عام ٢٠١٦ افضت لقاءات باسيل ونادر الحريري في باريس الى تفاهم شامل انتج بما عرف بالتسوية الرئاسية ، التي نصت على وصول عون للرئاسة الاولى وعودة الحريري الى السراي ، وتضمنت ايضا اتفاق حول ادارة الحكم بين الفريقين من الادارة الى التعينات والمحاصصة والقضاء والامن وكل ما له صلة بالدولة ومؤسساتها ..
هذه التسوية كانت بحاجة الى غطاء دولي وإقليمي لتبصر النور ، وهذا الغطاء توفر منه الحد الادنى عبر توافق ايراني فرنسي وعدم اعتراض او تأييد سعودي وفي ظل انشغال امريكا بالانتخابات الرئاسية ..
اليوم تبدو حكومة ميقاتي تدور بنفس مشهد ٢٠١٦ لقاءات مكثفة بين صهر ميقاتي وباسيل وتشاور على ادق التفاصيل ، من ثم اتصال مطول بين رئيسي وماكرون وانشغال امريكي بالانسحاب من أفغانستان والعراق ومفاوضات فيينا مع طهران ، وترتيب الوضع في سوريا مع روسيا .
وبعد كل ذلك ولدت الحكومة وكأن عون أعطى ميقاتي ما لم يعطه للحريري وميقاتي فعل الامر نفسه ، ومن ثم تتتظهر اثار ضحايا هذه التسوية وهم تقريبا أنفسهم ضحايا تسوية ٢٠١٦ ،
اَي انهم معارضي وصول عون للرئاسة مضاف اليهم اليوم سعد الحريري الذي تلقى طعنة من عون بإحراجه ومن ثم إخراجه وغدر به ميقاتي بالاتفاق مع باسيل!! وهذا ما عبر عنه بشكل مباشر الرئيس السنيورة ملمحاً الى اعادة تعويم العهد ، وهذا الوصف ترددت أصدائه ببيت الوسط، مرفق بعبارة لقد غدر بنا ميقاتي مرتين بالاتفاق مع عون عام ٢٠١٠ واليوم مع باسيل على حساب الحريري والحريرية السياسية ..
ولا يخفى ايضا امتعاض الرئيس بري من ميقاتي والذي لا يريد اظهاره حاليا لحسابات تتعلق بوضع البلد وإعطاء فرصة للحكومة بانقاذ ما يمكن انقاذه لكن مع ابقاء حالة الحذر الشديد من عين التينة تجاه السراي وباسيل ، خصوصا بعد زيارة الاخير لميقاتي على راس وفد من تكتل لبنان القوي مهنئاً وداعماً
وما صدر عن باسيل بعد هذه الزيارة عبر مقابلة متلفزة شن فيها هجوما ً هو الأعنف على الرئيس بري متهماً إياه بانه متحكم بمفاصل الدولة وانه هو من افشل العهد ..’
حتى الان لا ارتياح عام لدى معظم القوى المكونة للحكومة او للذين خارجها من الاتفاق الغريب الذي حصل بين ميقاتي وباسيل ، ولكل جهة من هذه القوى أسباب كثيرة وواقعية تجعلهم ينظرون بريبة وقلق تجاه هذا الاتفاق او هذه ” التسوية ”
بانتظار ما ستحمله قرارات الحكومة بعد نيل الثقة وهل ان ميقاتي بحنكته المعهودة يمارس سياسة الخداع الاستراتيجي بالتعامل مع باسيل وعون ام انه فعلياً وقع بشرك تسوياتهم ولم يتعظ من الثمن الذي دفعه الحريري. ؟؟!
عباس المعلم / كاتب سياسي