كتب المحرر السياسي-البناء
ولدت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الثالثة وحكومة عهد الرئيس ميشال عون الرابعة، وربح لبنان فرصة الخروج من نفق الانهيار، بعد حرب ضروس استثمر خلالها الفساد والاحتكار مليارات الودائع المحجوزة في التهريب والسوق السوداء والتحويل اللاشرعي للأموال تحت ستار الدعم الفوضوي المبرمج لتبديد الأموال وإشهار الإفلاس، فالإفلاس كان مطلب صاحب الحرب التي خاضها على ثلاثة جبهات، اقتصادية مالية لتسريع السقوط إلى القاع وتعميم الفوضى والجوع، وسياسية لمنع ولادة حكومة جامعة ودفع المقاومة لتحمل مسؤولية الانهيار، وبالتوازي حرب إعلامية منظمة عبر الإمساك مالياً بأضخم مؤسسات الإعلام تحت عناوين الثورة ومكافحة الفساد، وتنشيط منظمات بديلة للإمساك بالشارع تحت عنوان تحميل المقاومة وسلاحها مسؤولية الأزمة وتفاقمها، وتحويل كل المساعدات الخارجية من فساد مؤسسات الدولة إلى فساد منظمات المجتمع المدني، بأمل قطاف النتائج في الانتخابات النيابية.
الحصار المالي بوقف كل التدفقات بالعملة الصعبة عن لبنان، من تحويلات الاغتراب التي لاحقتها العقوبات بتهمة تمويل حزب الله وشبهات التبييض والمخدرات المفتعلة، إلى السياحة التي كان الخليج موردها الأول قبل المنع السياسي، وصولاً لقطع شريان التجارة والترانزيت عبر العقوبات على سورية، واستنزاف ما تبقى من مقدرات عبر تعطيل كل حل لعودة النازحين السوريين على رغم جاهزية الدولة السورية لتسهيل العودة، والحصار السياسي الذي بدأ باستقالة الرئيس سعد الحريري قبل سنتين تلاه حرم التعامل الداخلي والخارجي مع حكومة الرئيس حسان دياب وصولاً لإسقاطها بالضربة القاضية، وبعدها تعطيل فرص ولادة الحكومة مع تكليف كل من السفير مصطفى أديب وإعادة تكليف الرئيس سعد الحريري وصولاً لتكليف الرئيس نجيب ميقاتي، الذي كاد يصطدم بذات عقبات التأليف، لولا أن حدث ما لم يكن في الحسبان وتغير المشهد رأساً على عقب.
التقطت المقاومة لحظة الانسحاب الأميركي من أفغانستان، والانهزام الإسرائيلي أمام المقاومة الفلسطينية في معركة سيف القدس، وقررت تحويل تحدي الانهيار إلى فرصة، ووضعت خطة فك الحصار من خلال تحويل سلاحها إلى مصدر قوة تحمي الحل الذي يخفف المعاناة عن اللبنانيين الذين وحدتهم طوابير الذل وأوجاع الأزمات التي التهمت مداخيلهم، وأضاعت ودائعهم، وكان إعلان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن انطلاق سفينة أولى تحمل المازوت من إيران وفقاً لمعادلة تحذيرية واضحة، السفينة قطعة أرض لبنانية، واضعاً الأميركيين والإسرائيليين بين خياري الانكفاء وترك المقاومة تفتح مساراً يكسر الحصار، ويفتح مساراً لمواجهة التحديات الاقتصادية، والسلاح الذي أراد الأميركي تظهيره سبباً لأزمات يتحول إلى قوة تحمي الحلول، أو دخول مواجهة يعرف الجميع أن نتائجها ستكون في غير صالح الأميركي والإسرائيلي في ظروف أقل ما يقال فيها إنها غير مناسبة، فيكون خيار واشنطن الثالث، البدء بالتحول من بوابة التراجع الأميركي إلى ما قبل ساعة بدء الحرب على لبنان أملاً بإسقاط مقاومته، فاتحاً ثغرة في العقوبات على سورية لتسهيل استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن، ويندفع لتسريع تشكيل حكومة ينادي بها حزب الله ويسعى إليها عساها تكون بديلاً يوقف تداعي فرض معادلات الردع في البحار والعودة للاكتفاء بها في اليابسة.
لم يكن التبدل في النبرة الفرنسية دليلاً كافياً على الموقف الأميركي الجديد، فتحركت الدبلوماسية الأميركية مباشرة من واشنطن عبر مساعدة وزير الخارجية تتابع يومياً مسار التأليف، وأعطي الضوء الأخضر لفرنسا بعدما حجب عنها سنة كاملة، فاتصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي داعياً للتعاون في تسريع تشكيل الحكومة، فكانت الحكومة التي وصفها رئيسها بحكومة العزم والأمل، وقال عنها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إنها أفضل الممكن، وعقب رئيس مجلس النواب نبيه بري على ولادتها بالقول حيا على خير العمل.
عن توازنات الحكومة تقول المصادر المتابعة لمسار تأليفها إنها طمأنت رئيس الجمهورية لمخاوفه من الفراغ الدستوري وتحول صلاحيات رئيس الجمهورية إلى الحكومة، ما كان يشكل سبب قلقه من عدم امتلاك الثلث المعطل، بضمان إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، وبتثبيت حقه باستقطاب الوزراء المسيحيين إلى معسكره إذا وقع الفراغ الدستوري، لضمان التوازن الوطني بين الطوائف في حكومة ترث صلاحيات رئيس الجمهورية الذي يمثل المسيحيين في الدولة، بينما ضمنت للرئيس ميقاتي غياب الثلث المعطل حتى نهاية ولاية مجلس النواب، أي نهاية العمر الدستوري للحكومة، بالتالي اصطفاف الوزيرين المسيحيين المتفق على عدم تبعيتهما لأي معسكر سياسي خارج حصة رئيس الجمهورية حتى موعد الانتخابات النيابية، ليكون تزخيم هذه التسوية المرضية للفريقين بمنح التيار الوطني الحر الثقة للحكومة.
المصادر التي تؤكد أن الحكومة كانت جاهزة للإعلان منذ الاثنين، وأن كل التعديلات التي لحقتها منذ الاثنين كان يمكن أن تحدث بساعات إذا التقى الرئيسان، لكن التوقيت الفرنسي للإعلان كان على صلة بالتواصل الفرنسي- الإيراني المستجد، والرغبة الفرنسية بتظهير ولادة الحكومة كثمرة لهذا التواصل في سياق تحضير باريس للعب دور في مفاوضات فيينا الخاصة بالملف النووي الإيراني، والمتوقع عودتها الأسبوع المقبل في ضوء الاتصالات التي حملتها الساعات الأربع والعشرين الماضية، بعدما نجحت المداخلة الروسية بالتوصل إلى معادلة العودة غير المشروطة لما كان عليه الوضع عشية الانسحاب الأميركي من الاتفاق قبل ثلاثة أعوام، سواء لجهة العقوبات الأميركية أو الالتزامات الإيرانية.
وبعد سنة وشهر على الفراغ الحكومي والصراع الداخلي والضغوط الخارجية والحصار الأميركي السياسي – الحكومي – الاقتصادي على لبنان، وعلى وقع الانهيارات المالية والاقتصادية المتتالية واقتراب لحظة الانفجار الكبير مع رفع الدعم الكامل عن المحروقات الأسبوع المقبل، أبصرت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي النور مؤلفة من 24 وزيراً من الاختصاصيين بتمثيل سياسي واسع شمل مختلف الكتل النيابية والقوى السياسية باستثناء حزبي القوات والكتائب اللبنانية.
وبعدما نجحت الاتصالات بتذليل آخر العقد المتمثلة ببعض الحقائب توجه الرئيس ميقاتي بعد ظهر أمس إلى بعبدا حاملاً التركيبة الوزارية وملوّحاً بها للإعلام وعقد اللقاء الرابع عشر مع رئيس الجمهورية، ثم حضر إلى القصر رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي قال بعد خروجه من الاجتماع الرئاسي الثلاثي: «من هون ورايح عليكن خير».
ثم تلا الأمين العام لمجلس الوزراء محمود مكية مراسيم قبول استقالة حكومة حسان دياب وتعيين ميقاتي رئيساً لمجلس الوزراء وتأليف الحكومة الجديدة، معدداً أعضاءها وحقائبهم، ومعلناً عن أن الجلسة الأولى للحكومة ستكون الاثنين المقبل في بعبدا، عند الحادية عشرة من قبل الظهر، بعد التقاط الصورة التذكارية.
وبحسب مصادر «البناء» فإنّ مجلس الوزراء في جلسته الاثنين سيشكل لجنة لصياغة البيان الوزاري على أن يقر البيان في مجلس الوزراء في الجلسات المقبلة لكي تنال الحكومة الثقة على أساسه في المجلس النيابي، كما أكدت المعلومات أن تكتل لبنان القوي سيمنح الحكومة العتيدة الثقة وذلك في إطار تفاهم مبدأي بين ميقاتي والنائب جبران باسيل على إدارة المرحلة المقبلة والتعاون لمعالجة الأزمات. وأشارت مصادر مطلعة على الوضع السياسي لـ»البناء» إلى أن «الحكومة لديها مهمات محددة تتمحور حول الحد من الانهيار وضبط الفلتان ومعالجة الأزمات الحياتية وتمرير المرحلة المؤقتة بأقل الخسائر الممكنة حتى موعد الانتخابات النيابية، والمهمة الثانية إجراء هذه الانتخابات وبالتالي لا يمكن انتظار المعجزات منها وهي ستعمل قدر الإمكان على تجاوز المطبات والملفات المتفجرة السياسية في الحكومة وستركز جهودها على العمل الاقتصادي والمالي والتفاوض مع صندوق النقد الدولي».
وتحدث ميقاتي بعد خروجه من لقاء عون حيث اغرورقت عيناه بالدموع وقال: «الوضع صعب ويجب أن نضع يدنا في يد بعضنا ولا شيء كاملاً ولكن نؤكد أننا سنكون فريق عمل بيد واحدة وسنعمل بأمل وعزم». وأضاف: «أعد اللبنانيين أنني سأتصل بكل الهيئات الدولية لتأمين أبسط أمور الحياة. سنعمل بمبدأ وطني ولسنا مع فئة ضد فئة ولن أفوّت فرصة لدقّ أبواب العالم العربي ويجب أن نصل ما انقطع ولبنان ينتمي إلى هذا العالم العربي وهو فخور بهذا الأمر».
ورداً على الأسئلة، قال ميقاتي: «دمعتي من القلب ويكفينا جدلاً «ثلث وثلثان» ولنترك السياسة جانباً ونريد العمل وورشة العمل ستكون لتأمين الحد الأدنى المطلوب للناس، آمل أن ننهض بهذه الحكومة وأن نوقف على الأقل الانهيار الحاصل وإعادة لبنان إلى عزّه وازدهاره».
مضيفاً «الرئيس عون أكد أنه يتواصل مع تكتل «لبنان القوي» الذي حتماً سيمنح الحكومة الثقة، والتواصل مع رؤساء الحكومات السابقين مستمر وهم أعطوني ثقتهم وأنا أقوم بما يمليه عليّ ضميري والمهم عندهم تشكيل الحكومة وأتعهّد بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها، وهناك نيّة لديّ بإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية أيضاً في موعدها في 8 أيار».
وقال ميقاتي: هناك خطوات ستقوم بها الحكومة في أسرع وقت لإنقاذ البلد وفي ما يتعلق برفع الدعم «نحن منشفين»، ولا رغبة لدينا برفع الدعم لكن لا أموال للاستمرار به».
وتضم التشكيلة الحكومية 24 وزيراً بينهم امرأة واحدة على النحو الآتي: محمد نجيب ميقاتي رئيساً لمجلس الوزراء، سعادة الشامي نائباً لرئيس مجلس الوزراء، بسام مولوي وزيراً للداخلية والبلديات، يوسف خليل وزيراً للمالية، عبدالله أبو حبيب وزيراً للخارجية والمغتربين، وليد فياض وزيراً للطاقة والمياه، جوني قرم وزيراً للاتصالات، عباس الحلبي وزيراً للتربية والتعليم العالي، هنري خوري وزيراً للعدل، موريس سليم وزيراً للدفاع الوطني، علي حمية وزيراً للأشغال العامة والنقل، فراس الأبيض وزيراً للصحة العامة، هيكتور حجار وزيراً للشؤون الاجتماعية، ناصر ياسين وزيراً للبيئة، مصطفى بيرم وزيراً للعمل، أمين سلام وزيراً للاقتصاد والتجارة، وليد نصار وزيراً للسياحة، عباس الحاج حسن وزيراً للزراعة، محمد وسام مرتضى وزيراً للثقافة، جورج دباكيان وزيراً للصناعة، نجلا رياشي وزيرة دولة لشؤون التنمية الإدارية، جورج قرداحي وزيراً للإعلام، عصام شرف الدين وزيراً للمهجرين، جورج كلاس وزيراً للشباب والرياضة.
وفيما تحدّثت بعض المعلومات عن نيل هذا الفريق أو ذاك الثلث المعطل، أوضحت أنّ مصادر ميقاتي أنّ الحكومة ليس فيها ثلث معطل لأحد، مفضلة تجاوز هذه الشكليات والدخول إلى ميدان العمل كفريق حكومي واحد لإنقاذ البلد من أزماته.
وسبق إعلان ولادة الحكومة اتصال جرى بين ميقاتي ورئيس الجمهورية تم خلاله الاتفاق على أن يزور الرئيس المكلف قصر بعبدا مباشرة بعد أداء صلاة الجمعة. وقال ميقاتي الذي أدى الصلاة في الجامع العمري الكبير، إن التشكيلة ستعلن بعد الظهر (أمس) وإن ليس فيها ثلث معطل. ورداً على سؤال قال: «المهم ثقة الناس وأن يتكاتف جميع اللبنانيين في سبيل إعادة الكيان للدولة اللبنانية. الدولة القوية هي لمصلحة الجميع وهذا ما نسعى إليه». وعن التحديات التي ستواجه الحكومة والتضامن بين أعضائها قال: «سبق وقلت إنني لا أشكل حكومة بل وضعت فريق عمل في خدمة لبنان|.
وقالت مصادر مطلعة لـ»البناء» إنه «منذ استقالة الرئيس سعد الحريري وتكليف الرئيس ميقاتي كان الأخير يحظى بدعم فرنسي كبير ووعود بسعي فرنسي مع القوى المؤثرة في الساحة اللبنانية، لا سيما الولايات المتحدة الأميركية وإيران، ولذلك دخلت فرنسا على الخط بقوة في الأيام الأخيرة وحصلت اتصالات واسعة مع طهران تمثلت بالاتصال بين الرئيسين الفرنسي والإيراني وتواصل فرنسي مع واشنطن فضلاً عن محادثات روسية – أميركية في الشأن اللبناني على هامش زيارة المبعوث الأميركي روبرت مالي إلى موسكو»، ولفتت إلى أن «الحكومة اللبنانية جاءت في إطار تسوية بين القوى الخارجية الفاعلة على الساحة الداخلية بعد الوصول إلى نقطة تقاطع بين هذه الدول وهي حماية الاستقرار الأمني في لبنان والحؤول دون الانزلاق إلى الانفجار الاجتماعي وبالتالي الأمني الشامل، ما يهدد مصالح مختلف الأطراف في لبنان والمنطقة»، مضيفة: «كما أن الحكومة ولدت نتيجة توازن إيجابي بين القوى الطائفية والسياسية في لبنان، لا سيما فريق العهد وحلفائه من جهة وفرق نادي رؤساء الحكومات السابقين وتيار المستقبل والقوى المعارضة للتيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية». لذلك تتابع المصادر أنها جاءت لتحقق التوازن الخارجي والداخلي إلى حد ما علماً أن التراجع الأميركي كان واضحاً لجهة تسهيل إعادة تفعيل خط الغاز والنفط العربي إلى لبنان عبر سورية والإفراج عن الحكومة».
وأكد رئيس الجمهورية أن «الحكومة ستبدأ بمعالجة هموم اللبنانيين وهي أفضل ما توصلنا إليه». وأضاف في حديث صحافي: «نحن نعيش بحصار بسبب النزوح والعقوبات، سنخرج من جهنّم وسنصعد من الهوّة الموجودين فيها.»
وعن العلاقة مع سورية، قال عون: «العلاقة مع سورية حتميّة».
وقال وزير المال يوسف خليل في تصريح إن «مصرف لبنان يعني لي الكثير وأنجزنا الكثير عبر الزمن، وأنا لا أشارك بوضع الخطط، وهذه هيكلية أساسية بمصرف لبنان وأغلبية المصارف المركزية في العالم، أنا مدير تنفيذي ولا أُشارك في وضع خطة».
أما وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي فلفت في تصريح أننا «سنكون جاهزين لإجراء كافة الاستحقاقات التي تنتظرها البلاد لا سيما الاستحقاق الانتخابي»، وقال: «من خلال مسيرتي القضائية السابقة قمت بعملي من دون أن أُحسب على طرف محدّد وعملي في الوزارة سيكون على النهج نفسه».
ولفتت أوساط سياسية لـ»البناء» إلى أن «المصالح والضغوط الأميركية كانت السبب الأساسي في تأخير عملية تأليف الحكومة منذ استقالة حكومة الرئيس دياب، وذلك بأساليب وأدوات سياسية ومالية وأمنية داخلية متعددة، بهدف تحقيق أهداف عدة في إطار الصراع مع إيران وحزب الله ومحور المقاومة، لكن صمود المقاومة وحلفها الإقليمي وفشل كل هذه المشاريع والخطط دفع بالأميركيين إلى إعادة النظر بسياستهم تجاه لبنان، وتم حسم مسألة تأليف الحكومة في لبنان منذ إعلان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله انطلاق قافلة سفن النفط الإيراني إلى لبنان والإعلان عن استعداد شركة إيرانية للتنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية اللبنانية، مرفقاً بتهديد عسكري حاسم بالرد على استهداف البواخر، ما دفع بالأميركيين إلى الإسراع بفك أسر خط الغاز العربي إلى لبنان، وفك أسر الحكومة لقطع الطريق على تنامي النفوذ الاقتصادي الإيراني في لبنان والمتوسط عبر حزب الله».
وفي سياق متصل قال نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم إن «التحوّلات التي حصلت في لبنان هي النقيض التام للمشروع الأميركي – الإسرائيلي». وخلال كلمة له في الملتقى العربي «متحدون من أجل لبنان المقاوم للحصار والاحتكار والفساد»، قال قاسم: «لقد أصابت بواخر المازوت مقتلاً أميركياً وفاجأهم أن يتجاوز لبنان الحصار بتأمين هذه المادة الحيوية». وأكد أن «بواخر المازوت إنجازٌ سياسي واجتماعي وأخلاقي في مقابل ظلم أميركا وجرائمها بحق البشرية». وأضاف: «سنواجه الحصار الأميركي كما واجهنا الاحتلال الإسرائيلي، بالأساليب المناسبة». وأكد أن «الدعوة إلى التكامل العربي، خصوصاً بالنسبة إلى الدول المجاورة، وإلى التوجه شرقاً، ونحن نرحب بأي دعمٍ غير مشروط». وتابع «يجب العمل على إصلاح القضاء وتأمين الحماية له من الفاسدين… ويجب أن تكون آليات المحاسبة واضحة وشفافة».
وانعكس مناخ التأليف إيجاباً على سعر صرف الدولار الذي سجل انخفاضاً تدريجياً ملحوظاً عن ساعات الصباح ووصل الى 14500 ليرة للدولار الواحد بعد إعلان ولادة الحكومة.
وفيما دعت مصادر سياسية إلى ترقب الموقف الدولي والأميركي – الخليجي تحديداً من حكومة ميقاتي ومدى الانفتاح عليها وتقديم الدعم المالي لها في عملية الانقاذ، سجل أول موقف خارجي من الاتحاد الأوروبي حيث أعلن مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد «أن تشكيل الحكومة اللبنانية هو مفتاح معالجة الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي يعاني منها لبنان».
وقال الرئيس ماكرون «على الساسة اللبنانيين الوفاء بالالتزامات الضرورية لإجراء الإصلاحات التي تسمح للمجتمع الدولي بتقديم المساعدات للبنان.»
وأضاف «نرحب بتأليف الحكومة الحكومة اللبنانية وهي خطوة لا غنى عنها.»
وأعلنت الخارجية المصرية أنه «لا بد من إفساح المجال أمام الحكومة اللبنانية الجديدة لتحقيق أهدافها وإخراج لبنان من أزمته وفقاً لصلاحياتها الدستورية».
وفي المواقف الداخلية هنأ رئيس الحكومة السابق حسان دياب اللبنانيين بتشكيل الحكومة الجديدة متنمياً لها النجاح في المهمة التي ستتصدى لها، وذلك بعد تلقيه اتصالين من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة الجديد لشكره على تعاونه خلال رئاسته للحكومة في الفترة السابقة.
بدوره قال الحريري على «تويتر»: «أخيراً، وبعد 12 شهراً من الفراغ، بات لبلدنا حكومة. كل الدعم لدولة الرئيس ميقاتي في المهمة الحيوية لوقف الانهيار وإطلاق الإصلاحات».
وأكد رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط «أن المطلوب الآن ورشة عمل واختصار التبريكات بولادة الحكومة، والعمل على التفاوض الجدّي مع البنك الدولي وصندوق النقد والاستفادة من العرض الأردني لاستجرار الكهرباء». وأشار إلى «أن هذه الحكومة جاءت ثمرة جهود مضنية ومرهقة، لكن لا ننسى المبادرة الفرنسية».
وحمّل باسيل الحريري مسؤولية التأخير بتأليف الحكومة من دون أن يسمّيه بقوله عبر «تويتر»: «سنة تأخير للأسف كانت وفّرت على اللبنانيين كتير من الألم. منتأمل نكون تعلّمنا احترام الدستور، وأنو ما بيجوز الرهان على كسر حدا. منتمنى من الحكومة الجديدة ما تتأخّر بالإصلاح، تأخّرنا كفاية، لظهرت الحقيقة اليوم».