أربع نقاط تتعلق بالإنتخابات النيابية المقبلة، تطرّق إليها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال إطلالته التلفزيونية أمس مع الزميل ألبير كوستانيان ضمن برنامج (عشرين 30) على شاشة الـLBCI.
ومع أنّ هذه النقاط تطرّق إليها ميقاتي باختصار شديد، بانتظار لقاء قال إنّه سوف يعقده اليوم مع وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي لدرس الموضوع، لكنّها بالمقابل رسمت ملامح ما ينوي هو شخصياً وحكومته القيام به حيال الإستحقاق الإنتخابي الداهم، الذي باتت أغلب الأحزاب والتيّارات والقوى والشّخصيات السّياسية تتعاطى معه بجدّية تامّة، وأنّ بعضها بدأ “تزييت” ماكيناته الإنتخابية، وأن آخرين قد أنجزوا إستعداداتهم وتحضيراتهم اللوجستية لها.
النّقطة الأولى تمثلت في تحديد ميقاتي يوم 27 آذار/مارس من العام المقبل موعداً لإجراء الإنتخابات النيابية المقبلة، أيّ تقديم الموعد الذي كان حدّده وزير الداخلية والبلديات السّابق محمد فهمي في 8 أيّار/مايو، وهو تقديم له ما يبرّره عملياً، كون شهرَي نيسان وأيّار يصادف فيهما حلول شهر رمضان المبارك وعيد الفطر عند الطوائف الإسلامية، وشهر الصوم وعيد الفصح عند الطوائف المسيحية التي تعتمد التقويمَين الشّرقي والغربي.
غير أنّ هذا التقديم ينتظر إتخاذ مجلس الوزراء قراراً رسمياً به، وهو قرارٌ ينتظر حصول مشاورات عديدة قبله مع مختلف الأطراف، إذ أنّ اتخاذ الحكومة هكذا قرار سيعني بالنسبة للمرشحين موعداً لإطلاق صافرة الحملات الإنتخابية.
وفي هذا المجال، أبدت مصادر سياسية مطلعة لـ”أحوال” خشيتها من أن “يكون تضارب المواعيد حول إجراء الإنتخابات بين الحكومتَين السابقة والحالية، فرصة لقوى سياسية كثيرة للتهرّب منها وتمديد ولاية المجلس النيابي الحالي، خصوصًا أنّ أغلب هذه القوى تعاني من أزمات سياسية ومالية وانقسامات، قد يؤدي إجراء الإنتخابات بعد أشهر إلى إنهاكها وشرذمتها”.
أمّا النقطة الثانية، فمتعلقة بالإنتخابات البلدية والإختيارية التي أشار ميقاتي إلى أنّها سوف تؤجّل، نظراً لأنّه يصادف موعدها مع موعد إجراء الإنتخابات النيابية، وحتى لو جرى تقديم موعد الإنتخابات النيابية فإنّ الفارق الزمني بينهما قصير، لكن من دون أن يوضح إلى متى وما هي الفترة الزمنية التي ستمدّد فيها ولاية المجالس البلدية والإختيارية، وهل أنّ قرارَي تقديم موعد الإنتخابات النّيابية وتأجيل الإنتخابات البلدية والإختيارية مرتبطان ببعضهما، وسيتم اتخاذهما في توقيت واحد، أم أنّهما منفصلان وسيتم اتخاذ كلّ قرار متعلق بهما على حدة؟
مصادر سياسية كشفت لـ”أحوال” أنّ تأجيل الإنتخابات البلدية والإختيارية “أمر يوجد شبه توافق عليه بين القوى السّياسية، كي تتمكن خلال مهلة زمنية مريحة من الإستعداد لهذا الإستحقاق المحلي الذي يعنيها مباشرة، وكي تظلّ ممسكة بالسلطات المحلية ضمن مدنها وقراها، كونها تمثّل القاعدة الشعبية الرئيسية التي تنطلق منها، وهي غير مستعدة أبداً للتخلّي عنها تحت أي ظرف، وأيّ مواقف تصدر حول احتمال إرجاؤها هو تمهيد لهذا التأجيل الحاصل حتماً”.
النّقطة الثالثة متعلّقة باقتراع المغتربين لانتخاب 6 نوّاب لهم، حدّدهم القانون الإنتخابي الأخير، وهو انتخاب جرى تأجيله من دورة إنتخابات 2018 إلى دورة إنتخابات 2022، ويؤيده ميقاتي مبدئياً نظراً لوجود “أكثرية نيابية في المجلس النيابي ضد إلغاء حق انتخاب المغترب”، حسب قوله، غير أنّ هذه النقطة مرشحة للتأجيل مجدّداً كما لأن تصبح مادة سجال سياسي وإعلامي، برغم ضغوط “التيّار الوطني الحرّ” و”القوات اللبنانية” من أجل تطبيقها، وهي ضغوط وصفها النّائب طوني فرنجية أمس بـ”معركة مغالاة ومزايدات يخوضانها للتلاعب بعواطف المغتربين، واستجرار العطف المسيحي”، معتبراً أنّ “هناك بالمقابل مشكلة حقيقية لا يمكن تجاهلها، وتكمن في انعدام تكافؤ الفرص بين المتنافسين إنتخابياً في الخارج، لأنّ “حزب الله” الذي هو مكوّن أساسي، مصنّف إرهابياً على مستوى عدد من الدول، وبالتالي هو لا يستطيع إعتماد مرشحين ولا خوض حملات إنتخابية في تلك الدول، الأمر الذي من شأنه أن يضرب عدالة الإنتخابات ومعايبرها الواحدة”. وأضاف: “من هذه الزاوية تحديداً، نتفهم الهاجس المشروع لدى “حزب الله” و”حركة أمل”، ونؤيّد تعليق المادة المتعلقة باقتراع المغتربين في قانون الإنتخاب إلى حين تغيّر الظروف القاهرة المحيطة بها”.
تبقى النقطة الرّابعة المتعلقة بترشيح ميقاتي نفسه للإنتخابات النّيابية المقبلة، إذ أبقى رئيس “تيّار العزم” باب التكهنات مفتوحاً على مصراعيه باحتمال إقدامه على ذلك من عدمه، بقوله إنّه “لم أتخذ قراري بعد، وسأعلنه قبل ساعات من إقفال باب الترشّح”، معيداً إحتمالات عدم ترشحه إلى الواجهة مجدّداً، وهو ما أشار إليه “أحوال” في وقت سابق (إقرأ: هل يعزف ميقاتي عن الترشّح للإنتخابات النيابيّة المقبلة؟ 28 تموز (يوليو) 2021)، وهو ما أكّده مقرّبون من ميقاتي لـ”أحوال” بقولهم إنّ “هدفه ليس النّجاح في الإنتخابات النّيابية المقبلة، والفوز بكتلة نيابية موالية له، إنّما تشكيل حكومة ما بعد الإنتخابات، وأيضاً حكومة ما بعد انتهاء عهد رئيس الجمهورية ميشال عون”.
وطرح كلام ميقاتي تساؤلات يُنتظر أن تتبلور في المرحلة المقبلة، حول إن كان ميقاتي ـفي حال لم يترشحـ سيدعم ترشيح مقربين منه أم لا، وأين ستصبّ أصوات مناصريه ومؤيديه في “تيّار العزم” في حال عزوف ميقاتي عن الترشح (نال ميقاتي في دورة الإنتخابات السّابقة في مدينته طرابلس 21300 صوتاً تفضيلياً، ما جعله يحتلّ المرتبة الأولى بين النّوّاب السنّة الفائزين)، إلى “تيّار المستقبل” أم إلى آخرين من الحلفاء، أم سوف تستنكف عن التصويت؟
عبد الكافي الصمد