الخنادق
الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني شاهدٌ حي على تخلي الولايات المتحدة عن حلفائها، ويبدو ان التحركات الأخيرة لواشنطن، بعد سحب قواتها من أفغانستان، تُنبأ بتبديل أوراقها في الخليج وإعادة النظر بتحالفاتها السابقة، ما أثار قلقاً سعودياً عن الحليف التالي الذي تتركه واشنطن.
توتر العلاقة الامريكية – السعودية
لم تكن العلاقات بين السعودية والديمقراطيين الأمريكيين جيدة لا سيّما خلال ولاية باراك أوباما، ومع استعادتهم الرئاسة في البيت الأبيض، تستعيد العلاقات بين البلدين الى حالات من التوتر، فالقرار “أحادي الجانب” من واشنطن بسحب قواتها من أفغانستان يُعتبر تهميشاً لدور السعودية التي كانت الى جانب الولايات المتحدة منذ ما بعد حرب فيتنام، فشاركت ضد السوفيات في أفغانستان وضخت الأموال الطائلة وارسلت “المقاتلين”، بالاضافة الى رفع الرئيس الأمريكي جو بايدن السرية عن وثائق أحداث أيلول 2001 والتي تشير الى تورط السعودية فيها، 15 سعودياً من أصل 19 متهماً، ما يلزم السعودية ان تدفع تعويضات مالية بمبالغ ضخمة جداً، فهل تدير الولايات المتحدة حملة إفلاس للسعودية بعد أن كانت قد أغرقتها بصفقات شراء الأسلحة والصواريخ الأمريكية وصفقات الاستثمار داخل الولايات المتحدة خلال ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب؟ بالإضافة الى كشف بايدن فور تسلّمه الرئاسة عن الوثائق التي تؤكد التورط المباشر لولي العهد السعودي محمد بن سلمان بمقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي عام 2018 في قنصلية بلاده في إسطنبول في تركيا، ما يعرّض بن سلمان لمحاكمات في واشنطن.
كما ان موجة من الغضب الرسمي ومن الانتقادات في الرياض، بسبب تأجيل وزير الدّفاع الأمريكي لويد أوستن اللقاء مع بن سلمان خلال جولته الخليجية لأسباب “بروتوكولية”، بحسب ادعاءاته، ولكن السعودية تصر على تكذيب هذه الادعاءات، فهي كانت تُعتبر الدولة الأولى التي يجب ان تزورها واشنطن في الخليج، وبالتزامن مع ضغط الولايات المتحدة على منظمة “أوبك” لزيادة الإنتاج، تقرر إدارة بايدن سحب منظومة الدفاع الصاروخي وبطاريات صواريخ “الباتريوت” من الرياض على الرغم من المناشدات المتكررة من مسؤولين سعوديين بالإبقاء عليها، حيث أن صواريخ أنصار الله البالستية تصيب عمق منشآتها النفطية (أرامكو) رداً على الحرب المستمرة على اليمن منذ أكثر من سبع سنوات، وكانت واشنطن المحرّض الأكبر للسعودية على شن هذه الحرب.
قطر الحليف الأمريكي الجديد
تتجه الأنظار الامريكية الى قطر، ففي الفترة الأخيرة جعلت واشنطن منها مقرها الدبلوماسي والسياسي والعسكري الجديد في الخليج، فعقب انحساب القوات الامريكية من أفغانستان شكلّت قطر القاعدة الرئيسية لعملية الإجلاء، وكانت الدوحة على رأس الوساطات بين طالبان وواشنطن، كما كانت راعية للوساطات بين حماس وكيان الاحتلال لـ “تهدئة الوضع” في غزّة ولمناقشة الظروف الإنسانية وصرف المساعدة للعائلات في القطاع. وكذلك تركزت الزيارات بين واشنطن وقطر، فقد زار وزير الخارجية الأمريكي الدوحة حيث استضافت الدبلوماسيين الأمريكيين المكلفين بملف أفغانستان لمناقشة آخر المستجدات على الساحة الأفغانية، وسبقتها زيارة من وزير الخارجية القطري خالد بن محمد العطية لواشنطن التقى فيها وكيل وزير الدفاع الأمريكي للاستخبارات والأمن رونالد مولتري لتعزيز على العلاقات العسكرية بين البلدين، ولمناقشة التطورات في المنطقة بعد أقل من عشرة أيام على سيطرة طالبان على أفغانستان.