طوني فرنسيس-نداء الوطن
تتشكّل الحكومة وتصدر مراسيمها عندما تلوح جهنم في الأفق واضحةً وصريحة.
صحيح ان اللبنانيين هم في الطريق اليها منذ عامين، لكن شروط تحقّق الوصول اليها لا تزال قيد التنفيذ.
معنى ذلك ان حكومة النجيب لن تولد مهما كثرت الوعود باقتراب ولادتها. ومعناه ايضاً انه على أهمية العقد المتداولة عن توزيع الحقائب والثلث المعطّل وما الى ذلك من فذلكات في جعبة المتعاطين، فإن وقائع اخرى تجعل الجميع يتريث، بانتظار إكتمال هذه الوقائع ليبني صاحب السلطة الفعلية على الشيء مقتضاه في النهاية.
سينتظر صاحب القرار هذا اتمام برنامج الإفقار العام حتى يُفرج عن حكومة تدير البؤس الشامل، لكن في شروط سياسية ملائمة تبرّر الحديث عن الانتصار التاريخي.
ومعالم البؤس الشامل ارتسمت منذ نهاية 2019 لدى احتجاز مدخرات المواطنين وإفساح المجال امام الأثرياء السياسيين من اصحاب النفوذ لتهريب اموالهم، ثم لدى انهيار العملة الوطنية والصعود الصاروخي للدولار، ثم لدى فقدان المواد الحيوية من غذاء وشراب وأدوية ومحروقات، وانتعاش مجموعات التهريب والتخزين والاحتكار… وانضمامها الطبيعي الى مجموعات الضغط على القضاء لمنع الوصول الى الحقيقة في انفجار المرفأ، ثم تكالب هؤلاء جميعاً على ما تبقّى من اموال المودعين لصرفها خدمةً لتعزيز ثرواتهم وصولاً الى وقف الدعم واطلاق الاسعار، فيما الناس على حضيض ليرة لم تعد تساوي قرشاً.
خلال شهرٍ من الآن، وربما أقّل، لن يكون في مقدور اللبنانيين تلبية حاجاتهم الأولية. سينتهي الدعم وهم بلا كهرباء ولا ماء ولا غذاء ولا ادوية. سيوعدون ببطاقة تمويلية للإعاشة كما في زمن كوارث القرن الماضي، وسيرتفع دولارهم الى حدود قصوى، فتلامس ليرتهم قيمة التومان الايراني، وتمتنع عليهم قدرة الشراء والحركة، لتتحوّل الهجرة مساراً الزامياً لمن وجد اليها سبيلاً.
لكن آفاقاً من نوعٍ جديد ستنفتح امامهم.
ستكون العلاقة مع نظام الاسد بدايةً لحل مشكلات تيارهم، واميركا التي قد لا تمانع في تولي المطلوب لديها بعشرة ملايين دولار، سراج الدين حقاني، وزارة الداخلية في افغانستان، لن تعطي بالاً للواردة اسماؤهم على لوائح عقوباتها في لبنان، فيما اذا صاروا وزراء او حكموا البلد.
انه رهان فريق السلطة بالتمام والكمال. فليكتمل الإفقار والالتحاق بمعسكر الاسد والبواخر الايرانية والسياسة اللهيانية في زمن حسان دياب، وبعد ذلك تأتي حكومة الوعد بالإنقاذ، بنجيب ميقاتي أو بغيره.