، وأسند لجعجع بهذا الحلف دوراً ملحقاً لا أساسياً متشاركاً بنفس الحجم السياسي بالقرار بهذا الحلف مع الكتائب ولقاء قرنة شهوان ..
هذا الدور كان محدد ومحدود بكل الاستحقاقات ،بالتمثيل النيابي والانتخابات الرئاسية وكل ما يتصل بوجود ١٤ اذار بالمعادلة الداخلية والخارجية التي كانت محصورة بما يقرره جنبلاط ويوافق عليه الحريري ، استخدم رئيس القوات كديكور او اكسسوار بحلف يحتاج الى مكونات طائفية سنية ودرزية ومسيحية ؟ ومع ذلك لم يسمح له بأن يكون الوجه المسيحي الأساسي والأبرز بهذا الحلف كما هو الحال مع ميشال عون المتحالف مع ٨ اذار .،
حتى ما قبل انتخابات ٢٠١٨ ظل حكيم معراب تحت وصاية وإدارة من يقود هذا التحالف من خلال تحديد عدد نواب كتلته وتمثيله الوزاري بالحكومات المتعاقبة منذ عام ٢٠٠٥ ، بقي على هامش القرار كل ذلك الحقبة وأعطي له فقط حق الرد على مواقف التيار العوني على قاعدة التركيبة اللبنانية منطق سياسي مسيحي يعارضه منطق مقابل من نفس الطائفة
بعد عام ٢٠١٨ شكل جعجع كتلة نيابية مستقلة وازنة أعطت له جرعة قوة ظن من خلالها انه اصبح داخل معادلة القرار السياسي فخرج من تحالفه مع جنبلاط والحريري وذهب بعيدا بالانقلاب على تيار المستقبل وصولاً الى التحريض عليه عند النظام السعودي ،
وخرج ايضا من اتفاق معراب مع التيار العوني وتحول الى راس حربة باسقاط العهد ورئيس الجمهورية عقب انتفاضة ١٧ تشرين وقطع أوصال المناطق المسيحية وراح بعيداً بخيار الشارع بمواجهة التيار ، ورغم ذلك لم يحصد اَي نتيجة تذكر بالتأثير على القرار السياسي الداخلي بعد ١٧ تشرين التي حولته بمعظم الأحيان الى قاطع طرق غب الطلب لتصبح طريق جل الديب حجم قدرته وتأثيره بالسياسة والشارع ، وحتى هذه الورقة الهامشية سقطت منه لاحقاً ..
ليتحول بعد ذلك الى ما يشبه المحلل السياسي يصدر بيانات يومية ويقيم مؤتمرات صحفية تحددها إطلالات جبران باسيل وأمين عام الحزب! وعندما تغيب إطلالاتهم كان يعوض ذلك بإجراء مقابلات اعلامية بمعظمها مداخلات تلفزيونية هناك بعض المحليلين والإعلاميين يرفضون تلبيتها على قاعدة ” مش محرزة ”
اليوم بعد مجزرة الطيونة دخل جعجع الى المشهد السياسي مؤقتاً لكن دخوله هذا كان شاذاً ودموي كما لو انه نسخة مكررة عن سمير جعجع عام ٨٩ ..
ورغم ذلك يبقى هذا الدخول على الهامش بالمعادلة الداخلية لسبب بسيط هو ان جعجع الذي يتلقى منذ عام ٢٠٠٨ دعم مالي شهري من السعودية ليقوم بإعداد جيش من المقاتلين الذين خضعوا لتدريبات عسكرية بما عرف بالمخيمات الصيفية والسفر الى الخارج تحت غطاء التدريب للعمل بشركات امن خاصة ، لم يمكنه كل ذلك من امتلاك قرار وقدرة على فتح معركة مباشرة ومفتوحة مع اطراف ترغب السعودية بمواجهتها ابرزها ح ز ب الله
بل كل ما استطاع جعجع تحقيقه هو انشاء ما يشبه مجموعات قتل محترفة بامكانها القيام بعمليات قنص او اغتيالات دون ان تمتلك القدرة على مواجهة عسكرية حقيقية مع جهات لديها القدرة النارية على مسح اَي مبنى يتحصن به القناص خلال ثوانٍ معدودة
صحيح ان جعجع دخل مؤقتاً على المشهد السياسي والمعادلة الداخلية المترنحة وتوازناتها الهشة بعد مجزرة الطيونة لكنه سريعا سيعود الى هامش المعادلة الداخلية ،
لكن ذلك لا يعني انه لن يشكل خطر حقيقي على السلم الأهلي اذا ما بقيت مجموعات القتل التي يديرها متفلتة ودون عقاب تقتل في الطيونة ولاحقاً باي منطقة لبنانية وعلى اَي تجمع او مظاهرة وان كانت تحمل عناوين ومطالب سياسية يؤيدها سمير جعجع ..
عباس المعلم /كاتب سياسي