في ظل استمرار إضراب موظفي القطاع العام الرشاوى تفعل فعلها تحت كنف الدوائر الرسمية
رمال جوني-نداء الوطن
يواصل الموظفون والاساتذة اضرابهم، يشلّون القطاع العام مطالبين بأدنى حقوقهم المسحوقة فرق عملة، مضى على اضرابهم أكثر من شهر ونصف من دون جدوى، وهم ماضون في تحركهم. فمعاش الموظف بات لا يساوي ٤ تنكات بنزين في الشهر، هذا دون المأكل والمشرب وفاتورة الاشتراك الموعودة. ولن ننسى الخوف من المرض، ففاتورة الاستشفاء هذه الايام للاغنياء فقط، اما الفقير فـ”مدعوس”.
يرفض الموظفون التخلي عن شرط واحد من حقوقهم، فهي مشروعة حتى الرمق الأخير، حتى مدراء مدارس النبطية الرسمية أعلنوا الاضراب الى حين تحسين ظروف حياتهم، فرواتبهم باتت لا تكفي فاتورة بنزين واشتراك لا أكثر، ماذا عن باقي المستلزمات الحياتية؟
يرى الموظفون في تحركهم وسيلة ضغط وحيدة، فكل السبل التحذيرية السابقة لم تنفع مع حكومة ودولة تدير الاذن الطرشاء لمطالبهم. يقرّ الجميع بأن الدوائر الرسمية والادارات مشلولة، وهذا الشلل يعطّل حركة معاملات المواطنين، غير انهم مقتنعون بأنهم يجب عليهم ان يتفهموا ظروفهم. فهناك موظفون باتوا عاجزين عن تأمين بنزين للوصول الى مراكز عملهم، وهناك من يرزحون تحت خط الفقر بعد سنوات من رغد الحياة، فالدولار برأيهم فعل فعلته، وحول وظائفهم فرق عملة.
بالكاد يحضر الموظفون يوماً واحداً في الاسبوع لانجاز القليل من المعاملات المتراكمة، معتبرين أن حقوقهم متراكمة لدى الدولة ايضاً، وقد باتوا عاجزين عن تأمين الطبابة والاستشفاء وبدل التعليم لاولادهم، فالكل رفع أقساطه وفواتيره الا موظف الدولة “طالعة براسه”، كما يقول احدهم، مؤكداً أن “لا احد يمكنه فك الاضراب طالما المعاشات لم تخضع للتصحيح وكذلك بدل النقل، فكلفة النقل اليومي لأي موظف من منزله حتى مركز عمله تفوق الـ50 ألف ليرة مقارنة مع سعر تنكة البنزين غير المتوفرة بسهولة”.
من البلديات الى النافعة وتعاونية موظفي الدولة، الى الزراعة والمالية والضمان وغيرها، ادارات مشلولة ودوائر دخلت مرحلة الشيخوخة المبكرة، هذا ما فتح شهية بعض تجار المعاملات الى الاستفادة من الاضراب لرفع كلفة المعاملة. تتحدث احدى العاملات في احدى محاكم قضاء صور عن الامر، تؤكد أن الرشاوى والسوق السوداء للمعاملات تفعل فعلها، وأن هناك موظفين يرفضون الالتزام بالاضراب لتحقيق اموال طائلة، إذ تجاوزت كلفة ابسط معاملة الـ500 ألف ليرة، هذا ولم نتحدث عن معاملات الاحوال الشخصية واخراج القيد الذي سجل مليون ليرة، وتشير الى أن هؤلاء محميون، إذ يمارسون مهنتهم تحت كنف الدوائر الرسمية ويقبضون “كاش” ثمن المعاملة، ولا تخفي أنهم يضرّون بالاضراب وبمطالب الموظف الشريف، إذ يرون أن الاضراب يعطل أعمالهم.
رغم ان لا احد يتعاطى مع اضراب موظفي الادارات العامة بجدّية كالتعاطي مع اضراب المطاحن والمخابز والمحطات، الا أن تأثيره بدأ ينعكس تأخيراً في التنمية البلدية، فموظفو البلديات والزراعة والضمان يواصلون اضرابهم، وأن المعاملة التي تحتاج ساعة تأخذ أسابيع، ما يلحق الضرر بالمواطن سيما الطلاب الذين يواجهون صعوبة في تصديق شهاداتهم الرسمية وفي الاستحصال على علاماتهم المدرسية، نتيجة الاضراب من جهة وفقدان الكهرباء والاشتراك من جهة ثانية، ما قد يطيح بعام الطالب الجامعي، هذا دون ان ننسى صعوبة الحصول على اخراج قيد نتيجة فقدان الاوراق. كل ذلك يحصل على مسمع من حكومة لم تبدأ رحلة البحث عن الحلول، بل تزيد الطين بلة وتراكم الأزمة، فهل تتحرك وتبدأ بالعلاج، أم على الناس انتظار الانتخابات وما بعدها ليبدأ الفرج؟