خمسة أيام من الاستنفار الأمني لكيان الاحتلال في الداخل الفلسطيني المحتّل وفي مناطق الضفة الغربية، لا سيّما جنين مسقط رأس الاسرى الـ 6 الذين استنزفوا كل إمكانات الاحتلال ووحدات النُخب في الهندسة والتفتيش والاستخبارات وأربكوها، وحوالي 260 حاجزاً وزّعهم بين المناطق، وتعرّض فيها أيضاً جنوده للطعن وإطلاق النار ورشقات الحجارة من الفلسطينيين الذين نزلوا الشوارع دعماً ومساندة للأسرى.
اذاً لا يمكن أن يكون خبر إعادة اعتقال 4 أسرى حدثاً “ضخماً” يبني عليه الاحتلال آمالاً كانت قد هدمتها عملية “نفق الحرية” بكل ما حملته من دلالات، أو يسجل فيها نقاط تقدّم على الشعب والمقاومة الفلسطينية.
البيئة الحاضنة للاسرى
عندما سارع الاحتلال في نشر سرديّاته التي يخفي وراءها غاية الفتنة أو محاولة زرع فكرة في أذهان الفلسطينيين ان من سيقاوم لن يجد بيئة تأويه، كان في المقلب الأخر، بيوت ومنازل في الداخل المحتّل احتضنت الأسيرين محمود العارضة ويعقوب قادري وأطعمتهم وألبستهم وساعدتهم وقدّمت لهم كل حاجاتهم، وهذا ما كان واضحاً في الصور لحظة إعادة الاعتقال (ثياب نظيفة وجديدة، وقصة الشعر…)، لكنّ الضرورات الأمنية كانت تقضي بتنقّل العارضة والقادري، كما الأسرى الاخرين، من منزل الى منزل ومن شارع الى آخر، ومن هنا، لم ينجح الاحتلال بدس الفتن والتفرقة بين فلسطينيي الداخل والفلسطينيين في المناطق الأخرى من الضفة المحتلّة وغزّة بعد ان أثبتوا وحدةً واجتماعاً على خيار المقاومة خاصة بعد معركة “سيف القدس”، بالإضافة الى ان المظاهرات والمسيرات الشعبية الداعمة للأسرى تستمر في كل المناطق وفصائل المقاومة مجمعة على ان أي مساس بحياتهم سيؤدي نحو التصعيد العسكري.
ضرورةالوعي في الفضاء العام
وكذلك فان للاحتلال وإعلامه أهداف خفيّة وراء نشر أي رواية من رواياته، ويستغل اللقطات والنص والإخراج في المادة الاعلامية بما يخدم مصلحته، فنشر مقاطع الفيديو للحظات إعادة اعتقال الاسرى المحرّرين ليظهرهم بمشهد الانكسار والخيبة، بينما كانت ابتسامة الاسرى هي الرواية الصحيحة التي تناقلها ونشرها الفلسطينيون الى العالم. كما ان في مثل هذه الاحداث عندما تكون الصورة ضبابية حول حقيقة ما جرى، فان الاحتلال يعمل على نشر الشائعات عبر ذبابه الالكتروني في محاولة لخلق حالة توتر لدى الفلسطينيين تساعده في مراقبة شبكات وخطوط الاتصالات التي تجرى في هذه الأوقات، فيجمع منها بعض المعلومات والمعطيات، ويستخدم الاحتلال هذا الأسلوب ايضاً عندما ينفذّ غارات جويّة ويدّعي أنه استهدف شخصيات سياسية أو عسكرية أو أمنية لفصائل المقاومة.
وكان أحد ضباط الاحتلال في احدى جلسات التحقيق مع قائد العملية محمود العارضة، قد قال له: “أتحداك أن تخرج من السجن، ستعيش وتموت فيه”، فَردّ العارضة ” سأخرج رغماً عنك”، ويذكر ان لديه عدّة محاولات فرار من السجون ومسيرته النضالية لن تنتهي بإعادة اعتقاله والثلاثة الاخرين، قد يكون بحوزتهم الكثير من المخططات وللاحتلال المزيد من المفاجآت.