ميقاتي يطمح بمواكبة فرنسية لالزام عون التعاون بـ3 ملفات
ابراهيم ناصرالدين-الديار
توافق مع بعبدا في ملف الترسيم : لا «لاغضاب» الاميركيين!
واشنطن تتراجع خطوة الى الوراء… «العين» على الرئاسة الاولى؟
يغادر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى باريس لملاقاة احد «عرابي» الحكومة العتيدة، ليست الزيارة بروتوكولية لتقديم واجب «الشكر» فقط، او لمحاولة تزخيم الوعود السابقة بتقديم العون الاقتصادي، وانما يريد من قبل بهذه المهمة «الانتحارية» ان لا يصرف من رصيده في الداخل او الخارج، ويطمح بدعم فرنسي يتمثل بالضغط على شريكه في السلطة التنفيذية رئيس الجمهورية ميشال عون في اكثر من ملف، وكذلك طلب المساعدة الفرنسية لمواجهة التصعيد «الاسرائيلي»- الاميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية، دون انفجار اي «لغم» اميركي يسبّب له الاضرار الرسمية والشخصية، لكنه يدرك ان هذا الامر دونه عقبات كبيرة، لان مصلحة «اسرائيل» الراغبة في اضعاف حزب الله تبقى اولوية لدى واشنطن، وهذا يطلب «شجاعة» استثنائية لمواجهة يمتلك فيها لبنان «اوراقا» حاسمة، فهل يُقدم عليها مع رئيس الجمهورية؟
وفقا، لمصادر سياسة بارزة، سيطلب ميقاتي من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ممارسة ضغوطه على رئيس الجمهورية ميشال عون للتعاون معه في ثلاثة ملفات يعتبرها اساسية:
الاول: عدم وضع «العصي في دواليب» في التفاوض مع صندوق النقد الدولي من خلال التخلي عن خطة التعافي المقرة من قبل الحكومة السابقة والتي ساعد في انجازها مستشارو رئيس الجمهورية، ما ادى الى استفحال الخلاف الداخلي على الارقام وتوزيع الخسائر، فتوقفت عملية التفاوض وحصل ما حصل من انهيار.وهذا التسهيل يجب ان يقترن بتشكيل فريق عمل متجانس للتفاوض.
الثاني: يرتبط بخطة إعادة تأهيل قطاع الكهرباء، حيث يرغب رئيس الحكومة بتجاوز خطط التيار الوطني الحر التي لم تنجح في وقف تدهور هذا القطاع، وهو يأمل بتخلي الرئيس عون عن انشاء ثلاثة معامل كما كان يصر عليها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، عبر اضافة سلعاتا الى «خارطة الطريق» التي سبق ورفضها ايضا الفرنسيون، فهذا الملف حيوي بالنسبة الى ميقاتي، ويراهن عليه لتقديم انجاز للبنانيين.
الثالث: يرتبط بالتشكيلات القضائية التي يحتفظ بها الرئيس عون في «الجارور»، وهو امر يشلّ القضاء ويعيق التقدم في اكثر من ملف قانوني.
وهنا اذا ما نجح الفرنسيون في اقناع الرئيس بالتعاون في هذه الملفات، سيعتبر ميقاتي انه بدأ «بتقليعة» جيدة حكوميا، وهو لا يطمح الى اكثر من ذلك، لان القدرة على استعادة العلاقات مع الدول الخليجية وفي مقدمتها السعودية ستكون مهمة صعبة وشاقة امام ميقاتي، ان لم تكن مستحيلة، فاعادة احياء نظريته حول «النأي بالنفس» عن الصراعات في المنطقة، سقطت الى غير رجعة، وليس هناك من امكانية لتسويقها لدى احد، واعلان حزنه على انتهاك السيادة من خلال البواخر الايرانية، زاد من حراجة مواقفه الذي قوبل «بالتندر» لدى دوائر القرار المؤثرة في المملكة، كما تقول مصادر ديبلوماسية!
اما ملف التنقيب عن الغاز وكيفية ادارة الملف بعد «الاستفزاز الاسرائيلي» بتلزيم شركة «هاليبرتون « الاميركية بالتنقيب في المنطقة المتنازع عليها، فثمة توافق ضمني واضح تظهر خلال اللقاء في بعبدا بالامس بين الرئيسين عون وميقاتي وحضور وزير الخارجية وبعض المستشارين النافذين في القصر الجمهوري، فرئيس الحكومة يدرك ان رئيس الجمهورية احجم عن التوقيع على المرسوم الخاص بتعديل الحدود في هذه المنطقة إلى النقطة 29 بدلاً من النقطة 13 كان بضغط اميركي، ويدرك جيدا انه غير قادر على تجاوز هذا «الفيتو» او مواجهته، ولهذا تم الاتفاق على ادارة الملف بحكمة بعد التواصل مع الجانب الاميركي» ليبنى على الشيء مقتضاه» بعد عودة ميقاتي من باريس.
وفي هذا السياق، تحذر مصادر معنية بهذا الملف من استسهال الاستسلام للرغبات الاميركية لان «اسرائيل» ومعها الادارة الاميركية تريد استغلال الازمة في لبنان باعتبارها فرصة ذهبية للضغط عليه وابتزازه بانتزاع المزيد من المساحات في المياه البحرية وحقول الغاز والطاقة، لكن لبنان يملك بين يديه «ورقة» رابحة يجب عدم التفريط بها وهي توقيع المرسوم وارساله على عجل الى الامم المتحدة، واستخدامه كورقة «مساومة»، لان ذلك كفيل بايقاف «اسرائيل» عن التنقيب، ما سيدفعها الى الهرولة الى «طاولة المفاوضات»، فالارقام المقدرة تؤكد انه إذا لم تباشر بالتنقيب قد تخسر نحو 72 مليار دولار من عائدات الغاز، ولهذا يجب تحويل الاعتداء الاسرائيلي الى فرصة لاعادة التفاوض ورسم الحدود وتحصيل المزيد من الحقوق اللبنانية، اذا لم يكن بالامكان تحصيلها كاملة، وهو امر وارد في التفاوض البحري!
وفي الخلاصة، بدأت مرحلة الاختبار الجدي امام الحكومة، سواء التعاون بين رئيس الجمهورية والحكومة، او كيفية التعامل مع الضغوط الخارجية، وادارة «التفليسة»، ووفقا لاوساط سياسية بارزة، لا يجب «تكبير الحجر» عند الحديث عن مهمة الحكومة الميقاتية، فالاشهر القليلة المقدرة لعمرها يجعلها مجرد حكومة «انتقالية» تديرالانهيار دون انجازات كبرى، لان مهمتها محصورة من قبل الدول الغربية الراعية بتأمين اجواء مؤاتية لإجراء الانتخابات النيابية في موعدها، «فعين» واشنطن على تعديل موازين القوى داخل المجلس النيابي، ولهذا تراجعت «خطوة الى الوراء»، فاذا كان «البلوك» الشيعي صعب الاختراق، فالرهان كبيرعلى اضعاف التيار الوطني الحر باعتباره «الخاصرة الرخوة» في القوى المتحالفة مع حزب الله، وتعاديه كل الاطراف المتحالفة مع الحزب وترغب ايضا في اسقاطه، وهو امر سيكون له تأثير استراتيجي على انتخاب رئيس الجمهورية الجديد بعد انتهاء ولاية الرئيس عون في 31 تشرين الأول عام 2022 ، ويأمل الاميركيون ومعهم السعوديون بايصال رئيس «تسوية» على شاكلة الرئيس ميشال سليمان، حيث يتقدم قائد الجيش الجنرال جوزاف عون المتنافسين، وهو يعتبر اكثر قبولا لدى المحور المعادي لحزب الله من الوزير سليمان فرنجية بعدما خرج النائب جبران باسيل من السباق الرئاسي؟! .