رضوان الذيب-الديار
مُفاوضات الناقورة تستأنف قريباً… والمقاومة تحمي النفط
هل سيدفع لبنان ثمن الصراع الأميركي – الفرنسي؟ و«امّ المعارك» استحقاقات ٢٠٢٢
القرار الأميركي الواضح والصريح القاضي بمروحة استثناءات واسعة للبنان وسوريا من «قانون قيصر» دخل حيّز التنفيذ منذ اكثر من شهر تحت عناوين أميركية انسانية، تشكل مبادئ الديموقراطيين، لكن أساسها منع انهيار لبنان وسقوطه بيد حزب الله وإخراج فرنسا كليا منه، ومنعها من تثبيت موطىء قدم أساسي لها على الشاطئ اللبناني من خلال شركة «توتال» الفرنسية، بعد أن تحولت هذه المنطقة الى ساحة صراع كبرى بين واشنطن وموسكو مع تراجع النفوذ الأميركي لصالح موسكو ووصولها الى المياه الدافئة وحماية خطوط أنابيبها للغاز، والى أوروبا من خلال سوريا، ومنع اي قوة من استغلال الأراضي السورية لمد الغاز القطري والخليجي الى أوروبا وضرب الاقتصاد الروسي الذي يعيش على امدادات الغاز الى أوروبا.
وقد وصلت الرسالة الروسية الى قطر، وكان التهديد الروسي الاعنف لأمير قطر بالقول: «سنَمحي قطر عن خريطة العالم اذا استمريتم في هذا المشروع» ، وهكذا تراجعت قطر، وطوّعت موسكو تركيا من خلال اغراءات واسعة وفتحت أوسع العلاقات مع إيران والسعودية وكذلك مع «إسرائيل» لحماية اقتصادها، فيما يعلم الجميع أن حرب شيراك على سوريا بدأت مع انهاء عقود شركة «توتال» في دير الزور، وهذا الأمر ربما كان السبب الأساسي في عدم تبني واشنطن الحرب الشاملة ضد النظام، وربما فجّر الجهد الأميركي بمنع «توتال» من التنقيب على الغاز اللبناني، مواجهة جديدة بين الدولتين امتدادا للمواجهات الحالية في اوستراليا وسويسرا وانتهت لمصلحة واشنطن.
وتؤكد مصادر واسعة الاطلاع، ان الخيار الوحيد للبنان لحماية نفطه هو المقاومة فقط، فهل تستطيع الحكومة التلويح في هذه الورقة لحماية نفط لبنان كما حمت المقاومة أرضه وفرضت التفاوض على» سنديانة « بشروط الدولة اللبنانية؟ هذا كله كان بفضل صواريخ المقاومة القادرة على حماية ثرواته النفطية وفرض معادلة تحمي كل ليتر من نفط لبنان، اذا عرفت الدولة الاستفادة من هذا العامل الاستراتيجي، والا على» الدنيا السلام»، وهذا يعني ضياع الثروة النفطية والتحكم بها من قبل أميركا وإعطاء «الفتات» إلى لبنان بعد طرد «توتال»، وتحكّم الشركات الأميركية وحدها بنفط فلسطين المحتلة ولبنان والتوازن مع روسيا في سوريا، وهذا النهج الأميركي الجديد اساس نجاحه منع انهيار لبنان وسقوطه بيد حزب الله، وبالتالي نهاية كل الأحلام الأميركية في هذا البلد واستغلال خيراته ونفطه.
وبحسب المصادر، فإن لبنان سيشهد تحريكا لمفاوضات الناقورة النفطية قريبا، بعد تأليف الحكومة وعودة الموفدين الأميركيين، وهذا يفرض توحيد الرؤية اللبنانية المنقسمة بين وجهتي نظر الرئيس بري والجيش اللبناني، كما ان القرار الأميركي بمنع الانهيار يفرض استمرار تدفق المساعدات على مختلف انواعها وترييح الشعب اللبناني، لان المفاوضات النفطية تفرض استقراراً داخليا، وهذا المسار الأميركي منع عرقلة وصول السفن الإيرانية والغار المصري والفيول العراقي وفرض الاعتدال السعودي مع مروحة واسعة من الاستثثناءات ستعلن قريبا ويجب استغلالها من قبل الرئيسين عون وميقاتي في المحروقات والادوية والرواتب وتأمين الأرضية الهادئة للانتخابات، اما العناوين الكبرى، فيجب تركها للعهد الجديد، وهذا هو المطلوب اميركيا من الحكومة مع الانفتاح على دمشق، كونها الممر الإجباري لمنع الانهيار ووصول المساعدات، وكذلك تقنين أطر التواصل مع فرنسا في ظل انتقادات أميركية سمعها إعلاميون لبنانيون لكيفية إدارة فرنسا للملف اللبناني وتحميلها مسؤولية تدهور الاوضاع واحتضان حزب الله، ولذلك المطلوب من الرئيس عون وميقاتي استغلال الفرصة في ظل مئات المتربصين بهما في الداخل، وكل معارض له حساباته الخاصة معهما، ويبقى اللغم الأساسي في وجه الحكومة التحقيقات في قضية انفجار المرفأ والتوقيفات، وهذا الأمر قادرة الإدارة الأميركية على معالجته اذا كانت تداعياته ستفجر البلد، وهذا يتعارض مع السياسة الأميركية الحالية.
وتضيف المصادر بالتأكيد، ان واشنطن تدرك ان الباب الوحيد لدخول «الأوكسجين « هي سوريا، وهذا يقتضي رفع الكثير من قيود «قيصر» نفطا وغذاء، وفتح الحدود مع الاردن وقريبا مع لبنان مع دعم خليجي وتسهيلات واسعة في عمليات «الترانزيت» مع الرياض والاردن التي توّجت بزيارة وزير الدفاع السوري الى الاردن، والابرز انهاء كل الجيوب الإرهابية في جنوب سوريا واستسلام آلاف المسلحين مع كامل اسلحتهم الخفيفة والثقيلة، وبالتالي سقوط مشروع تقسيم سوريا.
هذه الانجازات تسجّل للدولة السورية التي عرفت الاستفادة من «قبة الباط» الأميركية في ظل السياسة السورية «نبيع بالغالي ونشتري ببلاش»، وهذا النهج السوري يجب أن تعتمده الإدارة اللبنانية، تضيف المصادر، لتحصين الساحة الداخلية أمام الاستحقاقات الكبرى، وحصر تداعيات الخلاف الأميركي – الفرنسي داخليا، حيث اثبتت التطورات ان يد فرنسا قصيرة في لبنان ومترددة ، وهذا ما مهّد الطريق لتقدّم دور واشنطن واستعادة القرار والمبادرة بقوة من بوابة النفط، وهم بالأساس انكفأوا ولم يخرجوا، ولا يمكن مواجهة هذا الكباش الدولي الكبير الا بوحدة الموقف وتحصين الداخل، وهذا امر َمستبعد في ظل توسّع «ام المعارك» حول استحقاقات ٢٠٢٢ والتي ستحدد أحجام القوى السياسية في العهد الجديد، وهنا الطامة الكبرى التي تهدد الإيجابيات الأخيرة، الا اذا استغل ميقاتي عامل الوقت وانجز ملفات عدة بغطاء من الرئيس عون، والا فان لبنان سيكون أمام استمرار معادلة «ممنوع الانهيار وتمديد الذل» حتى بروز معطيات جديدة، لكن أهمية المسؤول استغلال الفرصة، فهل يلتقطها ميقاتي بغطاء َمن رئيس الجمهورية لمصلحة البلد كما فعلها الرئيس الاسد؟