«المستقبل» ينظم صفوفه والانتخابات النيابية ستفرز الاقوى سنيا

كمال ذبيان | كاتب وباحث لبناني

 

بعد ترؤس نجيب ميقاتي للحكومة الثانية التي شكلها في عام 2011، بادله الرئيس سعد الحريري الجفاء لدى استقباله في الزيارة البروتوكولية التي قام بها له في بيت الوسط، ثم استتبع كيده السياسي برفع الغطاء السني عنه، من قبل دار الفتوى والمجلس الشرعي الاسلامي الاعلى، واستكمل حربه عليه بعشرين جولة قتال في طرابلس بين باب التبانة وجبل محسن، ولم تتوقف الا بعد استقالة ميقاتي؟

واما في الحكومة الثالثة التي يترأسها ميقاتي، فان الحريري قضم غيظه وهو الذي لم يوفق بالعودة الى السراي، التي قد لا يعود اليها، وفق مصادر سياسية عدة مطلعة، على ان رئيس «تيار المستقبل» لم يعد هو المعتمد من قبل السعودية، بعد سلسلة الاخطاء السياسية والاستراتيجية التي ارتكبها، وترك المملكة تخسر دورها في لبنان، وسبق وعاقبته على ادائه بان طلبت منه الاستقالة من الرياض، التي اعطته فرصة جديدة لكن نتائج الانتخابات النيابية في العام 2018، وفوز «حزب الله» مع حلفائه بالاكثرية في مجلس النواب، اقفل ابواب المملكة امام الحريري الذي سعى عبر وسطاء عرب واقليميين ودوليين التوسط لدى ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، استقبال الحريري بعد تكليفه تشكيل الحكومة، لكنه رفض، تحت عنوان، بان بلاده لا تتدخل في الشأن اللبناني.

فعدم الرضى السعودي على الحريري، ورفض رئيس الجمهورية ميشال عون عودته الى رئاسة الحكومة، لانه لم يعد شريكا في التسوية الرئاسية، دفعه ذلك الى الاعتذار عن التكليف، اذ تشير المصادر الى ان رئيس «تيار المستقبل» لم يعد الاقوى سنيا، بالرغم من محاولة انصاره تنظيم تجمع امام بيت الوسط، الاسبوع الماضي، لاعلان تأييدهم له، لكنه اعتذر من المنظمين وطلب منهم الغاء التظاهرة، لانها لن تفيده، وفي الوقت الذي انقسم فريق من تياره حول الدعوة الى الحشد الشعبي، لان الناس التي ستنتقل الى بيت الوسط، ليس لديها بنزين، حتى ولو تأمنت وسائل نقل، فان مطالبهم واحدة مع الشعب اللبناني وهي تأمين الكهرباء والمياه والمحروقات والدواء والاستشفاء واستعادة اموال المودعين المنهوبة او المحتجزة في المصارف، بعد ان تدنت المداخيل وارتفعت الاسعار فماذا سيرفع المحتشدون امام منزل الحريري من مطالب، فهل ستكون لغة التجييش الطائفي والمذهبي، هي التي سيطلب منهم التكلم بها، وتوتير الاجواء، واستهداف الحكومة الجديدة.

فالحريري بعد العام 2011 غاب عن لبنان خمس سنوات ولم يعود اليه الا في العام 2016. مع انجاز «التسوية الرئاسية» وانتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية وان المعلومات تشير الى ان رئيس «تيار المستقبل» الذي سعى الى هيكلة تنظيمه السياسي وتنقية صفوفه واجراء تعيينات فيه قبل سنوات فانه يستعد لجولة جديدة من عملية التجديد وفق مصادره لانه قادم على انتخابات نيابية ليس متأكدا بأنه سيكون الاقوى في تمثيل طائفته وهو الذي خسر مقاعد نيابية على قانون الانتخاب القائم على النسبية اذ يبدو ان الرئيس ميقاتي ومنذ فترة يسعى الى ان يصبح ثنائيا مع الحريري في الطائفة السنية كما هي الحال في طوائف اخرى وقد حاول في اثناء ترؤسه لحكومته الثانية بأن يستفيد من وجوده في السلطة ويكون له في المؤسسات محازبون ومؤيدون له.

وكان يعمل على ان يتوسع «تيار العزم» ذراعه السياسية الى خارج طرابلس ويمتد الى بيروت ومناطق اخرى لكنه لم يوفق وهو بعد الانهيار السياسي والمالي للحريري وفقدان مرجعيته في السعودية فان رئيس الحكومة الجديد سيحاول الاستفادة من الفراغ ليقدم نفسه بأنه المؤهل لان يحمل مطالب اهل السنة وعودة لبنان الى حضنه العربي بعمقه الخليجي وتحديدا السعودية لكن ستواجهه مشكلة العلاقة مع سوريا التي نأى بنفسه عنها اذ تقول المصادر السياسية بأن ميقاتي لا يستطيع ان يدير ظهره الى دمشق التي يعرفها جيدا ومنها دخل السياسة وعالم الاتصالات الهاتفية وعليه ان يعيد تواصله معها بعد ان فتحت سوريا الطريق امام وفد وزاري لبناني زارها مستعينا بها لعبور الغاز المصري من اراضيها وكذلك الكهرباء من الاردن.

ان «الميقاتية السياسية» التي لم تؤسس لها جمهورا بعد 25 سنة فهل يقدم رئيس الحكومة ويملأ فراغ تراجع «الحريرية السياسية»؟

Exit mobile version