وتلمّح القصة إلى أنّ من المحتمل أن يفضّل بايدن الانفتاح على سوريا الآن بدلاً من إيران. وتضيف القصّة أنّه على الرغم من أنّ سوريا وإيران حليفتان إلا أنّ بعض حلفاء واشنطن الإقليميين يحاولون إقناع بايدن بأنّ نفوذ إيران يمكن أن يتضاءل إذا عاد الأسد إلى الحضن العربي، وهو ما قد يشكّل قلقاً لحزب الله.
حسناً، هل هذه الأفكار جديدة أم سمعناها من قبل؟ بالطبع ليست جديدة، وسمعناها منذ وصول الأسد للحكم. وهناك مَن راهن ويراهن على إمكان تحرير الأسد من قبضة إيران. وكلّ مَن حاول فشل.
نقول فشل الجميع ليس لأنّ قبضة إيران قوية، وإنّما بسبب رغبة الأسد نفسه بالحفاظ على النفوذ الإيراني في سوريا. الأسد غير والده الذي كان يستخدم إيران ورقةً، فيما الأسد الابن ما هو إلا ورقة من أوراق طهران.
فكرة تحرير الأسد قديمة، وثبت فشلها، ولا يمكن استعادته من إيران، وكلّ ما يريده الأسد الآن، ومن خلفه الروس، هو المتاجرة بقصة تحريره من أجل ضمان إعادة إعمار سوريا التي دمّرها الأسد نفسه.
ولا أستبعد أن تكون عناصر نظام الأسد هي مَن تروِّج لفكرة تحريره من قبضة إيران على أمل التخلّص من العقوبات المفروضة على النظام، أميركياً ودولياً.
وبالطبع يفعل الأسد ذلك وعينه على أحداث منحته الأمل بالخروج من أزمته، وبفتح نافذة عبر إدارة بايدن. وأوّل الأحداث هو رفع الخارجية الأميركية الحوثيين من قوائم الإرهاب، والانسحاب الأميركي من أفغانستان، وعودة طالبان للحكم بعد كلّ ما اقترفته.
والأمر الآخر أنّ الأسد يرى الولايات المتحدة تفاوض إيران التي عيّنت وزير داخلية مطلوباً للإنتربول، وقبلت بطالبان التي عيّنت وزير داخلية على قائمة المطلوبين لمكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي “إف. بي. أي”.
وعليه، مَن يضمن أن لا يحلم الأسد بالعودة إلى امتلاك القرار اللبناني، كما عادت طالبان. ومَن يضمن أن لا يطالب الأسد بتعيين فيصل المقداد في منصب أممي.. لمَ لا؟ وإدارة بايدن تمثّل فرصة لكلّ من يريد إعادة التموضع، وتلميع صورته من بعد العبث والإرهاب.
خلاصة القول أنّه لا يمكن تحرير الأسد من إيران إلا بتغيير من داخل طهران، أو رحيل الأسد نفسه. وكلّ شيء ما عدا ذلك ما هو إلا خداع، ولو قالها الأسد. وعلينا أن نتذكّر دائماً أنّ الأسد يعتقد أنّ الكذب جزء من السياسة، ويتصرّف دائماً على هذا الأساس.
* إعلاميّ وكاتب سعوديّ ورئيس تحرير سابق لصحيفة “الشرق الأوسط“