مجلة تحليلات العصر الدولية
تتكرر مواقف خذلان الولايات المتحدة الأمريكية لحلفائها، لتفضح عن الوجه الحقيقي لهذه الإدارة بمختلف هويتها السياسية (ديمقراطية كانت أم جمهورية). فالإدارة الأمريكية بكل تحركاتها واتفاقاتها وتحالفاتها وحتى بطريقة مواجهتها لأعدائها ومنافسيها، تتحرك وفق مصالح بلادها الضيقة. فما جرى منذ أيام، يشكل ضربة قوية للثقة بين أمريكا وحلفائها الأوروبيين. حيث تراجعت أستراليا عن صفقة الغواصات مع شركة “نافال” الفرنسية (التي عقدتها في العام 2016)، وقامت باستبدالها ببناء 8 غواصات تعمل بالطاقة النووية، تعتمد على تكنولوجيا أمريكية وبريطانية بعد إبرام شراكة أمنية مع الدولتين تحت اسم “AUKUS”. وكان لهذه الحادثة تداعيات كبيرة ومباشرة، على علاقة الدولة الفرنسية بأمريكا وأستراليا، حيث وصفت هذا القرار بالطعنة في الظهر، الأمر الذي دفعها لاستدعاء سفيريها في البلدين.
وقد أعلن وزير الخارجية الفرنسي “جان إيف لودريان” أن أزمة صفقة الغواصات، تشكل كذباً وازدواجيةً واحتقاراً لبلاده، من قبل أستراليا والولايات المتحدة وبريطانيا. معتبراً أن طريقة الرئيس الأميركي “جوزيف بايدن”، تشبه طريقة سلفه السابق “دونالد ترامب”، مع فارق استخدام الأخير لتطبيق تويتر. متهماً في الوقت عينه بريطانيا بـ”الانتهازية المستمرة”، ومحذراً من هذه الأزمة ستؤثر على مستقبل حلف شمال الأطلسي “الناتو”.
وقد وصفت مجلة “ذا ديبلومات” في مقال لها هذا القرار، بالأقل من استراتيجي، الذي سيؤدي إلى تثبيط عزيمة أحد أكثر الفاعلين توجهاً إلى الأمام في أوروبا (أي فرنسا)، في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
فرنسا التي تساعد واشنطن في المواجهة مع الصين
ولفهم تداعيات هذا القرار الأسترالي، وما قد يساهم فيه من تغيير لموقف الفرنسيين، نستعرض بعد المواقف والأحداث، التي أظهرت فيها باريس تماه واضح مع مصالح أمريكا في هذه المنطقة:
_ قبل أسبوعين فقط، افتتحت فرنسا وأستراليا أول حوار وزاري بينهما، تمحور حول الشراكة الاستراتيجية للدولتين تجاه ما سموه بالمخاطر المشتركة التي تتعرض لها منطقة المحيطين الهندي والهادئ، جراء تزايد عدوانية الصين في المجال البحري. وقد تم تطوير هذه الرؤية المشتركة منذ العام 2016، حينما عقدت فرنسا صفقة توريد الغواصات. والملفت أن استراليا حينها رفضت أن تعمل الغواصات بتقنية الدفع النووي، بعكس ما وافقت عليه نهار السبت الماضي.
_ في العام 2018، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أستراليا في خطاب غاردن آيلاند الشهير عن “محور المحيطين الهندي والهادئ” الذي شكلته فرنسا والهند وأستراليا لموازنة الصينيين.
_ كانت فرنسا هي القوة الدافعة وراء تعريف استراتيجية الاتحاد الأوروبي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، بما يتوافق تماماً مع استراتيجية الأمريكيين.
فما هي اتفاقية “اوكوس” الأمنية؟
_ هي اتفاقية امنية بن ثلاث دول: أمريكا، استراليا، وبريطانيا. ووقعت نهار الأربعاء 15 أيلول الفائت.
_ أهم بنودها:
1)التعزيز المشترك لأمن منطقتي محيطي الهندي والهادئ.
2)تبادل المعلومات في الأنظمة العاملة تحت الماء وقدرات شن هجوم بعيد المدى.
3)دعم أستراليا بغواصات نووية.
_ اهم الدول المعترضة غير فرنسا:
1)الصين: التي دعت دول هذا الاتفاق للتخلص من عقلية الحرب الباردة.
2)نيوزيلندا: إعلان رفض مرور الغواصات النووية في مياهها الإقليمية.