علي ضاحي- الديار
طريق الحكومة سالكة دولياً وسط «فتور» خليجي و«صمت» سعودي
المظلة الدولية التي «تظلل» لبنان وتمنع تدهور الاوضاع فيه، الى درجة الانهيار الامني والمؤسساتي الكامل، هي نفسها من أمنت الغطاء اللازم لتشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الثالثة، وعهد الرئيس ميشال عون الرابعة.
وهذا الغطاء الذي ترجم بترحيب اميركي وفرنسي و مصري واممي ومن الجامعة العربية بتشكيل الحكومة، وانعكس «إفراجاً» عن الدفعة الاولى من قروض البنك الدولي والبالغة مليارا و135 مليون دولار، قوبل بـ»فتور» خليجي وصمت سعودي مطبق اقرب الى السلبية الضمنية منه الى الحياد او اللاموقف.
وفي حين لم تصدر مواقف قطرية وكويتية واضحة وصريحة بالترحيب بالحكومة في انتظار بلورة الموقف السعودي، تؤكد اوساط حكومية ان الخطوط مفتوحة مع الكويت، ولا سيما في مجال الكهرباء وتقديم بعض مساعدات او قروض ميسرة من صندوق التنمية الكويتي في مجال الكهرباء والمستشفيات والنقل، بينما الامور جيدة مع قطر، اذ قدمت الدوحة ومنذ تفجير المرفأ في آب 2020 وحتى اليوم اطنانا من المساعدات الطبية والغذائية واخرها شحنة غذائية مطلع ايلول للجيش اللبناني.
وتنفي الاوساط علمها بتجدد الحديث عن هبة الـ5 مليارات من الدوحة الى لبنان، عبر رئيس الجمهورية والحكومة، وهو العرض الذي كان سُرّب في بداية ولادة حكومة حسان دياب في شباط 2020.
في المقابل، تكشف اوساط سنية بيروتية ومقربة من السعودية ، ان السفير السعودي وليد البخاري عاد منذ اسبوعين الى بيروت، لكنه بقي «خارج السمع» باستثناء لقائه بعض الاصدقاء وشخصيات فكرية، ولم يتطرق البحث بين البخاري وضيوفه الى الملف الحكومي، ولا الى موقف السعودية من حكومة ميقاتي ولم يحمل البخاري، وفق الاوساط نفسها، اي توجه سعودي جديد تجاه لبنان.
وتتقاطع هذه الاوساط مع معلومات مصدرها سفارات عربية وخليجية في بيروت، اذ يكشف ديبلوماسي خليجي ان موقف السعودية سلبي من حكومة ميقاتي، وهي تعتبره امتداداً للرئيس سعد الحريري، وتعتبر ان الحكومة الحالية نسخة «غير منقحة» عن حكومته في العام 2011 وحكومة الرئيس حسان دياب،ويشير الى ان الرياض ترى في الحكومة الحالية «إنقاذاً» لما تبقى من عهد الرئيس ميشال عون و»تُريح» حزب الله والذي يرمي لبنان بالكامل في «حضن» ايران، وما خطوة البواخر الاخيرة والانفتاح على سوريا، الا مؤشرات لنزوع عون ولبنان وحزب الله الى الاكمال في خط التحالف مع ايران وحزب الله على حساب العلاقات العربية والخليجية والسعودية تحديداً.
ويؤكد الديبلوماسي ان عدم التعبير السعودي عن هذا الموقف السلبي له حسابات داخلية لبنانية اولاً وسعودية ثانياً بسبب ربط لبنان بالتفاوض مع ايران حول اليمن،وفي ملف الداخل اللبناني والحساسية السنية، السعودية لم تحدد بعد من هو الخيار السني البديل عن الرئيس سعد الحريري، وان «السني الاول» عندها هو حالياً رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، وهذا ما يستفز السُنّة في لبنان خصوصاً حلفاء السعودية، الذين يشعرون بخيبة امل من جراء تخلي الرياض عنهم. وحتى المساعدات الانسانية والمعيشية والغذائية والمالية والتعليمية باتت شبه مقطوعة او شحيحة بالكامل، باستثناء بعض المؤسسات الاعلامية والشخصيات وعدد محدود من الجمعيات والمدارس. كما يشعر السُنّة في الشمال بخيبة كبيرة، جراء تخلي السعودية عن عائلات ضحايا وجرحى انفجار التليل، ولولا تدخل تركيا وقطر والاردن لاجلاء بعض الجرحى واغاثتهم وعلاجهم في البلدان الثلاثة لكان اهل عكار وسنة عكار شعروا «باليتم السني».
ويشير الديبلوماسي الخليجي، ان مشهد تقديم حزب الله لاموال ليست بقليلة لعائلات الضحايا والجرحى وبطلب منهم ومن فاعليات عكارية ورجال دين، لم «يُهضم» خليجياً وسنياً. ويحمل هؤلاء المسؤولية للسعودية و»تيار المستقبل» للتخلي عن جمهورهما في هذه المنطقة المحرومة، ويقدمان «نصراً سياسياً مجانياً» لحزب الله، واثبتا ان للحزب ايضا ًحضورا سنيا وحاضنة شعبية في اقصى عكار!
ويكشف الديبلوماسي ان الرياض تُعول على الجولة الرابعة من المحادثات مع طهران في بغداد، وتشكو السعودية من التصلب الايراني في ملف اليمن، وان طهران تلعب دور «الطرف» ليس الوسيط بين الرياض والحوثيين،حيث تريد السعودية من ايران الضغط على الحوثيين، وتوقيع اتفاق يضمن لها الخروج من اليمن بأقل خسائر ممكنة بعد فشل ذريع في تحقيق مكاسب خلال اعوام من الحرب، اذ لا تزال السعودية تحت مرمى صواريخ ومُسيّرات الحوثيين!
ويلمح الديبلوماسي الى ان الرياض، تريد من طهران مكاسب يمنية، مقابل دعم مالي والعودة السعودية الحقيقية الى لبنان سياسياً ومالياً واقتصادياً. فأي انفراجة مالية مرتبطة بضخ مالي وخصوصاً ان واشنطن وباريس لن يدفعا فلساً واحداً ولو أيدا الحكومة ووعدا بالمساعدات.