ألان سركيس-نداء الوطن
تزدحم الملفات على طاولة مجلس الوزراء بعد تراكم الأزمات بشكل حاد، في حين أن الحلول الجدية لم تبصر النور بعد.
لا يمكن إلقاء كل ثقل الأزمة على حكومة الرئيس نجيب ميقاتي خصوصاً أن الجميع يعترف بأن لبنان بحاجة إلى أكثر من 3 سنوات أقله للخروج من أزمته، هذا إذا وضع قطار الحل على السكة الصحيحة.
وإذا كانت الحكومة جادة في المعالجات، فان الرئيس ميقاتي لا يعرف من أي ملف سيبدأ لأن كل ملف هو أولوية بحدّ ذاته، لكن الأساس يبقى معالجة الأمور الحياتية الضاغطة وعلى رأسها ملف الطاقة والدواء ولقمة العيش بعد رفع الدعم.
ورسم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خريطة طريق لميقاتي خلال زيارة الأخير لباريس، لكن هذه الخريطة بحاجة إلى توافق سياسي لإطلاقها، وتحدث ماكرون عن تطبيق المبادرة الفرنسية والأهم هو إنطلاق التفاوض مع صندوق النقد الدولي.
ولم يغفل ميقاتي هذا البند خصوصاً أنه يعلم أن الدول لن تمنح لبنان شيكاً على بياض بل إن أي مفاوضات يجب أن تنطلق من بند أساسي وهو إجراء الإصلاحات الضرورية. وفي السياق، فان هناك عوائق مالية كبرى تفرمل التفاوض مع صندوق النقد أو تعطله، وهذه العوامل هي مالية وإقتصادية ولديها علاقة بتحديد حجم الخسائر وتحرير سعر الصرف.
قد تشكل هذه العناوين الإقتصادية الكبرى عائقاً في المفاوضات لأن الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله تحدث في مراحل سابقة عن رفض شروط صندوق النقد وعلى رأسها مثلاً تحرير سعر الصرف ورفع الضريبة على القيمة المضافة ورفع الضرائب بشكل عام.
لكن الحقيقة تكمن في غير مكان، فاذا كان نصرالله يستخدم هذه العناوين الإقتصادية الشعبية لضرب التفاوض مع الصندوق، إلا أن المنطلق هو سياسي بامتياز، فأصلاً سعر الصرف تحرر وبات كل شيء يباع على سعر السوق السوداء والغلاء الفاحش يضرب ويعمّق الأزمة.
وأمام كل هذه المعطيات فان “حزب الله” سيضع “فيتو” بشكل كبير على عملية التفاوض مع الصندوق وفق أجواء وزارية، وهذا “الفيتو” ينطلق من رفضه بعض الشروط مثل ضبط المرفأ والمطار والمعابر الشرعية وغير الشرعية ووقف التهريب.
ويبدو أن مشروع “حزب الله” الذي لا يقيم أي إعتبار للدولة لا تناسبه هذه الشروط، وذلك لأنه يفعل ما يشاء وآخر افعاله إدخال المازوت الإيراني من دون حسيب او رقيب ومن دون دفع جمرك او ضريبة للدولة، وبالتالي فان ضرب مشروع “الدويلة” سيفرمل المفاوضات المرتقبة.
ويظهر بالعين المجردة أن تلك المفاوضات لا يمكن الرهان عليها كي تشكل مدخلاً إلى الحل خصوصاً أنها تصطدم مع مصالح المافيا الحاكمة، وهذا يعني أن تحالف مافيا المال مع مافيا السلاح سيطيح بأي إصلاح مرتقب.
وقد تكون الحكومة أو السلطة الحاكمة عازمة على إطلاق مسار المفاوضات مع صندوق النقد بعدما وصل الوضع إلى الحضيض، فمن يستفيد من ملف الكهرباء والإتصالات والإدارات ويعتبر الدولة “بقرة حلوباً” لا يمكنه الرضوخ للشروط الإصلاحية إذا لم تكن تتفق مع مصالحه.
كل تلك العوامل تجتمع على نقطة واحدة وهي أن الوضع الإقتصادي سيمرّ بظروف أصعب نتيجة اللاقرار السياسي بالإصلاح ما يثبت ان أزمة لبنان سياسية بالدرجة الاولى ومن ثم إقتصادية.