الحدث

أنا مغترب وسأقترع… وسيكون لصوتي كل الفرق


اندريه قصاص Andre Kassas

في 20 ايلول شاركت في الإنتخابات النيابية الفيديرالية في كندا. مارست حقّي الإنتخابي وأخترت النائب عن المنطقة التي أسكن فيها وفقًا لبرنامجه الإنتخابي، إذ أن كندا تعتمد قانون one man one vote وهو قانون تبيّن لي بعد التجربة أنه الأفضل لأي نظام، وبالأخص للبنان المتعدّد والمتنوع، سياسيًا ودينيًا وثقافيًا. فتصغير الدوائر الإنتخابية يسهّل على المنتخب إنتقاء المرشح الذي يرى فيه إمكانية إيصال صوته ومطالبه إلى البرلمان، ويجعله يتحسس المشاكل التي يعانيها المنتخب في المنطقة التي يسكن فيها، إضافة إلى سهولة العملية الإنتخابية، قياسًا إلى ما يتضمّنه القانون النسبي المعتمد في لبنان من تعقيدات ليس في مقدور المواطن العادي إستيعابها، خصوصًا بالنسبة إلى الحواصل والصوت التفضيلي، وما إلى هنالك من قيود تُفرض على الناخب عندما يُجبر على التصويت للائحة بكاملها من دون أن تُترك له حرية الإنتقاء.
هذا الكلام هو من باب التمني، على رغم يقيني أن إنتخابات العام 2022 لن تتمّ إلا وفق القانون الساري المفعول، وذلك لإستحالة تغييره بسبب ضيق الوقت من جهة، وبسبب عدم التوافق السياسي على أي قانون آخر، خصوصًا أن كلًا من كتلتي “لبنان القوي” و”الجمهورية القوية” كان لهما موقف رافض لطرح كتلة “التنمية والتحرير”، التي تطالب بجعل لبنان دائرة إنتخابية واحدة، وعلى اساس النسبية.
هذا في الشكل. أمّا في المضمون فإن مشاركة المغتربين في الإنتخابات النيابية اللبنانية المقبلة هو أمر يفرضه القانون. وهذا ما يُعمل عليه بعدما أعطى رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي تعليماته إلى كل من وزارتي الخارجية والمغتربين والداخلية والبلديات بضرورة الإسراع في التحضيرات اللوجستية لعملية إقتراع المغتربين المنتشرين في كل أصقاع الدنيا، وذلك إيمانًا منه بأن من حقّ المغترب اللبناني أن يشارك في الحياة السياسية في بلده الأمّ، وهو قادر على إحداث الفرق، خصوصًا إذا نُظمّت حملات التوعية المكثّفة لتشجيع جميع المغتربين للتعبير عن آرائهم وطموحاتهم من خلال مشاركتهم الفعلية في عملية إختيار نواب الأمّة.

ولأن للمغترب واجبًا مكمًّلًا لواجب كل مقيم في التطوير والتقدّم، فإنه من الضروري أن تنتظم عملية الإقتراع في المغتربات وفق آليات محدّدة وواضحة، وبروح ديمقراطية بعيدة عن الحزازات الحزبية الضيقة المنقولة لوثتُها إلى آخر العالم.
فالمغترب يُفترض به من حيث المنطق أن يكون قد إستفاد من الأجواء الديمقراطية السليمة في المجتمعات التي هاجر إليها، ويُفترض به أيضًا أن يرى الأمور من منظار مغاير لما يراه المقيم الغارق بأزماته حتى أذنيه. فالمشهد السياسي يُفترض أن تكون صورته من بعيد مختلفة وأكثر وضوحًا. وعلى هذا الأساس تسهل عملية التمييز بين مرشح وآخر، في حال لم يكن المغترب منتميًا إلى أي حزب من أحزاب السلطة.
هذا الحقّ ليس منّة، بل واجب يفرضه القانون. فالمغتربون الذين يساهمون بقوة في مدّ الوطن بمقومات صموده عبر تحويلاتهم المستمرّة لأهاليهم بـ “الفريش دولار”، وهم على إستعداد للإنخراط في ورشة إعادة الحياة الإقتصادية إلى أفض مما كانت عليه، يطلبون من أهل السياسة أن يأخذوا في الإعتبار أهمية مشاركتهم الفعلية في الحياة السياسية في بلدهم الأمّ، من خلال ممارسة حقّهم في الإنتخابات، التي يريدونها حرّة ونزيهة وشفّافة وحضارية.
المصدر: خاص “لبنان 24”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى