خاص “لبنان 24”
ذات يوم من شباط ليس ببعيد، دخل إسم رئيس هيئة محكمة الجنايات في بيروت القاضي طارق البيطار الى دائرة الضوء الإعلامي مع تعيينه محققاً عدلياً في ملف إنفجار مرفأ بيروت خلفاً للقاضي فادي صوان الذي تمت تنحيته “لارتياب مشروع” في ترميم شبابيك وأبواب منزله في محلة الأشرفية والتي تضررت بفعل الإنفجار غير النووي.
يومها حزم صوان أغراضه وأوراقه وغادر مكتبه في الطابق الرابع من قصر عدل بيروت عائداً الى مكتبه في مبنى المحكمة العسكرية المجاور للعدلية، مقفلاً بابه في وجه التسريبات عن موجب إبعاده عن التحقيق العدلي في جريمة محالة على المجلس العدلي، ومعتصماً بموجب التحفظ عن كل ما يمت بصلة الى ما وُصف بكارثة العصر ،التي حاول فكّ أحجيتها بما يملك من مناقبية قضائية ومهنية تجلّت لسنوات في مقارعته لملفات التنظيمات الإرهابية كقاضي تحقيق عسكري.
القاضي طارق البيطار الهادىء والخجول والعصامي، على ما يصفه عارفوه، إبن عيدمون العكارية وأحد الأوائل على دفعته في معهد الدروس القضائية قَبِل بالمهمة التي أوكلتها اليه وزيرة العدل السابقة ماري كلود نجم بعد التوافق مع مجلس القضاء الأعلى من دون تردد هذه المرة، لكن تحت شرط ” أن لا يكون عليها قيود وحدودها مفتوحة” بحسب تعبيره الحرفي، ليصطدم بعد نحو ثمانية أشهر من التعيين،كما سلفه .بموضوع الحصانات السياسية والقانونية وغيرها، مع تبنّيه لعدد من إدعاءات القاضي صوان ضد وزراء ونواب وقادة أمنيين حاليين وسابقين، حصانات يعرف أهل القانون في لبنان أنها تحوّلت من إجراء قانوني ملزم الى مادة خلافية وسجالية.
وعلى إيقاع الضغط السياسي والإعلامي وتراكم مجموعة من الصدف غير البريئة، بلغ الكباش أشده في اليومين الماضيين بين المحقق العدلي من جهة ومجموعة المتضررين من قرار إتهامي قد يصدره، وهو بالمناسبة لا يُعتبر إدانة بحسب القانون، وبالتالي فإن هذا القرار إن أبصر النور فهو ليس نهاية بل بداية. فهل سيتمكن البيطار من تركيب “البازل” بكل قطعه لكشف المستور أو الممنوع كشفه؟ وهل يستطيع أهالي الضحايا والشهداء والمتضررين من الإستكانة والتعويل على صلابة “القاضي المغوار” كما وصفه الإعلام يوم قَبِل المهمة؟ والاهم من ذلك هل من “مغوار آخر” سيقبل بمتابعة مسار التحقيق اذا تمت تنحية البيطار كما سلفه؟
يبدو واضحا من مسار التطورات أن العام الجاري في شهره التاسع الذي قارب على نهايته سيحمل لقب “عام انتصار الحصانات النيابية والوزارية” الموزعة على مساحة “جمهورية النيترات” من المرفأ الى إيعات.