الكاتب: لبنى عويضة-سكوبات عالمية
ساد مناخ إيجابي فيما يتعلق بسعر صرف الليرة اللبنانية بعد تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة نجيب ميقاتي، ففور إعلان تشكيلها انخفض سعر الصرف حوالي 3.000 ليرة في ساعات قليلة وبلغ 14.000 ليرة لكل دولار بعد جنونه خلال الفترات السابقة وارتفاعه اللاعقلاني حيث وصل لـ24.000 ليرة لكل دولار خلال الأشهر السابقة.
هذا ما دفع بالمواطنين للتهافت على بيع دولاراتهم التي احتفظوا بها لفترات خوفاً من هبوط الدولار إلى ما دون الـ13.000 ليرة، ومن هنا أصيب الصرافون بصدمة حيث توقف بعضهم عن عمليات البيع والشراء ولجأوا لاقفال محالهم لتدارك ما ستؤول إليه الأمور.
وأبسط ما يقال عن السوق السوداء أنها داء مستعصي يفتك بكاهل المواطن اللبناني ويهدد حياته ومعيشته، فيتشتت اللبناني الذي لا حول له ولا قوة بالوضع الاقتصادي بين تأمين قوته اليومي والإصطدام بأسعار حاجياته اليومية التي اضطر للاستغناء عن جزء كبير منها، واقتصرت حاجياته على الامور الضرورية جداً، وبين دخله الذي يمكن وصفه بـ”الخرجية”، إذ لا قيمة له تحديداً اذا كان يتقاضى معاشه بالليرة اللبنانية.
ولعل الخبراء الاقتصاديين دائماً ما ينبهون المواطن بعدم السقوط في “trend” الدولار، فهذا الفخ الذي يتواطأ من خلالها الصرافين مع السياسيين ويربطونه بالتطور السياسي، هو من اجل بث الرعب في نفوس اللبنانيين وحثهم على بيع ما تبقى في جيوبهم من العملة الخضراء، كذلك لعكس صورة ايجابية عن دور تشكيل الحكومة في اراحة السوق، الا أنه مما لا شك فيه أن الدولار سيعاود ارتفاعه كما اعتدنا مسبقاً، خاصة في حال عدم الالتزام بالإصلاحات التي يطلبها المجتمع الدولي لتقديم المساعدة إلى لبنان.
اما اللبنانيون فلا يعوّلون على ما ستقوم به هذه الحكومة العتيدة وقدرتها على القيام بأي انجاز، خاصة أنه بعد انتظار أشهراً طويلة لولادة حكومة تكنوقراط، لم تلد الحكومة إلا وجوهاً جديدة قذفتهم سلطة الفساد الحاكمة التي لا أمل منها في القيام بأي إصلاحات.
إذن المشهد نفسه يتكرر من فترة لأخرى، والطامة الكبرى ستكون بعد رفع الدعم عن المحروقات، ولعل هذا ما جرى تمريره يوم أمس مع صدور لائحة الأسعار الجديدة على تسعيرة الدولار بـ13.000 ليرة لبنانية.
ولعل انخفاض سعر صرف الدولار ما هو الا جرعة “مورفين” سياسية أو حتى فقاعة، دفعت المواطنين لبيع الدولارات دون إمكانية شرائه من الصرافين، ويظهر أن هذه الحكومة كسابقاتها لن تقوم بأي حلول استثنائية بوسعها النهوض بالبلد وتحسين الوضع الاقتصادي، إذ كثرة الشعارات والوعود يقابلها غياب تنفيذي لأي منها، فالازمة مستشرية بشكل يحتاج لمعجزة من أجل اعادة النهوض، كما ان الحكومة ما هي الا حكومة انتخابات، فالاقتصاد اللبناني مريض ومنهك القوى ولا بد من معالجته.
ومن المتوقع أن يعاود الدولار ارتفاعه ويتخطى الـ20.000 مع استمرار المصرف المركزي بطبع العملة اللبنانية من أجل رفع الأجور، وما سيرافقه من رفع كلي للدعم وعجز ميزان المدفوعات، كذلك غياب الامل من قيام حكومة ميقاتي بأي إصلاحات، إذ أن اليد الخفية المتحكمة بالسلطة هي من قامت بعملية التوزير، وبالتالي سيجري لبنان كما تشتهي سفنهم مع كامل الاسف.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع