خاص “لبنان 24″
هل إتُخذ في مكان ما القرار بضرب ما تبقى من مقومات بنيان الدولة للوصول الى انهيارها بكامل مؤسساتها وقطاعاتها؟
السؤال ليس فيه مبالغة على الاطلاق اذا اطلعنا فقط على ما يحصل في مرفأ ومطار بيروت، وهما الشريانان الاساسيان للدولة.
القصة بدأت قبل عشرة أيام، عندما ادعى المحامي العام التمييزي بالتكليف القاضي جان طنوس على خمسة موظفين في الجمارك بتهمة التلاعب بالنظام الجمركي الالكتروني لتمرير بضائع ينبغي التصريح عنها على انها معفاة وذلك لقاء رشوة مالية يتم تقاسمها لاحقا او مسبقا .وقد حضر الى التحقيق اربعة من المدعى عليهم في حين تغيب الخامس، وهو رئيس المركز، قبل مثوله امام القاضي لاسباب مرضية وتوفي لاحقا.
وطلب القاضي طنوس توقيف الاربعة وإحالتهم على قاضي التحقيق الأول شربل ابو سمرا . كما طلب الحجز على أموالهم وتجميد حساباتهم وأصدر قراراً بمنعهم من دخول أي مركز للجمارك ريثما تنتهي المحاكمة. لكن القاضي أبو سمرا ، الذي حقق مع الاربعة اضافة الى عضو خامس كان اوقفه بدوره، قرر أمس اخلاء سبيل الموقوفين الخمسة”.
كل ما سبق هو مسار قضائي وقانوني لا شأن لنا في تفاصيله، لكن المسألة اتخذت بعدا آخر عندما حصل توقف مفاجئ وشبه كامل للعمل بالنظام الآلي في الجمارك، مما حال دون تمكن شركات الشحن من إخراج بضائعها من المطار.
ويتردد في اوساط مخلصي البضائع ان الموظفين في قسم تكنولوجيا المعلومات في مركز تخليص البضائع رفضوا إعطاء الرقم السري للمحقق ليتمكن من الدخول الى النظام الالي للحصول على مزيد من المعلومات.
ويقول مصدر مطلع “ان النظام الجمركي يعتمد اللونين الأحمر والأخضر ، الأحمر معناه ان ما في حوزة المسافر يفترض التأكد منه ومشتبه به، والأخضر أن مرور البضاعة مسموح”.
اضاف” تبين ان المشتبه بهم أنكروا التهم الموجهة إليهم لكن القاضي طنوس لم يقتنع بأجوبتهم، فأرسل وراء ضابط تقني في فرع المعلومات عمل على الإتصالات، افاد بالتواريخ والتوقيت عن كيفية دخول هؤلاء الموظفين إلى نظام إدارة العمليات الجمركية والتلاعب بالبيانات” .
القصة ذاتها في مرفأ بيروت
منذ انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب ٢٠٢٠، والدمار الذي اصاب مركز الجمارك، باتت كل المعاملات الجمركية تنفذ في مركز الجمارك في المطار، كاجراء مؤقت، الى حين اعادة تجهيز مرفأ المرفأ.
وعلى هذا الاساس فان توقف العمل “القسري” بالنظام الآلي في جمارك المطار ادى تلقائيا الى توقف العمل بمركز جمارك المرفأ، وبالتالي الى توقف عملية تخليص البضائع بشكل كامل، فلا البضائع المنوي تصديرها يمكن تخليص معاملاتها الجمركية، ولا البضائع المستوردة يمكن تخليص معاملاتها الجمركية لإخراجها من حرم المرفأ.
وما زاد الطين بلة ” ان إضراب موظفي الشركة المشغّلة لمحطة الحاويات في مرفأ بيروت BCTC مستمر لليوم الثالث على التوالي، احتجاجاً على الوضع المعيشي المتأزم الذي يعيشونه، ما أدّى إلى إعاقة عملية تفريغ الحاويات من البواخر وتسليم البضائع لأصحابها، مما يؤثر على الحركة الاقتصادية برمتها، بخاصة منها القطاع الصحي والغذائي. كما أدّى إلى زحمة للشاحنات المنتظرة لنقل البضائع عند مداخل المرفأ.
وانطلاقاً من هذا الواقع، أصدرت نقابة مستوردي المواد الغذائية بيانا أمس قالت فيه إنه «في ضوء التوقف الكلي للعمل في مرفأ بيروت، من جراء تعطيل نظام نجم الجمركي وتوقف العمل في الشركة المشغلة للحاويات (BCTC)، فإن الأوضاع في المرفأ تنذر بكارثة غذائية كبيرة وخسائر فادحة ستتكبدها شركات القطاع الخاص».
وإذ طالبت بـ«ضرورة بذل كل الجهود من جميع المسؤولين وعلى مختلف مستوياتهم لإعادة تشغيل المرفأ وفتح قنوات التصدير والاستيراد»، أبدت «تخوفها من أن يؤدي الواقع الحالي إلى خنق الدورة التجارية كلياً مع الخارج، لا سيما بالنسبة للمواد الغذائية، وكذلك توقف الإمدادات الغذائية من المرفأ باتجاه مخازن المستوردين وبالتالي إلى الأسواق، وهذا أخطر ما يمكن أن يواجهه الأمن الغذائي على الإطلاق».