خليّة داعش الطرابلسيّة.. إنجاز أمنيّ أم مسرحيّة أمنيّ متحرّش؟

 

زياد عيتاني -أساس ميديا

..”الرواية التي أوردها بعض الإعلام عن تفكيك خلية “داعشية الهوى” لا تنتسب إلى داعش في طرابلس، وطريقة ربط قصص القتل بعضها بالبعض الآخر، وربط القتلة بعضهم بالبعض الآخر، لا تُقنِع طفلاً قرأ عن داعش وطريقة عملها. يريد البعض إمّا تصفية حسابات مع طرابلس كالعادة أو يريد أن يدخلها فاتحاً”.

تغريدة كتبها الناشط السياسي الطرابلسي الدكتور خلدون الشريف في 22 أيلول الحالي على صفحته بتويتر عشية حديث بعض وسائل الإعلام عن اكتشاف شبكة لتنظيم داعش الإرهابي في مدينة طرابلس.

بقيت الروايات الإعلامية عن هذه الشبكة أسيرة بعض وسائل الإعلام من دون أن يرافقها أيّ توضيح رسميّ من قيادة الجيش اللبناني لحقيقة ما حدث، خاصةً أنّ استخبارات الجيش هي الممسكة بهذه القضية.

بدأت الحكاية مع اغتيال المؤهّل الأول المتقاعد في استخبارات الجيش أحمد مراد الملقّب بأبي زياد على طريق المئتين في طرابلس فيما كان راكباً دراجة نارية برفقة زوجته التي أصيبت برصاصة في يدها مساء يوم الأحد 22 آب الفائت.

مقتل المؤهّل مراد رافقه الكثير من الروايات عن سلوكه قبل تقاعده وخروجه من السلك، إن مع جيرانه في طرابلس أو مع عائلات الموقوفين الإسلاميين.

انتهت القضية في حينه عند هذا الحدّ مع تواتر الروايات عن الشخص الذي أطلق النار على المؤهّل مراد، والذي كان مكشوف الوجه ومعروف الاسم والهوية من قبل كل الحاضرين في مكان الحادثة في حينه.

بعد عدّة أسابيع أعلنت استخبارات الجيش القبض على قاتل المؤهّل مراد، وهو رائد فواز الحلو، وترافق ذلك مع عدة توقيفات، فخرجت وسائل الإعلام برواية الخلية الداعشية في استعادة لروايات مماثلة لقصص سابقة، بحيث يُمهَّد بقصص صحافية ليُبنى بعد ذلك على الشيء مقتضاه.

شيخ قرّاء مدينة طرابلس بلال بارودي أكّد لـ”أساس” أنّ “كل ما يُشاع عن وجود خلايا إرهابية يثير الاستغراب، بخاصة لجهة التوقيت. وهنا أطرح السؤال: لماذا لا تكون عملية قتل المؤهل المتقاعد مجرّد عملية ثأرية ليس أكثر؟ إلا إن كان هناك مَن يريد أن ينقِّب ويبحث ويخترع عقولاً متطرّفة. وأنا لا أرى أنّ هناك عقولاً متطرّفة أكثر من حزب إيران في لبنان، ولا عقولاً مُتطرّفة أكثر من التيار العوني الذي يتعامل بعنصرية مع شرائح لبنان. فإذا كان التطرّف يُعالَج بهذه الطريقة، فهم يُعالجون في المكان الغلط. وإذا كان التطرّف النابع من عندنا نتيجة الحرمان والفقر، فالموضوع يُعالَج بالعطاء والرعاية”.

وأضاف الشيخ بارودي: “لبنان الآن معرّض لأكبر خطر. وهو خطر المسّ ببنيته التشكيلية المنوّعة التي تقبل الآخرين. أمّا إذا كان هناك مَن لا يقبل الآخرين فنحن متّجهون إلى مأزق. كلّنا سندمّر بعضنا بعضاً، ولذلك صارت هذه المسرحية مفهومة عند الجميع. نحن نعتقد أنّ مَن خطّط لقتل رفيق الحريري هو الذي خطّط لتفجير المرفأ، أو أقلّه المستفيد من قتل رفيق الحريري، هو نفسه المستفيد من تفجير المرفأ، ونقطة على السطر”.

وختم الشيخ بارودي: “إنّ قضية مقتل المؤهل مراد هي قضية ثأرية، على الأرجح، ولها علاقة بالشرف. فإن كان الفكر التطرّفي، الفكر الداعشي، يريد القيام بعملية، فهناك أهداف كثيرة أهمّ من المؤهل مراد، الذي كان يعامل أهل باب التبّانة بالأذى، وقد أساء إليهم، فحدث ما حدث. يُضخِّم الإعلام القضية لأسباب مشبوهة، وذلك من أجل استهداف طرابلس وأهلها”.

روت زوجة أحد الموقوفين في القضية هيام النعمان لـ”أساس” طبيعة الإشكالات التي وقعت بينها وبين المؤهل مراد، فقالت: “عادة ما كنت أقوم بإطعام القطط تحت منزل والدتي. وفي إحدى المرّات كانت إحدى القطط تقف في إحدى الزوايا أمام باص قديم، فقعدت القرفصاء أمامها لكي أضع الطعام لها، ففوجئت به يقترب منّي، وأخذ يصرخ ويسألني: ماذا تفعلين؟ فأجبته: أنظر ماذا أفعل، أنا أقوم بإطعام القطة، فقال لي: ارفعي النقاب عن وجهك وقولي مَن أنت؟ عندئذٍ أردت المغادرة، فإذا به يمسك بي ويشتمني طالباً منّي رفع النقاب، وعندما رفضت، حاول أن يرفعه عن وجهي بيده، فدفعته وركضت إلى بيت والدتي. منذ ذلك الحين وهو يلاحقني كل يوم ويوجّه إليّ كلاماً بذيئاً غير أخلاقي ومعيباً لا أستطيع أن أذكره. كلام مقرف جداً. لم تكن هذه الأفعال مقتصرةً عليّ وحدي، فهناك الكثيرات من زوجات الموقوفين حدث معهم الأمر نفسه”.

وتضيف لـ”أساس”: “كان يتعرّض لجميع الأخوات بالكلام البذيء واللمس والشتائم، ويزيل النقاب عن وجوههنّ”.

وتتابع: “ما رحنا اشتكينا حتى لا يتحطط علينا أكثر، وأهلي قالوا لي بلالك البهدلة. وخوفاً من أن يؤذي زوجي فيركِّب له ملفاً إرهابياً، ولا سيّما أنّ مراد كان في الاستخبارات في حينه، وأنّ زوجي له سوابق جرمية. كان المؤهّل معروفاً بالافتراء على كثير من الشبّان لم تكن لهم علاقة بما اُتُّهِموا به. ولقد طلبت الكثير من الأخوات من بعض المشايخ أن يتحدّثوا إليه لوقف التحرّش بهنّ. وفي إحدى المرّات أطلق النارعلى الشيخ الذي كان يتحدّث إليه ويسأله: لماذا تقوم بكل هذه الإزعاجات؟”.

روت هيام تفاصيل إقدام زوجها على قتل المؤهّل، فقالت: “صباح يوم الأحد لم أنم طوال الليل وأنا أبكي بسبب تزايد تحرّشاته، واقترح أهل زوجي عليه أن يقدّم شكوى ضدّه، فيما نصحته والدتي أن لا يشتكي عليه لأنّه لن يستفيد شيئاً، وسيخرج من الموضوع لأنّه في الاستخبارات”.

عرف رائد بقصّتي، وكان دائماً يشاهدني وأنا أبكي ونفسيّتي تعبانة. شاهده مساء ذلك اليوم راكباً “الموتوسيكل”، وكان زوجي مع رفيقه على “موتوسيكل” آخر. فلحق به وأوقفه وكان ينوي أن يضربه فقط، فإذا بالمؤهل مراد يشهر مسدسه محاولاً إطلاق النار على زوجي ورفيقه، فما كان من زوجي إلا أن سحب المسدس من رفيقه، وأطلق النار على مراد فأصابه برأسه فتُوفّي.

وعن علاقة زوجها بتنظيم داعش قالت لـ”أساس”: “لا علاقة لرائد بقصص داعش، وكان تنقّله دائماً محدوداً، “من شغله لبيته ومن بيته لشغله”. وكان من المستحيل أن يذهب إلى أيّ مكان من دوني. ومعروف عنه أنّه “على طول طالع نازل مع زوجته”، لا يتحرّك أيّ خطوة من دونها، فمن وين بدو يعمل داعش وغير داعش…”.

أمّا والدة زوج هيام المدعوّة غادة فقالت لـ”أساس”: “ابني قتل المؤهل دفاعاً عن الشرف بعد تحرّشه بزوجته نازعاً النقاب عن وجهها وموجّهاً إليها كلاماً بذيئاً أكثر من مرّة. وابني لم تكن لديه نيّة القتل لولا أنّ المؤهّل شهر مسدسه بوجهه”.

خلية داعش في طرابلس إنجاز أمنيّ أم عمل مسرحيّ ككثير من قصص الخلايا قبلها؟

 

Exit mobile version