“الدويهيون” يستعيدون مجد “بونا سمعان”… من زغرتا إلى البرلمان!
المصدر : نداء الوطن
باتت لكل دائرة إنتخابية حساباتها الضيقة بغضّ النظر عن التحالفات الكبرى التي تُبرم على مساحة الوطن أو الإطار العام الذي ستُخاض على أساسه الإنتخابات المقبلة.
تسرق الدائرة الثالثة في الشمال، التي تضمّ أقضية البترون والكورة وزغرتا وبشري، الأنظار من بقية الدوائر المسيحية، نظراً لوجود 3 مرشحين للرئاسة هم رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع ورئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية ورئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل، إضافةً إلى مرشح رئاسي رابع دخل نادي المرشحين هو رئيس حركة “الإستقلال” النائب المستقيل ميشال معوّض.
وإذا كانت المعركة المسيحية في هذه الدائرة أكثر من شرسة، إلاّ ان لكل قضاء حساباته الخاصة، فقضاء زغرتا الذي يضم 3 نواب موارنة دخل باكراً المعركة وقد تجلّى هذا الدخول في تعيين عضو الأمانة العامة لـ14 آذار سابقاً يوسف الدويهي أميناً عاماً لحزب “الوطنيين الأحرار”، وتأكيده بأنه سيترشّح في الإنتخابات المقبلة.
في الشكل، قد يكون هذا التعيين عملاً إدارياً حزبياً، لكن في المضمون له أكثر من دلالة زغرتاوية وشمالية، فآل الدويهي من أكبر العائلات الزغرتاوية وهي في صلب عائلات اليمين المسيحي، ولعبت سابقاً دورها السياسي الأكبر خلال عهد الرئيس كميل شمعون وبعده، فالأب سمعان الدويهي “بونا سمعان” كان الركن الأساسي للعهد الشمعوني وكان في تنافس كبير مع عائلتَي فرنجية ومعوّض، وبعد وفاته دخلت العائلة التي تعدّ نحو 2000 صوت في ضياع وفقدت مرجعيتها السياسية، وحاول فرنجية عبر ترشيح النائب إسطفان الدويهي خرقها مغدقاً الخدمات، في حين كان الجو العام أقرب إلى آل معوض و”القوات” والخط التاريخي لبكركي.
تبدّلت المعطيات اليوم، فبعدما خاض يوسف الدويهي إنتخابات 2000 منفرداً ومن ثم انتخابات 2009 متحالفاً مع معوّض، إختار العزوف عن الترشيح عام 2018 لأنه لا يريد ان يكون “مطية” لأحد وفق القانون النسبي، وثانياً لأنه كان غير متحمّس للتحالف مع “التيار الوطني الحرّ”، لذلك فإن ظروف هذه الإنتخابات تغيّرت.
ويكشف الدويهي في حديث إلى “نداء الوطن” أن أولويته تتركّز أولاً على إعادة تنظيم الحزب ورصّ الصفوف خصوصاً أنه ينطلق من عائلة شمعونية عريقة، أما الأولوية الثانية فهي وطنية بامتياز وتتمثّل بالتركيز على تأليف الجبهة السيادية التي تضمّ أحرار كل لبنان.
ويفصل الدويهي الحسابات الزغرتاوية عن الوطنية، فاللقاء السيادي الذي عُقد في السوديكو هو المدماك الأول في التصدي للإحتلال الجديد وينطلق من أهداف ومبادئ بكركي، وبالتالي فمن الطبيعي “أن نكون مع القوات والنائب السابق فارس سعيد والشخصيات الأخرى التي تجمعنا بها نفس المبادئ، وهنا لا نُدخل عامل الربح والخسارة في حساباتنا”.
بعد الإنسحاب السوري من لبنان، كان آل الدويهي متحالفين تلقائياً مع معوّض، لكن هناك برودة شديدة في العلاقة بينهما اليوم خصوصاً بين يوسف الدويهي وميشال معوّض، وهذه البرودة مردّها إلى عوامل عدّة أبرزها رفض الدويهي ما يحاول معوض وفرنجية الإيحاء به بأن هناك ثنائية في زغرتا الزاوية تتمثّل بفرنجية ومعوّض، لذلك ينتفض الدويهي ويؤكّد أن التعددية السياسية هي ميزة المدينة وبلدات القضاء ونرفض أن نكون على شاكلة “الثنائي الشيعي”.
لم تتّضح صورة التحالفات بعد في دائرة الشمال المسيحي، لكن على ما يبدو فإن “القوات” ستكون متحالفة مع “الأحرار”، وإذا كان البعض يشدّد على أن “الأحرار” هم قيمة معنوية ووطنية أكثر من وجود فعلي على الأرض، إلا أن ترشيح يوسف الدويهي الذي ينطلق من عائلة كبرى سيخلق إرباكاً على الساحة الزغرتاوية، خصوصاً أنه قد يسترجع بعض الأصوات التي ذهبت إلى معوّض وفرنجية لأن عائلته “الشمعونية” الأصل تصوّت بالسياسة.
ويعتبر الدويهي أنّ “الجميع ظنّ أن الإرث السياسي للأب سمعان الدويهي والعائلة يمكن تقاسمه أو السيطرة عليه، لكن الحقيقة أن ترشيح شخصية من رحم روحية العائلة سيُعيد خلط الأوراق وسيكون معوّض ربما المتضرّر الأكبر، في حين أن ترشيحي لا يؤثّر على “القوات” إطلاقاً لأن هدف “القوات” ليس حصد مرشّح في زغرتا حتى الساعة”.
ومع دخول الدويهي نادي المرشحين للنيابة رغم بعض التباينات الداخلية وإحتمال تأثيره على معوّض، والحديث عن إمكان ترشّح النائب السابق سليم كرم إلى جانب “التيار الوطني الحرّ” وتأثيره على فرنجية إن حصل هذا الأمر، وعزم كل من “القوات” و”التيار الوطني الحرّ” على الإعلان عن مرشحين محتملين في هذا القضاء، فإن عملية خلط الأوراق ستكون في أوجها، والمفارقة أن إنهيار بنية الدولة يؤثّر سلباً على فرنجية الذي بنى زعامته متكلاً على خيرات الدولة، في حين أن معوّض يحظى بدعم أميركي لافت على الصعد كافة، فهل ستُترجم كل هذه الخلطة في صناديق الإقتراع ويكون الخرق من الدويهي أو كرم أو حتى مرشحي “القوات” أو “التيار”؟