الكاتب : علي رباح
الحماية الاجتماعية واجب عيني على الجميع، كلُ بحسبه، ومسؤوليتها تتفاوت وفقاً لخطورة مواقع الافراد السياسية والامنية والاجتماعية والعلمية، وهي ايضاً تتغير اتساعاً كلما ضاق الهرم السياسي الاجتماعي نحو الاعلى، فمسؤولية الوزير اهم وأكبر من مسؤولية سائر المواطنين حيث تأتي في آخر السلم باتجاه قاعدته، وبالتأكيد يفصل ما بين الاول والباقين، مواقع هامة كالمدراء العامين، ورؤوساء المصالح وغيرهم، ولكن وفي بلد العجائب الذي هربت منه اليس، الامر معكوس، فترى البعض من المواطنين العاديين يشعرون بالمسؤولية بنسبةٍ اكبر وبشكلٍ ملحوظ من المديرين والوزراء والنواب والرؤوساء وغيرهم ..
وفي موضوعنا المذكور في العنوان، فإني احمل مسؤولية الكارثة الاجتماعية الآتية والاضافية، وبشكلٍ كبير، معظم الكتل النيابية التي ما برحت تقارب الامور من المنظور الضيق المتوافق مع مصالحها السياسية الآنية، وحسابات وضع اليد على التكتلات الشعبية، حتى في هذا الظرف، عبر الاستحواذ على الادارات العامة والمصالح المستقلة، بغية السيطرة على المفاتيح الانتخابية بأثمان بخسة، ولا استثني من المسؤولية السياسيين الجدد والقدامى في الوزارات والموظفين “العتاق”، وعامة الشعب الذي امسى، وبشكلٍ كبير، يتهرب من مسؤولياته، وينبري كل فرد منه لعلاج مشاكله بشكلٍ فردي في مشهدٍ يدعو للأسف.
إذن، موضوعنا، هو تشريع زراعة الحشيشة ـ حيث يلطفون وقع اسمها فيقولون “القنب الهندي”ـ وأتحفنا وزير الزراعة بخبر مفاده انه سيضع القضية موضع التنفيذ، وكأننا شكونا له ان مشكلة لبنان البنيوية ستجد طريقها للحل عبر الحشيشة.
أنا لن اعيد تكرار المخاطر التي اشار اليها جمع من العقلاء الكاتبين، ولكني سأقارب القضية من خلال تجربة التبغ الجنوبي وأترك لكم الحكم ..
ملخص الموضوع كما يلي: تستلم ادارة الريجي التبغ من الجنوبيين بسعرٍ مضحك الى حد ما، إذا ما قارنا تسعيرة الكيلو مع عدد علب السجائر التي يمكن صناعتها من كل كيلوغرام، وهذا يوضح حجم الارباح الهائلة التي يُحرم منها المزارع، وكأننا امام قانون باريتو 80/20، فالمزارع يقدم 80 % من الجهد ويحصل على اقل من 20 % من المردود، والتجار الكبار يحصلون على 80 % من الارباح مع ان جهودهم لا تبلغ ال 20%، وهذه قسمة بيظة. المهم، وبسبب هذا التعامل غير المنصف، يعمد المزارعون ومنذ فترة الى بيع جزء من انتاجهم في السوق المحلي، ويمكننا ان نقول سوق السوداء، وما اكثرها في لبنان.
بتنا امام مشكلتين في قضية التبغ، وسوف تحصلان حكماً في قضية الحشيشة:
· ضعف الرقابة المنتظمة من قبل الدولة التي تعاني تصدعات وتفككات افقية وعامودية
· التسعيرة والتي ستكون حتماً غير منصفة بسبب جشع كبار المستثمرين
هاتان المشكلتان ستتسببان بتسرب جزء لا يُستهان به من محصول الحشيشة الى البيع في الاسواق السوداء وبين البيوت، وستظهر حالات ادمان بمعدلات خطيرة، وسنتحول من تدخين التبغ الى تدخين الحشيشة بهمة الوزير والكثير من اركان هذه الدولة الفاشلة …
والسلام