هل أُصيب بايدن بالخرف فِعلًا؟ وكيف بدأ ترامب بتَصَيُّدِ أخطائه وزلّات لسانِه وهزيمته المُهينة في أفغانستان؟ وماذا تقول استِطلاعات الرأي الأخيرة؟ وهل بدأت الحمَلات الانتخابيّة الرئاسيّة مُبَكِّرًا؟
sara
المصدر:رأي أليوم
تُواجِه شعبيّة الرئيس الأمريكي جو بايدن تَراجُعًا لافتًا، بعد ثمانية أشهر، من تسلّمه الرئاسة وانتِقاله للبيت الأبيض بعد هزيمته لخصمه الجُمهوري دونالد ترامب، فقد كشف آخِر استِطلاعات الرأي انخِفاض نسبة التّأييد له إلى 43 نقطة، أيّ بفارق ستّ نقاط عن الشّهر الماضي، مثلما ارتَفعت نسبة غير الرّاضين عن أدائه إلى 51 بالمئة مُقارنةً بـ 44 بالمِئة في الشّهر السّابق.
سبب هذا التّراجع الهزيمة المُذِلَّة التي لَحِقَت بالولايات المتحدة على أيدي حركة الطالبان في أفغانستان، وفشَل إدارة الرئيس بايدن في إدارة تَبِعاتها، خاصَّةً حالة الفوضى المُخجِلَة في مطار كابول.
دونالد ترامب الذي لم يستطع حتّى الآن التّسليم بالهزيمة، استغلّ هذا التّراجع بشَكلٍ بَشِع، وبدأ في توظيفها في حملته الانتخابيّة المُبكّرة لانتِخابات عام 2024، حيث كثّف سُخريته من الرئيس بايدن، واتّهمه بالحماقة والتقدّم بالسّن (الفارق بينهما ثلاث سنوات فقط)، وإصابته بمرض الخرف، وتحويل أمريكا إلى إحدى دول العالم الثّالث.
ترامب الذي احترف الكذب، ورصدت له صحيفة “الواشنطن بوست” أكثر من ألفيّ كذبة، علاوةً على العشرات من زلّات اللّسان، والنّسيان أيضًا، ركّز على نسيان بايدن اسم رئيس وزراء أستراليا سكوت موريسون أثناء إعلانه عن قِيام الحِلف الثّلاثي الأمريكي البريطاني الأسترالي الجديد، وسرقة، أيّ بايدن، صفقة الغوّاصات النوويّة من فرنسا قبل أُسبوعَين.
نُقطةٌ أُخرى ركّز عليها ترامب وهي مسألة المُهاجرين، حيث اتّهم بايدن بالسّماح لأكثر من 16 ألف لاجِئ هاييتي بدُخول أمريكا عبر تكساس، في مُحاولةٍ عُنصريّة الطّابع لجذب ناخبيه البيض، وهو الأُسلوب نفسه الذي استخدمه بوريس جونسون، رئيس وزراء بريطانيا الحالي لإخراج بلاده من الاتّحاد الأوروبي (البريكسيت).
مُعظم الرّؤساء الأمريكيين، وخاصَّةً دونالد ريغان وحتى جورج دبليو بوش الأكثر شبابًا عندما فاز بالانتِخابات ارتكَبوا أخطاءً مُماثلة، فقد نسي الأخير (بوش الابن) اسم برويز مشرّف رئيس باكستان في حينها في مُقابلةٍ أُجريت معه عام 2000، بينما رحّب الرئيس دونالد ريغان بالأميرة “ديفيد” بَدَلًا من الأميرة ديانا عام 1994.
ترامب يَحِنّ للعودة إلى البيت الأبيض ويُراهِن على 75 مِليون صوت حصل عليها في الانتِخابات الرئاسيّة في تشرين ثاني (نوفمبر) الماضي، ولكنّ استِطلاعات الرأي ما زالت في غير صالحه، ووضعته في المرتبة الأخيرة بعد الرّؤساء جورج بوش الابن (36 بالمئة)، وجو بايدن (21 بالمئة)، وباراك اوباما (15 بالمئة)، وترامب (12 بالمئة) من الأصوات.
جو بايدن ليس الوحيد الذي يُعاني من الهرَم والخرَف، وإنّما أمريكا نفسها التي تتوالى عليها الهزائم، وتتراجع مكانتها كدولة عُظمى لمصلحة الصين وروسيا، سياسيًّا واقتصاديًّا، ولعلّ السّبب الرئيسي هو الترهّل، وشيخوخة زعامتها، ومُؤسّساتها، والعسكريّة والأمنيّة منها على وجه الخُصوص، وهي الأسباب نفسها التي أدّت إلى انهِيار مُعظَم، إن لم يكن كُل، الامبراطوريّات العُظمى في التّاريخ حسب الفيلسوف بول كيندي مُؤلّف كتاب “صُعود وهُبوط الامبراطوريّات الكُبرى” الشّهير.