برّي يُريد وباسيل يُريد.. هل يفعل حزب الله ما يُريد؟
الرابطة اللبنانية للاعلام – الكاتب : علي الحسيني
أمّا وقد عبرت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي جلسة الثقة النيابية بأصوات الأكثرية النيابية، يبقى التعويل من الأن وصاعداً، على نوعيّة انطلاقة العمل الوزاري وكيفيّة اتخاذ الخطوات والقرارات الصائبة للحؤول دون الوصول إلى “القعر”. لكن قبل الدخول في نوعيّة الإجراءات التي ستُتخذ للحدّ من الإنهيارات المتلاحقة التي فرضتها الحكومات المُتعاقبة، يكثر الحديث حول أهميّة التوافق السياسي ونوعيّته، وصولاً إلى نقاط الإختلاف بين أركان التوليفة الوزاريّة ومعارك كسر “العظام” السياسيّة، التي تنتظر بعض أطرافها على المفارق المؤدية إلى صناديق الإنتخابات النيابيّة.
تُبشّر الرسائل المُبطّنة بين أركان الحكومة، وتحديداً بين رئيس مجلس النوّاب نبيه بري ورئيس “التيّار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، بأيام خريفيّة يُمكن أن تتساقط فيها، تفاهمات تتعلّق بتثبيت الحكومة على سعر الظرف السياسي الذي يضبط “حزب الله” إيقاعه، من خلال مُحاولاته إزالة الشوائب بين بري وباسيل، على قاعدة أن اهتزاز أرضيّة حلفائه، ستؤدّي حتماً إلى الإطاحة بورقة الإمساك بالأكثرية المُقرّرة لنوعية وتركيبة المجلسين النيابي والوزاري وترتيب أولوياتهما، بالإضافة إلى التحكّم بهويّة رئيس الجمهورية المُقبل وتحديد مسار طريقه، مع رسم خارطة الطريق التي توصله إلى “بعبدا”.
المؤكد أن ما ينتظر “حزب الله” من عمل شاقّ لجهة ضبط الخلافات بين وزراء حركة “أمل” و”التيّار” داخل الحكومة والتخفيف من احتقان الشارعين، قد يتخطّى قُدرته الإستيعابية لكميّة المشاكل الموعودة والتي بدأت تطفو على واجهة الأحداث خلال اليومين الأخيرين، سواء من بوابة تفجير المرفأ وطريقة إدارة القاضي طارق البيطار لملف التحقيق، وهو ما يُزعج “الحزب” أيضاً، بالإضافة إلى ملف التدقيق الجنائي الذي يلوّح فيه باسيل بوجه الرئيس برّي الذي يشعر باستهداف شخصّي وبحملة شرسة يخوضها “التيّار” ضده، شعبيّاً وسياسياً، إنتقاماً منه، بعد سعيه الطويل مع حلفائه الرئيس سعد الحريري ورئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط، لإسقاط عهد الرئيس ميشال عون.
في ما يتعلّق بنوعية العمل الحكومي وأولوياته، يبدو أن هامشاً من الحريّة الإقتصادية، متروك من “حزب الله” للرئيس نجيب ميقاتي خصوصاً بما يتعلّق بملف التعاطي مع صندوق النقد الدولي، لكن من دون أن ينعكس هذا الأمر بحسب مصادر سياسية مُطلعة، على طبيعة عمل الحزب الداخلية والخارجية، من خلال تفاهمات مُسبقة تتمّ بين الجهتين، على غرار ما حصل في موضوع “حزن” ميقاتي على الطريقة التي دخل بها النفط الإيراني إلى لبنان، والذي لم يُزعج “الحزب”، بسبب الإتفاق المُسبق حول الطريقة التي ستُدار بها العملية السياسية في البلد من أجل حماية “هيكل الحكومة”.
أمّا على مقلب العلاقة بين بري و”التيّار” حيث الهاجس الأكبر الذي يُسيطر على أولياء التأليف، خشية تعرّض الحكومة لتصدّعات غير محسوبة النتائج، تدل الوقائع على أن الجلسات الحكوميّة ستشهد “معارك” سياسيّة حاميّة، ستكون لها تداعيات يُمكن أن تُهدّد بانفراط عقد الحكومة، خصوصاً وأن التحضيرات لمواجهات ساخنة بين الطرفين، بدأ التحضير لها في عين التينة وميرنا الشالوحي، وهو ما استدعى برّي، بحسب المصادر السياسيّة نفسها، لوضع “الحزب” في أجواء ما يسعى اليه “التيّار” حيث “طلب برّي من “حزب الله” إمّا الوقوف على الحياد في معركته المُرتقبة، وإمّا لجم باسيل من خلال وضع حد للتهويلات التي يُطلقها هو وتيّاره ضد بري ووزرائه”.
“هي معركة انتخابية بامتياز بين “أمل” و”التيّار”. هذا ما تُشير اليه المصادر. وتقول: “هذه المعركة لن تكون فيها ضوابط حيث أن كل أنواع المواجهة السياسيّة، ستكون مُباحة وفقاً لقواعد التحشيد وشدّ عصب الجمهور، وبالتالي فإن الملفات ستُفتح على مصراعيها بين الفريقين، بغضّ النظر عن النتائج “القضائية” التي ستُفضي إليها حرب الإتهامات هذه. مع العلم أنه بطبيعة الحال، فإن المُتضرّر الأكبر من المواجهات المُرتقبة، هو “حزب الله”، الذي سيتأثر إلى حد كبير باهتزاز الحلف الأكثري، ممّا قد يؤدي إلى خسارة سياسية قد لا تُعوّض، خصوصاً في حال عرف خصومه كيفيّة الإستفادة منها”.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع