أكرم حمدان-نداء الوطن
أما وقد ولدت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الثالثة بعد تسجيل رقم قياسي جديد من الفراغ والتعثر بلا حكومة دام 13 شهراً، بعدما تقاطعت التفاهمات الإقليمية والدولية مع الداخلية، فقد بات من الواقعي والموضوعي التذكير ببعض الوقائع والآليات الدستورية والقانونية لمسار العمل بعدما أخذت الصورة التذكارية وتشكلت لجنة صياغة البيان الوزاري، وتم الأخذ بنصيحة وشعار رئيس مجلس النواب نبيه بري”حي على العمل”، وبتمنيات كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس ميقاتي بالإكثار من العمل والتخفيف من الكلام.
فلبنان الذي يتمتع بتركيبة هشة ويقوم نظامه على أساس تقاسم الحصص والمناصب بين الطوائف والأحزاب، ستبقى عملية تشكيل الحكومة فيه مهمة صعبة طالما لم يبلغ قادته الرشد السياسي بعد، فقد استمر الرئيس سعد الحريري خمسة أشهر في العام 2009 لتأليف حكومته وأكثر من ثمانية أشهر عام 2019، بينما لم تتجاوز مهلة الشهرين عملية تشكيل الحكومة عام 2016 لأنها جاءت نتيجة التسوية السياسية، التي أدت إلى انتخاب عون رئيساً للجمهورية بعد عامين ونصف من الفراغ، فيما إستغرق الرئيس تمام سلام عشرة أشهر لتشكيل حكومته بين العامين 2013 و2014، وأخذ الرئيس حسان دياب نحو ثلاثة أشهر لتشكيل حكومته بعد إستقالة حكومة الحريري الثانية في عهد عون بعد إنتفاضة 17 تشرين أول 2019، رغم أنها كانت حكومة اللون الواحد أو الفريق السياسي الواحد.
وبمعزل عما أدى إلى حلحلة العُقد بعد أكثر من سنة بالرغم من الوضع الإقتصادي المتردي الذي صنفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850، وبعيداً عما نشرته الدولية للمعلومات حول أن ما نسبته 40% من عهد الرئيس عون حتى تاريخ ولادة حكومة الرئيس ميقاتي الثالثة (أي الحالية)، كان تصريفاً للأعمال وتضمن 696 يوماً من الفراغ الحكومي رغم تشكيل 4 حكومات وحالتي إعتذار، فإن الأنظار تتجه نحو الساعات والأيام المقبلة ومضمون البيان الوزاري للحكومة الجديدة.
فما هي الخطوات المطلوبة دستورياً وقانونياً وماذا يعني البيان الوزاري؟
يعتبر البيان الوزاري للحكومة مثابة خطّة العمل لأي حكومة جديدة يتم تقديمها إلى المجلس النيابي لنيل الثقة على أساسه. وتقول الفقرة الثانية من المادة 64 (دستور)… وعلى الحكومة أن تتقدم من مجلس النواب ببیانها الوزاري لنیل الثقة في مهلة ثلاثین یوماً من تاریخ صدور مرسوم تشكیلها. ولا تمارس الحكومة صلاحیاتها قبل نیلها الثقة ولا بعد إستقالتها أو إعتبارها مستقیلة إلا بالمعنى الضیق لتصریف الأعمال”.
وعليه، فإن أمام الحكومة الحالية مهلة حتى العاشر من شهر تشرين الأول المقبل لتتقدم ببيانها الوزاري من مجلس النواب طلباً للثقة، ولكن كل المؤشرات والمعطيات الرئاسية والوزارية تشير إلى أن البيان سيكون جاهزاً خلال مهلة قد لا تتجاوز العشرة أيام إلى أسبوعين على أبعد تقدير.
وتُحدد المادة 73 من النظام الداخلي لمجلس النواب المهلة لمناقشة البيان الوزاري فتنص على الآتي: “تجري مناقشة البيان الوزاري في جلسة تعقد بعد 48 ساعة على الأقل من جلسة التلاوة ما لم يكن قد وزع البيان الوزاري على النواب قبل هذه الجلسة بمدة مماثلة”.
وهذا يعني أن مجلس النواب ينتظر إقرار البيان الوزاري من قبل الحكومة مجتمعة بعد إعداده من اللجنة الوزارية المختصة، لكي يتم تحديد موعد جلسة الثقة خلال مهلة لا تتعدى ثلاثة ايام من تاريخ وصول البيان إلى مجلس النواب وتوزيعه عليهم.
ويجري التصويت على الثقة بعد المناقشات والمداخلات النيابية التي تجري عادة في جلسة علنية تنقل وقائعها عبر وسائل الإعلام مباشرة، وفقاً للتالي: ثقة، لا ثقة، ممتنع.
ولا تحتسب أصوات المتغيبين عن الجلسة أثناء التصويت الذي يحصل بالمناداة بأسماء النواب الحضور داخل القاعة، حيث يتطلب نيل الثقة الأكثرية النسبية وهي مؤمنة طبعاً وفقاً لتركيبة الحكومة وتوزع الكتل النيابية والظروف التي تمر بها البلاد.
وقد باتت العناوين والمحاور التي سيتضمنها البيان الوزاري شبه واضحة تقريباً بعدما تدرجت أزمات اللبنانيين من العناوين الكبيرة إلى أبسط مقومات الحياة، ولا سيما منها الدواء والمحروقات والكهرباء التي كانت ولا تزال تتربع على متن كل البيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة منذ بداية التسعينات حتى تاريخه.
فقد كانت تتميز غالبية البيانات الوزارية بعبارة “وسوف تعمل حكومتنا” في مدخل كل فقرة من فقراتها، إلا أن واقع الحال والعمر الإفتراضي لهذه الحكومة التي يُفترض أن تُشرف على إجراء الإنتخابات النيابية في شهر أيار من العام 2022 ربما يُحتم إعتماد لغة ومعايير مختلفة.
لننتظر ونرَ إن غداً لناظره قريب.