القوات في زحلة تبحث عن مستقلين: خوش آماديد قضت على آمال معراب؟

المصدر :  ألأخبار

ضربات متوالية تلقتها القوات اللبنانية في «عرينها» الزحلاوي. «شكراً إيران» سيزار المعلوف و«خوش آماديد» أسعد نكد، بعد «بطولات» الأخوين الصقر، أرخت خطراً على آمال معراب في تكرار فوزها بنائبين، حزبي ومستقل، في «دار السلام» و«مربى الأسودي»

 

بقدر ما كان حزب القوات اللبنانية يسوّق بأن «الأشرفية قوات»، كانت الدعاية نفسها تنسحب على قضاء زحلة. للمنطقتين، في الوجدان القواتي والمسيحي ضمناً، نوستالجيا تدفع بسمير جعجع إلى التمسّك بتمثيله فيهما، وبأنّ من يمثّلهما هو الأقوى في المجتمع المسيحي». أسقطت انتخابات 2018 أسطورة الأشرفية القواتية بعدما نال مرشّحا الحزب (عماد واكيم ورياض عاقل) 4342 صوتاً. يومها، كاد واكيم يسقط لولا التحالفات الانتخابية التي مكّنت لائحة معراب من بلوغ الحاصل الانتخابي: 5469 صوتاً.

في زحلة حصدت القوات حاصلاً ونصف حاصل، ما مكّنها من إنجاح مرشحها جورج عقيص وحلوله في المرتبة الأولى بين المرشحين بعد نيله العدد الأكبر من الأصوات التفضيلية: 11363 صوتاً. غير أن عقيص نفسه لم يكن ليجلس في البرلمان اليوم، لولا تحالف معراب مع النائب الزحلاوي المستقلّ سيزار المعلوف. هنا، أيضاً، عجزت القوات منفردة عن بلوغ الحاصل الانتخابي لولا أنها غرفت من رصيد المعلوف (3554 صوتاً) وبعض المستقلين الذين انضووا في لائحتها. كشف القانون النسبي ما ستره القانون الأكثري. بالتالي، في الميزان القواتي، بدا واضحاً أن الحزب، في زحلة أيضاً، بحاجة الى مرشح مستقل أو أكثر لضمان مقعد نيابي. وهو خطر استشعرته معراب، وتدركه جيداً، قبل أن يتحوّل إلى كابوس مع «شكراً إيران» التي رفعها المعلوف وأدّت الى خروجه من كتلة «الجمهورية القوية»، و«خوش آماديد بالمازوت الإيراني» لمدير شركة كهرباء زحلة أسعد نكد الذي كان القواتيون يعوّلون عليه خلفاً للمعلوف على لائحتهم.
باختصار، وضع القوات في زحلة ليس على ما يرام، قبل شهور من الانتخابات النيابية، وبعد توالي «مصائب» يصعب خروج جعجع منها من دون أضرار جسيمة. البداية من «زحلة قضيتنا»، شعار الحملة الانتخابية للقوات، والذي لم يُترجم على المستويين النيابي والحزبي اهتماماً بالمنطقة وقضاياها، حتى بات التململ علنياً بين القواتيين أنفسهم. تلا ذلك، خروج المعلوف عن «مبادئ» القوات بترحيبه بناقلة النفط الإيرانية قبل وصولها وانتقاده الولايات المتحدة، ما أدى الى «طرده» من مجموعة الـ«واتساب» الخاصة بنواب الحزب، وإلى تجاهل النائبة ستريدا جعجع له في جلسة الثقة النيابية. وكأن ضربة واحدة على الرأس لا تكفي، جاءت ضربة تورط رجل الأعمال القواتي وأحد مموّلي الحزب، إبراهيم الصقر، في تخزين المازوت والبنزين في وقت غرقت فيه زحلة في الظلام، بسبب انقطاع المادتين، للمرة الأولى منذ فترة طويلة. حاول الحزب لملمة الفضيحة بادعاء تسييس الملف، قبل أن يضطرّ جعجع، بنفسه، أخيراً إلى إعلان تعليق عضويته وشقيقه مارون في الحزب. والأخير كان له نصيبه في مسلسل الفضائح القواتية بعد اتهامه بملكية نيترات البقاع التي ضُبطت في بعلبك.
استكمل المشهد بتوجيه رئيس بلدية الفرزل القواتي ملحم الغصّان رسالة شكر الى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله على «اللفتة الكريمة التي خصّ بها حزب الله البلدة بتأمينه المازوت لبئر المياه التي تؤمن المياه لأهالي الفرزل المسيحيين»، مضيفاً: ««سنبقى الى جانب السيد لأنه رجل بأفعاله، والأهم أنه صادق ونحن نقف الى جانب الرجال». أثار تصريح الغصّان حفيظة بعض القواتيين الذين طالبوه بالاعتذار، فردّ عليهم بتكرار شكر حزب الله، والقول: «أنا قواتي قبل ما يخلق سمير جعجع».

الكتلة الحزبية الوفية للقوات غير قادرة على ضمان فوزها بنائب

وجاءت «حبة الكرز» التي زيّنت «التورتة القواتية» مع «خوش آماديد» التي زادت من نكد معراب. فمشكلة القوات في زحلة اليوم، مع اقتراب الانتخابات النيابية، أنها خسرت المرشحَين المستقلّين الأقوى: المعلوف ونكد. وهي، بعد المنحى السيئ الذي سلكته علاقتها بالمعلوف، كانت تعوّل على نكد الذي ترشّح في الانتخابات الأخيرة على لائحة التيار الوطني الحر، قبل أن يفاجئها الأخير بـ«اللغة الفارسية».
عملياً، تبحث القوات اللبنانية اليوم عن مستقلين، رغم أن الضرر يبدو أكبر من أن يصلح باستبدال مرشح بآخر. فحلفاء معراب ساهموا في فرض الحصار على أهالي القضاء كما بقية اللبنانيين، ورجالها ساهموا في تضييق الخناق والاحتكار بدل أن يساعدوا في تسهيل أمور السكان. أما المشكلة الأكبر فهي معضلة إيجاد مرشح مستقل يقبل استخدامه «عتّالاً» يحمل قواتياً الى البرلمان من دون ضمان ربحه الشخصي، وإن كانت هذه مشكلة كل الأحزاب بعد اكتشاف المستقلين في الانتخابات الأخيرة أنهم مجرد رافعة لغيرهم. إلا أنها بالنسبة إلى القوات بالذات مشكلة أكبر، بسبب عدم قدرتها على تجيير أي صوت خارج صندوق مرشحها على الكاثوليكي جورج عقيص في معركة محتدمة على هذا المقعد مع رئيسة الكتلة الشعبية ميريام سكاف وآل فتوش. لذلك، فإن الحديث عن تبنّي مرشح حزبي آخر على اللائحة هو إلياس اسطفان، غير وارد وسيرفع احتمال خسارة عقيص في حال توزّع أصوات القواتيين بين مرشحين، فضلاً عن أن اسطفان الذي يملك مكتب محاماة في الإمارات لا يشكّل قيمة مضافة ولا يقطن في لبنان أساساً.
يبقى السؤال: من هو المرشح المستقل القادر على رفد القوات بأصواته؟
تجمع الأحزاب كلها، بما فيها القوات، على أن لا مستقلين أقوياء سوى خارج المرشحين المستقلين الكاثوليكيين المعلوف ونكد اللذين يملك كل منهما نحو ثلاثة آلاف صوت، فيما الأقوى بين الباقين لا يصل الى 500 صوت. وبحسب المعلومات، فإن خطة معراب قد تقوم على اختيار مستقلين على كل المقاعد الباقية للملمة الأصوات من هنا وهناك بعد قطع جعجع كل سبل التحالف مع أي حزب سياسي ورفض المجتمع المدني مدّ اليد إليه. والهدف الأول هو بلوغ الحاصل الانتخابي. فوفق أرقام انتخابات 2018، لم يكن مجموع أصوات عقيص وميشال فتوش (552 صوتاً) ليؤمن حاصلاً للقوات، لولا أصوات مرشح الكتائب إيلي ماروني (1213) والمرشح السني المستقل محمد ميتا (1370)، إضافة الى المعلوف (3554 صوتاً). فمجموع هذه الأصوات هو ما أوصل اللائحة القواتية الى نيل حاصل ونصف حاصل وفوز مرشحها الحزبي عقيص ومرشحها المستقل المعلوف. ولا شك في أن ابتعاد المعلوف ونكد سيضعان التمثيل القواتي في منطقة تصنّف «عريناً» لجعجع، في دائرة الخطر، ويثير نكداً في معراب التي تدرك تماماً أن الكتلة الحزبية الوفية لن تكون قادرة على ضمان فوزها بنائب.

Exit mobile version