إعداد : الدكتور فريد لخنش ـ باحث في المركز الأوروبي ـ شؤون التطرف والإرهاب
يعد القيادي طارق سعيد رمضان من أبرز الزعماء المعاصرين لجماعة الإخوان في أوروبا، بل ومن أكثر الشخصيات المؤثرة فيها والمثيرة للجدل في الوقت الراهن، فضلا عن ذلك فهو يتحدث بطلاقة العربية والفرنسية والإنجليزية، وبسبب إتقانه للغة الفرنسية تحديدا فقد كان له تأثير منقطع النظير لا سيما في فرنسا والمناطق الفرنسية في سويسرا وبلجيكا، بسبب مشاركته المستمرة في حوارات مهمة وبرامج تلفزيونية كثيرة.
من هو “طارق رمضان”
في سنة 1949 تمت مطاردة مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا، جد طارق رمضان من قبل الملك فاروق الأول وتم اغتياله بسبب أعماله السياسية، وفي سنة 1958، نفاه جمال عبد الناصر من مصر فلجأت وفاء البنا، إلى سويسرا رفقة زوجها سعيد رمضان وأقاموا في جنيف، أين ولد طارق سعيد رمضان في 26 أغسطس 1962 في جنيف، وهو مفكر إسلامي سويسري ذو أصول مصرية، متزوج وأب لأربعة أطفال ولديه أخ يدعى “هاني رمضان” وهو أستاذ وإسلامي سويسري ومدير مركز جنيف الإسلامي.
نال “طارق رمضان” درجة الماجستير في الفلسفة والأدب الفرنسي، ودرجة الدكتوراه في اللغة العربية والدراسات الإسلامية من جامعة جنيف، ويحمل الإجازة في سبعة تخصصات، كما عمل أستاذا في مدرسة ثانوية بسوسور بجنيف، ومحاضرًا في الدين والفلسفة في جامعة فريبورغ في الفترة من 1996 إلى 2003. وفي أكتوبر 2005 بدأ التدريس بكلية سانت أنتوني بجامعة أكسفورد برتبة أستاذ زائر.
أصبح في 2005 باحثًا في مؤسسة لوكاهي وفي 2007، عمل كأستاذا زائرا للهوية والمواطنة في جامعة إيراسموس في روتردام، حتى أغسطس 2009 عندما أعفته مدينة روتردام وجامعة إيراسموس من منصبه “مستشارًا للاندماج” وأستاذًا، وعين في سبتمبر 2009 في رئاسة الدراسات الإسلامية المعاصرة في جامعة أكسفورد.
أنشأ طارق رمضان حركة مسلمي سويسرا، مثلما شغل منصب مستشار للاتحاد الأوروبي حول القضايا الدينية، وطلب للمشورة في الاتحاد الأوروبي في لجنة حول “الإسلام والعلمانية”، أيضا أسس وترأس شبكة المسلم الأوروبي في بروكسل، وعمل كمستشار وخبير لعدة لجان في البرلمان الأوروبي، يشارك أيضًا في غرف عمل عالمية لديها علاقة بالإلهيات والأخلاقيات، وبالحوار بين الأديان والثقافات، وقد تركز اهتمامه في التجديد الإسلامي، وبحث قضايا المسلمين في الغرب.
قدم إلى فرنسا في 1992، وقدم حينها عدة محاضرات، وشارك بين سنتي 1993 و1994 في مؤتمر اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا” مسلمو فرنسا” حاليا، ورفض بعدها دعوات المشاركة لغاية 2008. كما وقع نداء السكان الأصليين للجمهورية المندد بفرنسا كدولة لا تتحمل مسؤولية تاريخها الاستعماري، وفي مايو 2004، ألغت الحكومة الفيدرالية للولايات المتحدة تأشيرة عمل تحصل عليها بسبب الاشتباه في علاقته بأنشطة إرهابية، وفي 2005، استدعي للمشاركة في مجموعة تفكير أسسها توني بلير حول مشكلة الإسلام المتطرف في بريطانيا، بعد تفجيرات لندن.
في سنة 2000، تم تصنيفه واحد من بين سبعة مفكرين مجددين ومبتكرين في القرن 21م من قبل المجلة الأمريكية التايم. كذلك هو واحد من بين 100 مفكر الأكثر تأثيرا في العالم، وذلك في المرتبة الثامنة في 2004 من قبل مجلة التايم، وفي 2005 و2008 كذلك من قبل فورين بوليسي وبروسبكت، وفي 2009، 2010، 2012، 2013 من قبل مجلة فورين بوليسي. تحصل في 2007 على جائزة الامتياز مقدم من قبل المجلة البريطانية ذو مسلم نيوز. جاء أيضا في المرتبة 51 من بين أكثر 100 مفكر مؤثر في العالم من قبل فورين بوليسي في 2014. [1]
الجانب المظلم في حياة طارق رمضان ” حقائق صادمة”
تتناقض مسيرة الاخواني طارق رمضان بشكل كامل مع سلوكاته الغير أخلاقية والمنافية للقيم الإسلامية ذات الصلة بالعلاقات الجنسية غير الشرعية، وما يثبت ذلك هو تأكيدات “إريك موران” محامي منية ربوج، إحدى ضحاياه في 20 أكتوبر 2020، أن التحقيقات أظهرت مدى مصداقية أقوال ربوج، التي أصرت على تقديم دليل دامغ يثبت صدق اتهاماتها، عبارة عن ثوب أظهرت الفحوصات وجود آثار من رمضان عليه، وللإشارة فقد تقدمت الضحية بشكواها ضده في 2018 واتهمته باغتصابها 9 مرات في الفترة من 2013 إلى 2014.
بدأت قضية رمضان بالضبط في 2017، حين رفعت كل من الناشطة النسوية هند العياري و”كريستيل” شكوى ضده لاتهامه بالاغتصاب في 2009 و2012. وجهت إلى من يوصف بـ”المفكر الإسلامي” في إطار هاتين القضيتين تهمة “الاغتصاب” بل واغتصاب شخص ضعيف، إذ إن “كريستيل” من ذوي الاحتياجات الخاصة.
أوقف طارق رمضان منذ توجيه الاتهام له في 2 فبراير 2018، كما أقر عقب شهادة ربوج بعلاقات معها ومع أخريات قدمن شهادات، وكانت ربوج طرفاً أساسياً في القضية المعروفة باسم “كارتون”.[2] حيث قدم المفكر الإسلامي أكثر من 300 فيديو وألف صورة لإقناع القضاة بأنها علاقة رضائية، ووُجّه له اتهام ثالث ثم رابع على خلفية شبهات باعتدائه جنسياً على امرأتين أخريين عامي 2015 و2016. وفتحت بحقّه قضية اغتصاب موازية في جنيف في 2018.[3]
يواجه زعيم تنظيم الإخوان خمسة قضايا اغتصاب في فرنسا وسويسرا، من أبرزها تهمة اغتصاب لفتاة من ذوي الاحتياجات، إذ أشارت صحيفة ليبراسيون الفرنسية أن خط دفاع رمضان الجديد سيرتكز على استغلال مسألة “الإسلاموفوبيا”، أي التحامل والكراهية والخوف من الإسلام، زاعما أنه يتعرض للعنصرية من جانب القضاء الفرنسي، وأضافت الصحيفة أن ضحاياه ومحاميهم تلقوا تهديدات منتظمة وتعرضوا للسب والقذف من أقارب وأنصار طارق رمضان، وقد ذكر موقع ميديا بارت الإخباري الفرنسي عن الكاتب والصحفي الفرنسي السويسري إيان هامل ومؤلف كتاب “طارق رمضان .. قصة دجال” أنه في مرمى اعتداءات أنصار حفيد مؤسس الإخوان، بل وتعرض للاعتداء.
سقوط حر “طارق سعيد رمضان”
بعد مواجهة بالأدلة اعترف طارق رمضان بجرائمه الشنيعة التي لا تمت بصلة للإسلام ولا حتى بالإنسانية في 23 أكتوبر 2018 بإقامة علاقة جنسية مع الامرأتين، رغم إقراره أن تلك العلاقة كانت بالتراضي وليس اغتصاباً وأجبر طارق على هذا الاعتراف بعد الكشف عن مئات الرسائل الهاتفية القصيرة من هاتف قديم لكريستال، وفي 02 ديسمبر 2018، كشفت صحيفة “لو جورنال دو ديمانش” الفرنسية عن العثور على 776 صورة إباحية وجنسية على هواتف وحواسيب ووسائط حفظ البيانات الخاصة بطارق رمضان.[4]
أكد الملقب بالمفكر الإسلامي أن تكذيبه في السابق بشأن عدم ممارسة هذه الأفعال كان محاولة منه لحماية نفسه، إذ قال “أطلب أن يسامحني الله، وكذلك عائلتي، والذين أصيبوا بإحباط تجاهي من الجالية المسلمة بسبب أفعالي”، وما يمكن قوله هو أن رجل الإيمان والمفكر الإسلامي المعاصر طارق رمضان قد أساء لصورة الإسلام والمسلمين في فرنسا وأوروبا بشكل عام بهذه الأفعال خصوصا بما تعلق بقضية الفتاة من ذوي الاحتياجات الخاصة، بل أنه ارتكب جريمة معاصرة.
يعتقد أن طارق رمضان الذي لقب بسفير جماعة الإخوان في أوروبا، يخضع حاليا للمراقبة القضائية وممنوع من مغادرة الأراضي الفرنسية، إلا أنه لم يزل نشطا على شبكات التواصل الاجتماعي.