ميقاتي بين 2011 واليوم… “مُشرّع” الأبواب لانفلاش النازحين
يضيع ملف النزوح السوري في زمن الإنهيار، إذ إن الأولوية باتت في غير مكان وكأن هذا الملف دخل مرحلة النسيان.
هناك أسباب كثيرة للإنهيار الحاصل، ولعلّ الفساد والسرقة وسيطرة “الدويلة” على الدولة أحد أهمّ تلك الأسباب، لكن النزوح السوري أرهق البنى التحتية اللبنانية وسرّع انهيارها.
وتطرّق البيان الوزاري لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي إلى ملف النزوح السوري، حيث أكّد “متابعة العَمل على عودة النازحين السوريين وتعزيز التواصل مع المجتمع الدولي للمساهمة في مواجهة أعباء النزوح السوري، مع الإصرار على عودة النازحين الآمنة إلى بلدهم ورفض أي شكل من أشكال إدماجهم أو توطينهم وتنفيذ ورقة السياسة العامة لعودة النازحين التي أقرتها الحكومة اللبنانية وإعادة النظر فيها إذا لزم الأمر”.
ولم يستفض البيان الوزاري في طرح حلول لهذه المشكلة الجوهرية والوجودية واكتفى بالعموميات وترداد ما كان يقال سابقاً دون تقديم أي معالجة عملية. وتدلّ الوقائع إلى أنّ ميقاتي هو من أكثر العارفين بملفّ النزوح السوري، فموجات النزوح الكبرى والأساسية حصلت خلال فترة توليه رئاسة الحكومة العام 2011، وهذا ما يثير المخاوف.
وتتحمّل حكومة ميقاتي السابقة المسؤولية الكبرى في إنفجار أزمة النزوح، فهو دخل في مزايدات طائفية على اعتبار أن النازحين هم في أغلبيتهم سنية ساحقة.
وقرّرميقاتي حينها أن يقول للشارع السني إنه يمثّل وجدانهم وليس فقط تيار “المستقبل” أو الشيخ أحمد الأسير لاحقاً، كما أنّه حاول تسجيل نقاط في وجه “حزب الله” و”التيار الوطني الحرّ”، فعندما اقترح وزير الطاقة آنذاك جبران باسيل إقفال الحدود إنتفض ميقاتي ورفض هذا الأمر، وقال بما معناه “لست أنا من يقفل الحدود في وجه نازح”، في تكرار للتجربة المريرة التي حصلت مع الفلسطينيين قبل الحرب الأهلية.
قد تكون ظروف تولّي رئاسة الحكومة بعد اندلاع الأزمة السورية في العام 2011 مغايرة تماماً لظروف اليوم، لكن الأكيد أن حكومة ميقاتي لن تقوم بأي خطوة جديّة في ما خصّ ملف النزوح.
ويعود هذا الامر، ليس لعدم رغبة ميقاتي في حلّ هذا الموضوع، بل لعوامل عدّة أبرزها أن الحكومة الحالية تحتاج إلى دعم دولي ولم يصدر أي قرار دولي حتى الساعة باعادة النازحين الى بلادهم.
ومن هذا المنطلق، أعلنت حكومة ميقاتي في بيانها الوزاري تشجيع العودة الآمنة، وبالتالي فان النازح السوري الذي كان يحلم بالعيش في لبنان لن يترك هذه الأرض بسهولة.
ومن جهة اخرى، فان الدول الاوروبية التي تشكّل الداعم الأول للحكومة الجديدة لا تريد العودة حالياً، وقد صرّح أكثر من مسؤول أوروبي زار لبنان أخيراً عن هذا الموضوع، لذلك لا توجد رعاية أوروبية – غربية لتأمين العودة.
ويغض العرب النظر عن إعادة النازحين السوريين، في حين ان السبب الأساسي هو أن طرح موضوع النازحين سيفجّر الحكومة من داخلها خصوصاً أن فريق “حزب الله” و”التيار الوطني الحرّ” سيستخدمون هذا الملف من أجل تأمين التنسيق مع النظام السوري وتحقيق مكاسب سياسية لهذا النظام، بينما يبقى الهمّ الأساسي في عدم توطينهم في لبنان.