مَن خدع مَن ؟؟؟
مجلة تحليلات العصر الدولية
في حديث للنائب الأول لرئيس مجلس النواب حسن الكعبي تناقلته وسائل الإعلام المحليّة يوم أمس قائلا ( أنّ رفع سعر صرف الدولار وما سبّبه من مأساة للفقراء يعود لحكومة الكاظمي ولا علاقة للبرلمان بذلك ) .. المراقبون السياسيون اعتبروا أنّ تصريح الكعبي وتراجع النائبة عن سائرون ماجدة التميمي عن تصريحاتها السابقة وإلقاءها باللائمة على سياسات البنك المركزي والحكومة , هي بمثابتة إعلان البراءة من حكومة الكاظمي والتخلّي عنه وهو الذي سلّمهم الجمل بما حمل .. تصريح الكعبي هو اعتراف صريح أنّ رفع سعر صرف الدولار قد تسبّب بمأساة للفقراء , أمّا أن يكون مجلس النواب لا علاقة له برفع سعر صرف الدولار , فهذا تصريح مثير للسخرية ونكتة مضحكة , لأن قرار رفع سعر صرف الدولار قد جاء بقانون الموازنة التي صوّت عليه كامل أعضاء كتلة سائرون في مجلس النواب العراقي , ولو كانت كتلة سائرون غير راضية عن هذا القرار لما تجرأ الكاظمي على المضي به وإدراجه ضمن قانون الموازنة .. والقول أنّ كتلة سائرون هي الكتلة الوحيدة التي رفضت قرار رفع سعر صرف الدولار , غير صحيح ويراد منه تزوير الحقائق وخداع الرأي العام .. وكتلتي دولة القانون والفضيلة هما الكتلتان اللتان رفضتا قرار رفع سعر صرف الدولار وانسحب كامل نوابهم من جلسة التصويت ولم يصوّت أحد منهم قط على قانون الموازنة , في الوقت الذي صوّت كامل نواب سائرون على القرار ..
حديث السيد حسن الكعبي عن مأساة رفع سعر صرف الدولار وتحميله حكومة مصطفى الكاظمي مسؤولية هذه المأساة ومحاولة البراءة منها بعد أن أصابت شرائح المجتمع الفقيرة والمعدمة وأصحاب الدخول الثابتة من الموظفين والعمال والمتقاعدين وأصحاب المعونات الاجتماعية .. يقف وراءه سببان رئيسيان , السبب الأول هو محاولة التنّصل من مسؤولية هذه المأساة وما تسبّبت به من ارتفاع كبير في أسعار السلع والخدمات وانخفاض كبير للدخل بالنسبة لشرائح المجتمع الفقيرة والمعدمة ورمي المسؤولية بخانة الحكومة .. والسبب الثاني هو رفض المرشد الأعلى السيد على الخامنئي استقبال الكاظمي عند زيارته إلى طهران الأسبوع الماضي , وهذه رسالة واضحة أنّ طهران ترفض دعم وتأييد الكاظمي لولاية ثانية بعد أن تقاعس عن محاسبة من تلّطخت أياديهم بدماء الشهداء , في إشارة إلى استشهاد القادة قرب المطار .. كتلة سائرون التي اعتادت ركب موجة الإصلاح وخداع الشعب قبيل كلّ انتخابات , تتوّهم أنّ العراقيين ساذجون ويمكن خداعهم بشعارات الإصلاح الزائفة .. متناسين أنّ قرار التراجع عن سعر صرف الدولار لا يمكن أن يتم إلا بتعديل قانون الموازنة العامة من قبل مجلس النواب .. والقول أن البنك المركزي قد خدعنا , هو كلام سخيف ولا ينطلي إلا على البهائم .. فليس هنالك إنسان بسيط لا يعلم أنّ إجراء تخفيض أسعار العملات , هو إجراء تلجأ إليه الدول الصناعية الكبرى من أجل تصحيح الاختلال في ميزانها التجاري .. وهذا الإجراء لجأت إليه الولايات المتحدّة الأمريكية واليابان من أجل تخفيض أسعار سلعها وخدماتها لتصبح منافسة للسلع والخدمات المنافسة , وبالتالي زيادة صادراتها من السلع والخدمات .. وكاتب هذا المقال قد كتب كثيرا وتحدّث في وسائل الإعلام وقبيل رفع سعر صرف الدولار , إنّ إجراء رفع سعر صرف الدولار سيؤدي إلى موجة تضخمية جديدة في أسعار السلع والخدمات , وسيؤدي هذا الإجراء إلى انخفاض دخول الغالبية العظمى من أبناء الشعب العراقي , وإلى إفقار جديد للفقراء من أبناء الشعب ومعدميه .. بعد كلّ هذا من الذي وقف وتصدّى لاستجواب محافظ البنك المركزي في مجلس النواب ؟؟ ألستم أنتم يا جناب النائب الأول ؟؟ ثمّ من هي البنوك الأربعة التي استولت على مبيعات البنك المركزي من الدولار ؟؟ ألستم أنتم من جاء بمحافظ البنك المركزي ؟؟ .. جناب النائب الأول أقولها لك وأمام الشعب العراقي .. ادعو الله تعالى أن لا يسلطّكم على رقاب العراقيين .. إنّه سميع مجيب ..