طريق صعب وطويل ينتظر تيار “المستقبل” قبل الوصول إلى الامتحان الكبير في نهايته وهو الانتخابات النيابية، فالتيار الذي يُعاني من غياب الحلفاء التقليديين يُعاني مشكلة أكبر وهي “التمويل” فمع توقف الراعي الرسمي الخارجي للتيار عن مساعدته، وخسارة رئيس التيار لشركاته، وتوقف المشاريع في لبنان التي كانت تمول المتمولين لتمويل التيارات، يصبح تيار المستقبل ملزمًا بخوض المعارك بيديه العاريتين، الأمر الذي سيجعله يخسر في كثير من النزالات.
هذه الخسارة بدأت منذ عام ونصف تقريبًا، ولكن الصورة الأوضح لها حصلت في عكار منذ يومين عندما جال وفد حزب الله على أهالي ضحايا وجرحى انفجار التليل مقدمًا لهم الدعم المادي والمعنوي، الأمر الذي قُوبل من قبل الأهالي بالترحيب والشكر لحزب الله وأمينه العام السيد حسن نصر الله.
دخل حزب الله الساحة السنية في عكار من بابها المشرّع على مصراعيه، فالغياب العربي، فتح المجال أمام حزب الله للعمل بحرية، رغم أن أهدافه في عكار إنسانية بالدرجة الأولى، إلّا أنّه لا يمكن أن نغفل عن ذكر الأهداف السياسية.
كذلك فإنّ عكار كانت قد بادرت باتجاه حزب الله قبل زيارة الوفد، فالوضع الصعب في لبنان غيّر كثير من المعادلات، وباتت الطرق مفتوحة إلى كلّ المناطق لمن يستطيع تقديم المساعدات للناس، ومن يملك القدرة على ملء الفراغ فهو مرحّب به، ومن هنا أتت “مناشدات” جهات عكارية فاعلة لحزب الله لمدّهم بالمازوت فور وصوله لأجل تشغيل مولدات الكهرباء، كذلك لا يمكن أن ننسى تعاطي نائب “القوات” سابقًا سيزار المعلوف مع بواخر النفط الإيرانية.
إنّ الظروف التي يمرّ بها الشعب اللّبناني لا بدّ أن تغيّر في توجهاته، ولهذا السبب تدخلت السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا للحدّ من تأثير حزب الله على الناس، فجاءت الموافقة الأميركية على استجرار الغاز المصري عبر سوريا لتشغيل معمل دير عمار، واستجرار الكهرباء الأردنية عبر سوريا أيضًا، بمعنى آخر فضّلت الإدارة الأميركية طلب مساعدة سوريا على أن تكون إيران في واجهة مساعدي لبنان، وبالنتيجة فإنّ الأمرين متشابهان لدى كثير من اللّبنانيين، سواء المؤيدين لمحور حزب الله الذين يعتبرون سوريا وإيران وجهان لمحور واحد، أو المعارضين له الذين يرون أنّ القرار الأميركي ساهم بإضعافهم أكثر.
محمد علوش