نبيه البرجي-الديار
ما هو موقف القادة المسيحيين في لبنان من الزلزال الذي حدث في العلاقات بين فرنسا وأميركا ؟!
أوليفيه روا رأى أن ثمة كلمة وحيدة تنطبق على ما فعلته ادارة جو بايدن «الخيانة» اذ توقع أن يحدث ذلك انقلاباً في المعادلات الدولية، لاحظ أن «الاليزيه» كان يتصور أن ذلك يمكن أن يحدث مع دول تشكل عبئاً استراتيجيا على الولايات المتحدة لا مع «رفيقة السلاح» .
التعليقات الفرنسية في أقصى حالات الغضب. القضية لم تعد تتعلق بصفقة الغواصات، وانما في استحداث حلف جديد (أوكوس) يجمع ما بين أميركا واوستراليا وبريطانيا، وفي منطقتي المحيط الهندي والمحيط الهادئ، وحيث محور الصراعات المستقبلية بين الأمبراطوريات.
أوبير فيدرين لاحظ أن الادارات المتعاقبة تعامل الأوروبيين كما الأحصنة الهرمة، وكان عليهم أن يتنبهوا الى التحول الذي حدث في النظرة الأميركية الى القارة العجوز «التي لم تعد موجودة الا في كتب السحرة» .
أوروبا أمام المأزق ؟ الخيارات معقدة، وقد تكون قاتلة. بين أن تشكل البلدان الأوروبية قوة مستقلة، وهذا يعني الانفصال عن الضفة الأخرى للأطلسي، أو مد اليد الى القيصر، كما الى التنين، وفي ذلك مجازفة كارثية اذا ما عادت أميركا الى «مبدأ مونرو 1823 « وأقفلت الباب في وجه القارة المثقلة بـ «كل حماقات التاريخ» .
وزير الخارجية السابق اعتبر أن الصدقية الأميركية «سقطت في تلك الليلة الهوليوودية في كابول» .
بايدن الذي يطارده شبح ترامب، ترك حلفاءه الأطلسيين في أفغانستان رهائن في يد الذئاب. التوقيت الأميركي للخروج العشوائي تجاهل كلياً رأي أولئك الحلفاء الذين أمضوا ساعات، بل أياماً، هائلة في… التيه!
في نظر الفرنسيين أن ما حدث لدى الاعلان عن الحلف الثلاثي أزال كل أثر للصدقية الأميركية. دعوات متلاحقة لـ «اختيار الطريق الآخر»، أي طريق ؟
على المستوى الرسمي، اذ وصف ايمانويل ماكرون ما حدث بـ «الأمر الخطير»، رأى جان ـ ايف لودريان أن المسألة «تتعلق، بالدرجة الأولى، بانهيار الثقة بين الحلفاء ما يفترض بالأوروبيين التفكير ملياً بالتحالفات».
جوزف بوريل، مفوض السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي أعلن وقوف أعضاء الاتحاد الـ 27 الى جانب فرنسا. رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال لاحظ أن «المبادئ البديهية بين الحلفاء تتمحور حول الشفافية والثقة، بل وحول التداخل الديناميكي بين الشفافية والثقة ، ما تراه هنا اختلال مريع في الشفافية وفي الوفاء».
أين هو لبنان، قياساً على فرنسا، في الأجندة الأميركية؟
لا شيء، لا شيء على الاطلاق. لولا ناقلات النفط الايرانية لما اكترثت واشنطن بالدولة اللبنانية، وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة . هنري كيسنجر الذي وصف لبنان بـ «الفائض الجغرافي» الذي يمكن استعماله في تسوية الأزمات المستحيلة في الشرق الأوسط لا يزال يلهم الكثير من «الأدمغة العميقة» في وزارة الخارجية.
المشكلة في اللوبي الأميركي في لبنان الذي على تواصل يومي مع اللوبي اللبناني في أميركا، وحيث الدعوة الى التماهي مع السياسات الأميركية بالنظر للتقاطع الثقافي، والتقاطع الايديولوجي، بين البلدين. كل الآخرين من الفرس، الى الأتراك، وحتى العرب، هم ورثة ثقافات قبلية، وحتى ورثة ثقافات بربرية. الى هذا الحد الجهل في الالمام بتراث الآخرين…
الخطير هنا أن ثمة ناشطاً في الحزب الجمهوري، من اصل لبناني، أكد لقيادات حزبية، وسياسية، لبنانية بأن دونالد ترامب عائد الى البيت الأبيض، وعليكم الاستعداد لاعلان الدولة المسيحية لا الكانتون المسيحي.
هذا يتزامن مع ظهور أيد خفية تعمل، في اطار السيناريو اياه، لتأجيج النيران ان بين السنّة والموارنة، أو بين الشيعة والموارنة، وفي ظل أزمة تسحق كل الطوائف، وتعرّي كل ملوك الطوائف.
حين يتحدث الفرنسيون، وهم من صنعوا لبنان، عن «الخيانة الأميركية»، ماذا يقول قادة المسيحيين، ولطالما راهنوا على «المسيح الأميركي»؟ انه، أيها السادة… يهوذا الأميركي!