– حامد البياتي
وشحت الماركسية العلمانية نصف الكوكب دولا واحزابا ومنظمات مدنية وشبيبية ولمدة سبعين سنة، عبر الية القهر والقمع والية اتستبدلون الذي هو ادنى بالذي هو خير، ولكنها انحسرت وضاقت عبائتها الا على جمهورية الصين الشعبية وكوبا ولاوس الديمقراطية وفيتنام الاشتراكية وكوريا الشمالية والنيبال الاتحادية، وذلك لان الزبد يذهب جفاءا واما ماينفع الناس فيمكث في الارض، وتلك سنة الهية حاكمة تجري في الحياة مجرى الليل والنهار٠
خرافة رفض الملكية الشخصية، التي تبنتها الماركسية واعتبرتها معراجا لاصولها الفلسفية والايدلوجية والتي عملت على تطبيقها وفرضها، اضطرت لابداء المرونة ازائها وفسح المجال لها في امتلاك الفلاحين لبعض الاراضي والعمال لمعاملهم الصغيرة والحرفين لادواتهم الانتاجية، بعد ان قتلت باعترافها اكثر من ستة مليون انسان لم يتفاعلوا معها ولم يخمدوا صوت فطرتهم التي تنزع نحو التملك، في حين قال الاخر، ان ضحاياها كانت اضعاف رقمها الرسمي التي اعلنته، ومع ذلك فانها لم ترعوي ولم يرتعش لها جفن وبقيت المزارع الكبيرة والمصانع ووسائل الانتاج الضخمة في قبضتها حتى انهارت في عقرها السوفيتي وتوزعت اشلاؤها وتفكك حلمها وضاقت عليها الارض بما رحبت٠
ادعت، ان اول نظام كان على وجه الارض اشتراكيا محضا وماكان ( للملكية ) فيه من حس ولا نجوى، وعلى هذا استنبطت بانها نتاج للنظام القائم وليست غرسا في اصل الخلقة والفطرة، وهذا استنتاج مفلوج وسفهه واضح، ففي السابق كانت حاجة الانسان اكثر من عمله وانتاجه، ثم بتطور الاليات قليلا صارت حاجته مساوية لعمله، ثم ازدادت تطورا فكثر الانتاج وزاد عن الحاجة، فظهرت التنافسية ( الملكية ) بظهور المظهر لها وهو ( فائض الانتاج ) الذي لم يكن له من الظهور والوجود سابقا حتى يثير شبق الفطرة بالتملك، وحالها اشبه بالشهوة عند الرجل التي تهتز لما يهيجها ويخرجها من رقادها بمؤثر خارجي وهذا لايعني عدمها بالمطلق وكونها معلولة في وجودها لعلة المؤثر٠
ان محاولة قتل الملكية تخريب لمعالم الحضارة وصرف الناس عن الجد في العمل فلا يندفعون اليه الا بالقسر والاكراه، لذا لجأت روسيا الى الطرق الساخنة، ففتحت ابواب السجون وفرضت العقوبات الصارمة على تارك العمل والمتهاون فيه والمتكاسل عنه، والهبت ظهره بالسياط وصبت عليه حمم التنكيل، ولم ينفعها ذلك، لان كل عمل يشذ عن الفطرة مصيره الفشل عاجلا او اجلا٠
ان اي تقدم اقتصادي انما يحدث اذا شعر الفرد بان ربح السلعة التي ينتجها يعود اليه ليتصرف فيه كما يشاء، فحينها يبدع في تحسينها واجادتها ليشد اليها القلوب والانظار وليصيب مزيدا من الاسواق، وعلى هذا السياق، نرى التنافسية بين ارباب المعامل واصحاب المصانع، كما ونوعا، واما اذا كان الربح من نصيب الدولة فالامر يؤدي حتما الى الشلل الانتاجي والخراب الاقتصادي٠
ولنضرب مثالا اوضح على فلج هذه النظرية الخرافية، وهو مانشاهده عند الاطفال الذين لايعرفون ايهما الاسبق النظام او الفطرة، فنراهم يتنافسون على لعبة ويتخاصمون في امتلاكها وكل واحد منهم يستجير بحميمه لينصره بانتزاعها وتملكها، ولو تذاكت علينا الماركسية، بقولها، لو عرضنا معملا او مصنعا او حقلا على الاطفال لما رغبوا فيها وعزفوا عن امتلاكها، والجواب في هذا الاشكال اللعوب، ان الطفل لايعرف ماعرض عليه ولو عرف لتملكه ومال اليه، لان الملكية بنت المعرفه، وشي لايعرفه ويجهله فمن الطبيعي ان لايفكر في تملكه ولايميل اليه٠
وفي استطرادها التاريخي، تقول الماركسية، ان في اخر الدنيا تتنتظرنا الاشتراكية الثانية وهي عودا على بدا للاولى، وتنطلق في مبناها هذا من الخيال المحض والرجم بالغيب، بينما نرى ومن خلال الروايات الصحيحة التي وردت عن، ال العصمة وبيت النبوة والوحي سلام الله عليهم اجمعين، ان الحياة في ايام الله تلك، ليس فيها بيعا ولا شراءا ولا مبادلات تجارية رابحة، ولهذا ورد عن صادق العترة عليه صلوات المصلين قوله المبارك، ربح المؤمن على المؤمن ربا، فشعر التجار الموالين في انفسهم خيفة وخشية وسالوه عن حلية الارباح التي يجنوها في صفقاتهم فقال لهم انما ذلك في ظهور قائمنا، ولاتثريب عليكم اليوم ان تربحتم على اخوتكم، وقد وردت ايضا نصوصا بان الناس ياخذون حاجاتهم وبلا اثمان سوى الاكتفاء بالصلاة على محمد واله، لذلك واستنادا لهذا التراث والنصوص، حرر الامام الاكبر الشيخ محمد الحسين ال كاشف الغطاء قدس سره بقلمه الذي يتدفق فلسفة وعبقرية وبيانا ساحرا كتابا بعنوان الفردوس الاعلى وقد افاض فيه من مختلف ازاهير العلوم العقائدية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية ومما اورد فيه ان الاسلام هو الاشتراكية الصحيحة في رعاية التوازن والتعاون وتبادل المنفعة وتكافؤ الفرص وعمل الخير والاحسان وصنع المعروف لجميع عباد الله على الرغم من اختلافهم في القوى والملكات والافهام والخلق والهيئات ولو كانوا جميعا في رتبة واحده لتعطلت الحياة، والى هذا اشار الامام الجواد عليه السلام بقوله لو تساويتم لهلكتم٠
قال تعالى في كتابه المجيد ( فطرة الله التي فطر الناس عليها )٠
صدق الله العلي العظيم٠