ٍَالرئيسيةتحقيقات - ملفات

الأسرى الذين تحرروا في “صفقة شاليط

أليؤر ليفي: يديعوت أحرونوت

1027 أسيراً أمنياً أفرج عنهم من “السجون الإسرائيلية” مقابل جلعاد شاليط، غالبيتهم توجهوا لحياة جديدة، لكن جزء منهم عادوا للإرهاب وحتى أنهم قادة بحماس، من القائد القوي لقطاع غزة، حتى وزير المالية، مروراً بالمسؤول عن ملف الأسرى.

قبل أيام من تنفيذ صفقة شاليط، عندما تم اغلاق قائمة الأسرى الذين سيتم الأفراج عنهم بشكل نهائي، كان هناك من اعتقد أن الأسرى الامنيون سوف يبدأون بحياة جديدة بعد عقدين من العيش بالسجن. سوف يتزوجون ويكونون عائلات ويحاولون التمتع بالحياة بدون تعريض أنفسهم للخطر والدخول مرة اخرى للسجن.

غالبية الأسرى الذين تحرروا بصفقة شاليط، تركوا الماضي خلفهم، ولكن هناك من عاد منهم إلى مسار الإرهاب، وحتى انهم تحولوا مع الزمن لتحدي عظيم بالنسبة “للمنظومة الامنية الإسرائيلية”. تحدي مؤثر، بشكل مباشر وغير مباشر، على حياة آلاف اليهود.

بعد عقد من صفقة شاليط، أردنا تسليط الضوء على سبعة من هؤلاء الأسرى المحررين، واليوم هم صانعو إرهاب رئيسيون ضد دولة “إسرائيل”، هؤلاء الأسرى المحررين كان مفروض أن ينهوا حياتهم بالأسر، وتحولوا خلال عقد إلى العمود الفقري لحماس وذراعها العسكري.

“حول كل ما يتعلق بحركة حماس بغزة، صفقة شاليط خلقت تحسينات كبيرة بالتنظيم، بما في ذلك عملية اتخاذ القرارات، وبالعلاقة بين المستوى السياسي والمستوى العسكري”هذا ما قاله اللواء احتياط د.ميخال مليشتاين، الذي كان فترة الصفقة المسؤول عن المنطقة الفلسطينية بوحدة الأبحاث في الاستخبارات العسكرية.

وحسب كلامه: “لا يمكن تجاهل ذلك انه بعد دخول يحي السنوار إلى غزة، تقدمت حماس. صحيح غزة في فترته عادت إلى الخلف، لكن التنظيم حسن من قدراته العسكرية ومكانة حماس في الحلبة الفلسطينية”.

الأسرى السبعة قصوص الصفقة (أعلى فئة بأوراق اللعب شدة) يمكن تقسيمهم إلى قسمين، القسم الأول هي “مجموعة غزة” التي تشمل يحي السنوار وتوفيق أبو نعيم وروحي مشتهى.

المجموعة الأولى.. يدور الحديث عن ثلاثة أصدقاء مقربين جداً، عاشوا مع بعضهم في نفس السجن، والحياة المشتركة لهم جلعت مركباتهم الثلاثة المختلفة كمركبات جسم واحد.

السنوار .. عقد على الصفقة وعقد على عودة السوار للحبلة، الرجل الذي أعاد بلورة حماس من جديد بشخصيته، وغير بذلك الواقع الجيو- سياسي بين القطاع و”إسرائيل”.

السنوار أبو ابراهيم من مواليد مخيم اللاجئين خانيونس بالعام 1962، نفس المخيم الذي ولد فيه محمد الضيف. السنوار كان من مؤسسي مجد، الذراع الأمني لحركة حماس والمسؤول عن متابعة المتعاونين مع “إسرائيل”، والسنوار قتل بيده أكثر من عشرة عملاء. ولهذا السبب تم اعتقاله بالعام 1989 وحكم لخمسة مؤبدات، وليس بسبب قتل “إسرائيليين”، ولهذا حصل في يوم من الأيام على لقب الجزار من خانيونس.

الضوء في طرف النفق بالنسبة للسنوار داخل السجن انكشف مع اختطاف شاليط، حيث كان أحد الخاطفين شقيقه محمد، الذي عمل كقائد لواء خانيونس بالذراع العسكري لحماس، السنوار اشترطت من البداية تحرير شاليط، بوضع اخيه في قائمة المحررين.

منذ لحظة الإفراج عنه تحول السنوار إلى محرك “إسرائيل” أعادته إلى ملعبه بالقطاع، وهو كان مؤهلا للرفعة منذ اللحظة الأولى، هل كان خطأ إعادته إلى غزة وكان يجب إبعاده إلى خارج البلاد؟ هذا سؤال مهم لكن الحكمة بعد الفعل.

السنوار بدأ بالسيطرة بسرعة على مراكز القوة في القطاع حتى يحصل على الدعم، في العام 2017 أثمرت جهوده، وتم انتخابه كقائد لحماس في القطاع، وتحول بسرعة إلى أقوى رجل في غزة، وأقوى من قائد الحركة الذي كان متواجد بغزة حينها- هنية.

لقد قلب الموازين بداخل الحركة، حيث بفضله تحول التنظيم بغزة هو المتصدر على حساب التنظيم بالخارج. وسيطر على كل مراكز القوى، مع ذلك حصل السنوار على كرت أصفر بآخر إنتخابات، وانتصر بفارق صوت واحد بعد أربع جولات انتخابات، وفاز على نزار عوض الله.

السنوار مليء بالكاريزما لكن المستوى الخطابي له متندي جداً هو أبو نظرية التسوية، لكنه هو الرجل الذي يقف خلف حملة مسيرات العودة، وهو يدمج ما بين القدرة على التوصل إلى التهدئة بغزة، وبين طريقة التصعيد المتدرج، في محاولة لاستنزاف “إسرائيل”.

هو الشخص الذي قاد غزة إلى أفضل وضع اقتصادي منذ عقد، وكلنه كذلك لم يتخوف من فقدان كل شيء، وبادر بالتصعيد من اجل القدس التي كانت سبب لحملة حارس الأسوار. ومثل نصر الله هو تعلم عن “المجتمع الإسرائيلي”، ونقاط الضعف فيها، لكنه ليس كنصر الله، فهو يتحدث العبرية بطلاقة.

أبو نعيم.. عائلته بدوية أصولها من بئر السبع، العائلة هربت إلى غزة وسكنت بمخيمات اللاجئين. وكأحد جنود مجد، أبو نعيم تم اعتقاله على يد “إسرائيل” بالعام 1989، وحكم عليه بالمؤبد. وخلال تواجده بالأسر تحول إلى أحد قادة الأسرى، محاولة هروبه هو والسنوار بالعام 1991 فشلت بعد محاولتهم حفر نفق.

بعد أربعة سنوات من تحرره، تم تعيين قائد الأجهزة الأمنية في قطاع غزة، لقد حكم القطاع بيد عُليا، وأول سنوات حكمه ركز على مُلاحقة النشطاء السلفيين بالقطاع، المحسوبين على داعش.

في العام 2017 نجى من محاولة اغتيال واصيب بجروح متوسطة فقط، بعد انفجار العبوة بالقرب من سيارته، المشتبهين المركزيين كانوا نشطاء سلفيين، أرادوا الانتقام منه على أعماله ضدهم بغزة.

أبو نعيم هو من المبادرين بإنشاء المنطقة الغازلة بين مصر والقطاع، بهدف منع هروب النشطاء السلفيين من غزة إلى سيناء.

توفيق أبو نعيم حول جهاز الامن الداخلي (الموازي للشاباك في “إسرائيل”) إلى منظومة متطورة فرضت سيطرتها على القطاع ضد المتعاونين مع “إسرائيل” وضد محاولات الانقلاب على حماس.

مشتهى .. الصخرة الثالثة الغزاوية من مواليد الشجاعية وهو مثل السنوار وأبو نعيم من مؤسسي جهاز مجد، مشتهى كان قائد مجد شمالي القطاع، وعائلته من المؤيدين لحماس بشكل بارز، وجزء منهم استشهدوا على يد “الجيش الإسرائيلي”. بالعام 1988 انفجرت بيده عبوة ناسفة، وعلى أثرها تم قطع عدد من أصابعه، وبعدها تم اعتقاله على يد “إسرائيل”.

بعد عام من تحرره تم انتخابه عضو المكتب السياسي لحماس بغزة، وفي إطار وظيفته شارك في مفاوضات حماس بالقاهرة، وهو شريط دائم بمفاوضات التسوية مع قطر، إلى جانب السنوار.

مشتهى يعتبر قائد التيار الصقوري بحماس، وعلى مدار السنوات خلق علاقة جيدة مع المخابرات المصرية، التي تتوسط بين حماس و”إسرائيل”.

المجموعة الثانية.. المجموعة الثانية يمكن تسميتها جماعة مدرسة العاروري، على اسم صالح العاروري، قائد حماس بالضفة الغربية الذي يتواجد بالخارج ونائب قائد الحركة، العاروري هو مؤسس “قيادة الضفة” لحماس، والذي حول تركيا إلى قاعدة أمامية لحماس وذراعها العسكري.

في المجموعة غالبيتهم يعرفونه بشكل شخصي، لأنهم كلهم من الضفة، وهم مجموعة حددها العاروري بنفسه، وجندهم وأخذتهم تحت وصايته.

زاهر جبارين.. طريق طويلة مشاها جبارين منذ الإفراج عنه وحتى وصل إلى مكانته الحالية نائب قائد حماس بالضفة، وبالإضافة إلى ذلك هو مكلف بالملف المالي بحماس، او بالأحرى هو وزير المالية بالحركة.

جبارين (أبو إسلام) من مواليد سلفيت بالضفة، وهو أحد مؤسسي الذراع العسكري لحماس بالضفة، وخلال دراسته بجامعة النجاح بنابلس، جند الطلاب للذراع العسكري للتنظيم، واحد أهم هؤلاء مان يحيى عياش، الذي حصل على لقب المهندس، كونه من أشرف على عمليات التفجير الصعبة للإستشهاديين. تم تصفية عياش على يد “إسرائيل” بواسطة عبوة ناسفة وضعت في جوال أرسل له.

تم اعتقال جبارين بداية سنوات التسعينيات، وحكم عليه بالمؤبد، بسبب تورطه في عمليات ادت “لمقتل إسرائيليين”، وكان هو عضو بالخلية التي قتلت الشرطي بحرس الحدود نسيم توليدانو، وخلال تواجده بالسجن اهتم جبارين بترجمة الكتب من العبرية للعربية.

لحظة الإفراج عنه تم إبعاده إلى تركيا، وعاد إلى النشاطات داخل حماس، وسرعان ما انظم إلى نائب قائد حماس صالح العاروري، وبدأ بالتخطيط لتوجيه العمليات بالضفة. ومعروف انه داعم للعودة إلى العمليات الاستشهادية، بزعم ان “إسرائيل” غير قادرة على إيجاد حلول لها.

مثل العاروري، جبارين تابع للمجموعة المؤيدة لإيران في حماس، كان مسؤولا عن علاقات الحركة مع إيران، وعضو في وفد حماس لطهران، وفي إطار ذلك التقى مع كبار الحرس الثوري، ومع السنوات تحول جبارين إلى احد رجال الاتصال المركزيين لحماس مع فيلق القدس التابع للحرس الثوري.

في تركيا اهتم جبارين في تطوير المنظومة المالية لحماس، تبييض الاموال وشراء العقارات لصالح الحركة، وجزء من هذه الأموال تم تحويله إلى الضفة وغزة لتمويل نشطاء حماس. جبارين هو أحد قادة التنظيم المسؤولين عن ملف الأسرى، والمشاركين في مفاوضات صفقة التبادل.

عبد الرحمن غنيمات.. في منتصف سنوات التسعينيات تم انشاء خلية للذراع العسكري لحماس بقرية صوريف قضاء الخليل. هذه الخلية كانت مسؤولة عن عدة عمليات حفرت “بالذاكرة القومية ال”إسرائيل”ية”، مقل اختطاف الجندي شارون أدري، والعملية بمقهى ابروبو بتل أبيب، وهذه الخلية كان يترأسها عبد الرحمن غنيمات.

هو من مواليد العام 1972 بصوريف، تجند للذراع العسكري لحماس عندما كان طالبا بجامعة الخليل، وتم اعتقاله مع شريكه بقيادة الخلية جمال الهور، على يد الأجهزة الأمنية الفلسطينية.

قصة اعتقالهم تحولت مع السنوات إلى قصة مقدسة، بالعام 1997 قرر الامن الوقائي بقيادة جبريل الرجوب، نقل غنيمات والهور إلى سجن جنيد بنابلس، وخلال السفرية هاجمت قوات “الجيش الإسرائيلي” قافلة الوقائي واعتقلت اغنيات والهور.  حماس تقول حتى اليوم إن الحملة كان مخطط لها مسبقا ومتفق عليها بين “الجيش الإسرائيلي” وأجهزة الامن الفلسطينية.

مع الإفراج عنه في صفقة شاليط ابعاده إلى غزة، وتم تجنيده على يد العاروري ليكون مسؤولا عن “مقر قيادة الضفة” مع مازن الفقها، من محرري الصفقة. مقر قيادة الضفة مسؤولين عنه أسرى الضفة، لكن من المبعدين إلى غزة والخارج، ولديه خلية توجه لتنفيذ العمليات بالضفة، واغنيمات مسؤول عن هذه القيادة، وعن اقامة خلايا بالخليل.

بعد تصفية الفقها، غنيمات أدرك ظانه ليس محصنا بغزة، واختفى قليلا خوفا ان يكون الهدف القادم، وغير طريقة حياته، وبدأ بالتحرك ما بين تركيا وقطر في إطار نشاطاته العسكرية بحماس.

جهاد يغمور.. أحد الأحداث الهامة في “الصراع الإسرائيلي الفلسطيني” كان اختطاف الجندي نحشون فاكسمان وقتله بالعام 1994 في القدس، جهاد يغمور هو أحد أعضاء الخلية، كان سائق الخلية، واليوم تحول إلى ممثل حماس في تركيا.

من مواليد العام 1967 في بيت حنينا بالقدس، حاصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة، واعتقل وحكم بالسجن بالمؤبد بسبب مشاركته في اختطاف ومقتل فاكسمان. في السجن تقدم بالسلم القيادي وتحول إلى احد قادة أسرى حماس بالسجون، وتم ابعاده لتركيا بعد التحرر، وانضم إلى منظومة توجيه العمليات في مقر قيادة الضفة التي أقامها العاروري.

يغمور مستقر في اسطنبول ومتزوج من ابنة صديقه زكريا نجيب، المحرر هو كذلك بنفس الصفقة، ومشارك في منظومة النشاطات التابعة لحماس بالخارج. ومنذ الإفراج عنه كان ليغمور علاقات متشعبة مع القيادة الامنية والسياسية بتركيا، وحتى أن بعض التقارير الاجنبية تقول إن تركيا منتحته الجنسية من أجل التسهيل عليه للتحرك بالعالم.

بعد أن ترك العاروري مكانه في تركيا، بسبب مزاعم “إسرائيل” انه يخطط للعمليات من هناك، تم تعيين يغمور ممثلاً عن حماس في تركيا، وجزء من وظيفته هو تقوية علاقات حماس مع تركيا، وينظم زيارات قادة الحركة في انقرا، ومسؤول عن كل نشاطات حماس في الدولة.

في السنوات الأخيرة أفادت بعض المخابرات في العالم أن تركيا تحولت إلى مقر لنشاطات حماس وذراعها العسكري، ومن بين ما قيل انه في تركيا سيعمل “مكتب البناء” التابع لحماس والمسؤول عن تطوير الذراع العسكري وتقويته. بالإضافة إلى ذلك زعموا أن حماس تشغل سرا وحدات سايبر هجومية من تركيا.

موسى دودين.. بدأ طريقه كطالب في الكتلة الإسلامية بجامعة النجاح، وتحول مع السنوات لمسؤول ملف الأسرى – الموازي لملف المفقودين والأسرى في “إسرائيل”.

دودين من مواليد العام 1974 بقرية دورا بالخليل، من عائلة مرتبطة بحماس، وتربى في محيط تمتعت فيه حماس بوضع جيد أكثر من أي منطقة أخرى، وكطالب تم تجنيده على يد حماس بواسطة العاروري، الذي أصبح مشهورا، ومنذ ذلك الوقت انفصلوا عن بعضهم.

تم اعتقال دودين على يد “إسرائيل” بالعام 1992، بعد ان قام بتوجيه العمليات التي قتل فيها اثنين من جنود “الجيش الإسرائيلي”. وفي إطار صفقة شاليط تم ابعاده إلى قطر.

في العام 2017 اضطر إلى الانتقال للعيش في لبنان، بعد ان وضع بقائمة الأشخاص الذين طردتهم قطر تحت ضغط دولي، وكانت “إسرائيل” جزء أساسي من هذا الضغط، بسبب النشاطات الإرهابية بالدوحة.

دودين يعمل حاليا في طاقم مسؤول عن المفاوضات بين “إسرائيل” وحماس بشأن صفقة تبادل أسرى مستقبلية، للإفراج عن ابراهام منغيستو، وهشام السيد، وإعادة جثامين هدار جودلين وأرون شاؤول.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى