– أسامة القاضي
ثارات تاريخية وتحولات فارقة وصراع حول النفوذ والقيادة هذه هي حقيقة طبيعة العلاقة بين الامارات والسعودية، فيما يلوح في الافق تمردا في السلوك الإماراتي على الوصاية التقليدية وبحثها عن دور للقيادة يعود الخلاف الامارتي السعودي بتاريخه حتى الى ما قبل نشأة الامارات بعد رحيل الاستعمار البريطاني عام 1970، وما تراه الامارات من ان السعودية حاولت اجهاض هذه الدولة وتفكيك اتحادها بالاضافة الى الصراع القديم بينهما على مناطق حدودية .
لكن الامارات وبعد التطورات الاخيرة في المنطقة تمكنت من الولوج إلى السعودية بلباس التحالف بدلاً عن درع المعركة، على اساس ضرورة الاتحاد من اجل تحقيق الاهداف المشتركة. وهو الامر الذي طرا عليه التغير الان بعد ان تمكنت الامارات خلال هذه الفترة من تحقيق التنمية الاقتصادية بالاضافة الى بناء العلاقات الخارجية واستقوائها بعلاقاتها مع الكيان الصهيوني الناتجة عن التطبيع من أجل تعزيز نفوذها اقليميا ودوليا.
واليوم يبدو ان هناك اصرار على التصعيد بعد بن زايد أصدر أوامره لجميع قادة اللجان الأمنية المشتركة تأجيل كل الاجتماعات مع القيادات السعودية، بالاضافة الى توجيهه باستهداف جميع المواقع الالكترونية السعودية الرسمية، على أن يكون الاستهداف من خارج الإمارات .
وعلى الصعيد الاقتصادي بن زايد يدرس تعطيل جميع المشاريع الاقتصادية الممولة إماراتيا داخل السعودية. لذا فعلى الرغم من حرص كل من الرياض وأبو ظبي على تصدير صورة ان هناك تغليب لمنطق المصالح المشتركة على نقاط الخلاف بينهما فإن المستجدات التي تشهدها المنطقة تسببت في ظهورها بشكل جلي لأول مرة ،وهو ما يؤكده اشتداد وتيرة وحدة التنافس بينهما .
وتعود اسباب الخلاف المتعدة الى اسباب عدة منها الاقتصادية وهو ما يتعلق بقضيتي الخلاف حول إنتاج النفط، وقضية التعديلات الجمركية فبعد انتهاء الاجتماع الأخير لمنظمة أوبك إلى طريق مسدود بعد أن طلبت السعودية وروسيا من المنتجين زيادة الإنتاج في الأشهر المقبلة لتخفيف ارتفاع أسعار النفط وتمديد صفقة الإمدادات الحالية لضمان الاستقرار وهو ما رفضته الامارات واعتبرت انه اتفق غير عادل .
كما أجج حدةَ الخلاف بين الرياض وأبو ظبي القرار الذي أعلنته السلطات السعودية باستبعاد السلع التي تنتجها شركات بعمالة تقل عن 25 في المئة من العمالة المحلية، والمنتجات الصناعية التي تقل نسبة القيمة المضافة فيها عن 40 في المئة بعد عملية التصنيع، من الاتفاق الجمركي لمجلس التعاون ، ومن ثم فكل البضائع المنتجة في المناطق الحرة بالمنطقة لن تعد محلية الصنع .
واخرى سياسية فلا يمكن اغفال حقيقة تاثير الملف اليمني خاصة مع اختلاف الاجندات وانهيار اتفاق الرياض ودعم الامارات لما يسمى المجلس الانتقالي واحتلالها لمناطق يمينة واختلاف الأهداف الاستراتيجية بينهما، ففي حين تسعى السعودية بشكل أساسي إلى الحفاظ على أمنها تركز الإمارات من خلال مشاركتها في التحالف العدوان على تعزيز نفوذها بما يخدم مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية، كما ان للمصالحة مع قطر تاثيرها بالاضافة للتأثير الاكبر للصراع السيادي والسياسي .
وعليه فان مصير العلاقات بين الرياض وابو ظبي يتمحور حول ثلاثة سيناريوهات اما تأزم العلاقة بشكل اكبر وهو امر مستبعد حاليا نظرا لتشابك بين البلدين وضرورة تعاونهما من أجل تحقيق اجندتهما المشتركة. السيناريو الثاني وهو التهدئة وامر مستبعد ايضا نظرا لان الامارات تبحث عن مكانة لها سياسا واقتصاديا ولن تقبل بالتراجع عن تحقيق حلمها بالاضافة الى ان السعودية تسعى لابراز نفسها كدولة كبرى لها دور ريادي كما انه تسعى لتحقيق ما تسميه مشروع الانفتاح لتكن قبله سياحية واقتصادية للعالم .
اما عن السيناريو الاخير وهو بقاء الوضع على ما هو عليه بحيث استمرار العلاقات بين الطرفين وشد والجذب بينهما ويعزز إمكانية تحقق هذا السيناريو تشابك المصالح وتعقدها وارتباطها بأسواق النفط، وهو ما سيدفع أطرافاً دولية للتدخل من أجل منع تفاقم الوضع، وذلك سيدفع كلاً من الرياض وأبو ظبي إلى الالتزام بالأهداف المشتركة، لكن ليس بنفس الثقة المتبادلة سابقاً، وهو ما سيكشفه قادم الايام اي من هذه السيناريوهات سوف يتحقق .
اخيرا كثيرة هي المعطيات التي كانت تؤشّر إلى أن “لحظة فراق” هذين الحليفين لا بد أن تأتي يوماً ما. هي لم تحصل الآن، لكن في حال استمر سياق الخلاف في منحاه الحالي، فإنها بالتأكيد باتت قريبة جدا وعليه فان شهر العسل بين الحلفين محمد بن زايد ومحمد بن سلمان سينتهي قريبا وان النيران التي بقيت مستترة تحت الرماد سيتصاعد لهيبها .