حكومة ميقاتي بين الدعم الخارجي والتحفظ السعودي
فاطمة شكر- الديار
بدأت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بعجالة تحركها، بالتزامن مع الدعم الخارجي الدولي المتمثل بإيران وفرنسا ومصر ومرونةٍ أميركية بدت واضحة في الساعات الأخيرة بإستثناء السعودية التي حتى هذه الساعة تُصرُ على عدم مساعدة لبنان، لا بل تصوّب السهام عليه بسبب وجود حزب الله في الحكومة واعتبارها حكومة طهران وفرنسا، نظراً للتعاون بين الدولتين والإتصال الذي حصل بين الرئيسين ماكرون ورئيسي، مما جعل السعودية تقفُ جانباً تراقبُ كل ما يجري في لبنان مع الإصرار على عدم دعمه لا سياسياً ولا مالياً.
وفي معلوماتٍ خاصة، فإن السعودية اتخذت قرارها بالضغط على الدول العربية الخليجية من أجل عدم تقديم هبات وأموال لمساعدة اللبنانيين، وإبقاء الأمور على ما هي عليه ، وتضيفُ المعلومات أن السعودية تصفُ الدعم للحكومة اللبنانية الجديدة من قبل إدارة بايدن بالغير منطقية لان إدارة بايدن تعاني من التخبط الداخلي، وهي تُريدُ لملمة الوضع السياسي والإجتماعي في لبنان وبديبلوماسية مطلقة، ناهيك عن أن فرنسا قدمت التنازلات من أجل تشكيل الحكومة في لبنان وإنجاح مبادرتها وتعاونت مع إيران كي تحقق مصالحها وتعيد تموضعها ومكانتها في المنطقة، وتضيفُ المعلومات أن مشكلة السعودية تكمن في اعادة لبنان الى الحضن العربي وإبعاده عن إيران، لذا فإنها ستتريث في مواقفها حياله، وربما ستبتعد عنه تماماً خصوصاً أنه لم يعد من أولوياتها منذ فترةٍ طويلة.
على خطٍ آخر يؤكدُ مصدرٌ سياسيٌ أن الرئيس سعد الحريري لم يخسر دوره السياسي عندما لم يشكل حكومته، والدليل على ذلك مشاركته في حكومة نجيب ميقاتي، إضافةً الى التحضير للإنتخابات النيابية في الربيع المقبل ، وتابع المصدر أن الحكومة مثلّت كل الأفرقاء والقوى السياسية عدا «القوات اللبنانية» و»الكتائب»، ما يعني أن الكل يعوّل على تعاون هذه القوى من أجل وقف الإنهيار المتسارع وإدارة الأزمة، وهي مسؤولة عن وضع الحلول ومواجهة التحديات الكبيرة.
وفي المعلومات، فإن الأولوية في البيان الوزاري التركيز على الحد من الإنهيار ومعالجة أزمة الكهرباء الذي يحملُ ميقاتي حلاً لها، إضافة الى معالجة ملف المحروقات الذي جرَّ البلد للكثير من المشاكل الإجتماعية والأمنية، ومما يساعد على حل هذا الملف الشائك والضروري القرار الذي اتخذه حزب الله بكسر الحصار الأميركي والاحتكار الذي مارسه التجار من خلال الحصول على المحروقات من إيران ضمن آليةٍ محددة وأسعار مدروسة، وهذا ما دفع أميركا الى قبول استجرار الغاز من الأردن عبر سوريا لتأمين الكهرباء للبنان، أما فيما يخص البند المتعلق بالمقاومة في البيان الوزاري فلا مشكلة فيه.
وحتى وضوح الصورة في الأيام المقبلة تتجه المنطقة الى انحسار النفوذ الأميركي ودخول روسيا والصين على خط المنطقة، مما سيتيحُ الفرصة أمام لبنان لإستعادة وجوده، وسيكون أمام مرحلةٍ جديدةٍ من التقدم خلال مرحلة التسويات المقبلة، وهذا ما يضعُه أمام حضور جديد بسبب تعدد الدول والقوى التي ستديرُ المنطقة والتي لن تنحصرَ بعد اليوم بأميركا.
بهذا تكون حكومة لبنان قد ولدت مع التقاطع الفرنسي – الأميركي – الإيراني والإبتعاد السعودي، فهل سيستطيعُ ميقاتي العمل سريعاً على تدوير الزوايا وإصلاح القضايا الملحة والحد من الإنهيار؟ أم أن اهتراء البنية السياسية وعجز السلطة سيكبرُ يوماً بعد يوم؟
كيف ستتعامل أميركا مع السعودية التي تصرُ على عدم تقديم المساعدات المالية للبنان ؟
وكيف ستلعب السعودية دورها في المنطقة بعد التسويات التي ستشهدها؟
يبقى الرهان على التبدلات و مستجدات المنطقة والتسويات وكيفية استثمار كل ما يجري من تحولات حتمية.