– إسماعيل النجار
ما سأكتبهُ اليوم هوَ مُلَخص عن إستراتيجية أميركا للوصول الى مرتبَة أمبراطورية عُظمَىَ والسيطرَة على قرار العالم، وتثبيت وجودها بِلا منازع تمهيداََ لمواجهة تصاعد القِوَىَ الإقتصادية العالمية كالصين وأوروبا التي كانت أنظارهم متجهة نحو أفغانستان اولاََ،
عندما وُضِعَت تفاصيل الخطة على طاولة التنفيذ منذ سبعينيات القرن الماضي، كان الإتحاد السوفياتي يُشَكِل العقبَة الرئيسية الأولى او الصخرة الصلبة في طريق سير عجلة التغيير الأميركية، لذلك كانَ تفكيكهُ الهدف الرئيس لدى صُناع القرار في الدولة الأميركية العميقة.
الهدف الآخر كان جمع القرار الأوروبي في بَوطَقَة واحدة ضمن إتحاد سياسي بالرغم من عدم الإنسجام الثقافي وتعدد اللغات والإثنيات وإصدار عُملة اوروبية موحدة له مِما يضمن ضرب الهوية الوطنية لكل دولة تنضوي تحت راية هذا الإتحاد، يضمن لواشنطن التحدث مع رأس واحد وليسَ مع عدة رؤوس بهدف إخضاع اوروبا وتوظيفها لديها في كل مشاريعها دون أي إعتراض.
الخطوة الثالثة كانت تقضي بتمزيق العرب وزرع الفِتَن السياسية والطائفية والإثنية وإشعال الحروب بينهم من أجل كسر أي تحالف سياسي أو عسكري يُهدد وجود دولة الكيان الصهيوني الغاصب، وتذويبهم اقتصادياََ وتحويلهم إلى اقتصاديات ريعية او مستهلكة ممنوع عليها تطوير ذاتها حتى بأبسط حاجات الحياة وهي الكهرباء والماء،
حتى أصبَحت دُوَل مُهانة فقدَت كرامتها وهيبتها الدولية وحضورها الإقتصادي وغَدَت قواعد للنفوذ الأميركي وأسواقاََ للمنتجات الأجنبية، متخلفةََ عن اللحاق بالحضارة العالمية وأصبح التَخَلف والإرهاب والتناحر أكبر سِمات العرَب التي جَرَّت عليهم الويلات والخراب، فتسببت بخلق جيل يحمل الحقد والكراهية على المستويات الطائفية والمذهبية، كانَ عَرَّاب هذا الخراب المال السعودي والإماراتي والقطري تحديداََ لأن إنبطاح أنظمتهم ومهانتها وذُلَّها غير مسبوقة عالمياََ منذ عمق التاريخ.
فأصبحنا دولاََ متخلفة إقتصادياََ وتجارياََ وصناعياََ وزراعياََ ودينياََ وصنفنا آخر شعرة في ذيل العالم الثالث ولو أرادوا لصنعوا لنا عالماََ رابعاََ كنا نحن أسياده بجدارة.
سياسياََ إنعدمنا حيث صادرت واشنطن قرارنا وأصبحت واشنطن مَن تملي علينا ما يجب فعله وقوله وكل ذلك لأجل راحة إسرائيل المصطنعه، الأمر الذي كاد يتسبب في ضياع فلسطين قضيتنا المركزية الأولىَ،
حيث تمَ التركيز على أهم ثلاث قوىَ في عالمنا العربي السعودية لأنها الأكثر ثراءََ والهدف من السيطرة عليها منع تمويل أي دولة عربية معادية لتل أبيب، [ مصر كونها تمثل اكبر قوة عسكرية عربية على حدود فلسطين فتمَ إخراجها من ساحة الصراع العربي الصهيوني لصالح العدو،
وسوريا التي يعتبرها الجميع قلب العروبة النابض والمؤثرة في محيطها العربي بشكل كبير،
هكذا زحفت أميركا نحو الشرق، فَكَّكَت الإتحاد السوفياتي، صنعت إتحاد اوروبي وفَرَ عليها الحديث مع ثلاثين رأس، وفعلت الفعايل في العرب حتى وصلوا إلى ما هم عليه الآن.
في فلسفة الوجود في هذا العالم لا مكان للضعفاء ولا للمتسولين ولا للجبناء
إستمرَ قطار المخطط الأميركي يسير بكل الأتجاهات من دون عوائق أو أعتراضات حتى إصطَدَم بالجدار الإيراني الذي عَطَّلَ مسيرته وأقفَل عليه الطريق بالقوة ومنعه من متابعة السير نحو أهدافه المتبقية وكانت تهويد القدس وتصفية القضية الفلسطينية وتوطين اللاجئين فتغَيَّر كل شيء وأصبَحَت الحسابات الأميركية في خبر كآن بعدما كانت قد جهزَت كامل العدة للوصول الى قمة هرم القرار العالمي فعادت وتدحرجت نزولاََ وأجبِرَت على مراجعة حساباتها والتفكير ملياََ قبل أن تُقدِم على أي خطوة قد تتواجه بها مع الجَمهورية الإسلامية الإيرانية التي لولاها لما تجرأت روسيا من تحدي أميركا وحتى اليوم أصلاََ لَم تتحداها ولم تمتلك شجاعة مواجهتها إلَّا بالفيتو داخل مجلس الأمن الدولي.
تراجعت أميركا سنوات الى الخلف وتقدمت إيران سنوات الى الأمام وأصبحت نصف المنطقة صاحبة قرار مقاوم بعدما سلبتها واشنطن قرارها عبر أنظمة عميلة جبانة خانعه وخاضعه.